الوحدة 4-1-2022
جارنا في الحيّ بلغ من الكبر تسعين من السّنين و نيّف. أكثر ما يثير انتباهي في حديثه الاعتياديّ أنّه يقسم (بشبابه)، فهو ما فتئ يتمسّك بالحياة بكلّ ما أوتي من الشّكيمة و العزم. يرفض الاستسلام للشّيخوخة بوافر العناد. في المقابل أجد شباب اليوم، الّذين جاوزوا الثّلاثين قد لاحت على وجوهم، و بانت في نظراتهم علامات الكبر و الزّهد في الحياة.. يبست أرواحهم أو تكاد بعد سنين الحرب العجاف. حرب سرقت أحلامهم و عطر شبابهم. أيّ حزن، و أيّ قهر واجم قد استبدّ بهذا الشّباب الطّيّب؟! لن أسترسل في كتابة مزيد من الكلمات الحزينة، المتعبة، بالرّغم من أنّ الكتابة تبقى أسمى الدّروب إلى البوح و التّخفيف عمّا يعتمل في الصّدور بعد الدّموع. وحده الأمل يجعلنا على قيد البقاء.. أمل خارج المواقيت.. خارج الجهات، يبقينا على لائحة الانتظار إلى أجل غير مسمّى. رجائي من الأقدار أن تقيّض لهذه الأجيال قلوباً نابضة بالحياة، مفعمة بالأمل… بعض من حياة.. بعض من أمل.
نور محمد حاتم