الوحدة:13-12-2021
من منا لم يمر بلحظات عصيبة.. تنكّر صديق وغياب حبيب، من منا لم يصادف مطبات كثيرة جعلته يعيد ترتيب أولوياته بمن حوله.. من منا لم تضع الحياة عصيها في عجلاته كل ما سبق مررنا به واحتجنا لكلمات مؤازرة سواء كان من كتاب مفيد او من طبيب أو غيره؟
د. حنا عيلان يحدثنا عن تفاصيل غابت عن أغلبنا.. بدأ الدكتور عيلان حديثه:
إن الشخص الذي يعتبر أن شمس السعادة تغرب من سماء حياتنا إذا قست قلوبنا وجفت مشاعرنا وقل عطاؤنا فهو على حق، عندما تصبح الحياة لا قيمة لها ويعم الضياع وتحتل الكآبة الجزء الأكبر من حياتنا ويسيطر الخوف والقلق غير المعقول والتردد غير الواقعي علينا ويصاحب ذلك الخوف انفعالاً لا شعورياً تجاه الأشياء التي نخاف منها فنشعر كأنّنا أشخاص مهددين ومرعوبين دائماً، هنا يبدأ التشكك في نيّات الآخرين بسبب عدم الثقة بالنفس ,وبالتالي لا يستطيع أن نتقدّم في حياتنا ونقيّم ذاتنا بالتعويل على ذكائنا أو إرادتنا أو استعداداتنا، فنشك في إخلاص الآخرين لنا وحسن تقديرهم للأمور، فلا نحسن الظنّ بهم مطلقاً لما يبدونه لنا من احترام وتقدير لأننا نرى نفسنا غير جديرين بذلك فنتصور تلك الأمور خديعة يخدعوننا بها استمالة لقلبنا أو لشيء آخر.
وتابع قائلاً: أما الشخص الذي يحب حباً شديداً ويبغض بغضاً شديداً ولا يترك مسافة يمكن من خلالها تصحيح مواقفه تجاه الناس قد يعيش حالة الاضطراب الوجداني وتقلب الحالات المزاجية المتباينة وقد يبدر منه الندم على مواقفه السابقة فيشعر بالكآبة والغضب ، وربما يؤدي به الحال إلى إيذاء نفسه أو إيذاء الآخرين من حوله أو يعمد إلى تحطيم بعض الحاجات المنزلية أو كسر الزجاج تعبيراً عن ندمه وإحساسه بخيبة الأمل أو يمكن أن يعيش في حالة رفض لعوامل التطور والعجز عن تعديل السلوك أو يمكن أن يعيش في ظل عادات اجتماعية جامدة متحجرة لا تقبل التعديل حيث يخشى أن يضع نفسه تحت مجهر النقد الذاتي واكتشاف العيوب، ويحاول ألا يعترف بالخطأ حتى أمام نفسه، فهو لا يملك الثقة بالنفس ولا يقر بإمكانياته وطاقاته لأنّه يشعر بالدونية والعجز عن تعديل سلوكياته وعاداته وأحياناً قد يضطر إلى استعمال منهج العدوانية أو الخنوع لشعوره بالنقص وبالأخص عندما يتجسّد الموقف العدواني فيه عندما يحيطون به أشخاصاً أقلّ منه شأناً أو يخضعون لإمرته فيعمد إلى الضرب والشتم والعقوبة ، أو عندما يتجسّد الخنوع وقبول الذلّة والمهانة حين يحيطون به أشخاص أقوى منه أو أعلى شأناً فيسيطر عليه الخوف والجبن ويستسلم للآخر متقبلاً كل أنواع الانتقاص والظلم والاستهزاء وهذا يعود سببه إلى عدم وضوح الرؤية والأهداف في الحياة ولهذا فهو شخصية لا تعرف لماذا تعيش ؟ ولم تحدّد أهدافها في الحياة فربما يعمد إلى إصدار أحكام متناقضة في قضية اجتماعية واحدة تبعاً لظروف المجتمع الذي يحيط به مما يعيش حالة تخبط في اختيار الأهداف ولن يستطيع تحديّدها بوضوح ولهذا سيعيش بالفوضى والتشتت الفكري وعندئذٍ لن يشعر بطعم الحياة لأنّه لا يسعى لتحقيق شيء في حياته .
وفحوى القول : لا تعاتب أحداً على قلة الاهتمام لان الاهتمام الذي يأتي بعد العتاب مجرد مجاملة ، ولهذا لا تسمح لاحد ان يضمن قلبك لأنه إذا ضمن قلبك سيضمن طيبتك وإذا ضمن طيبتك سيؤذيك بلا رحمة.
وختم د. عيلان حديثه:
إن بعض المزاجين يصورون الواقع هكذا والبعض الآخر يتصف بالاتزان ويقدر الأمور ويحترم مكانته وذاته ويوازن ما بين ما هو مفيد وما هو ضار ومؤذ لنفوس البشر في مجتمعنا.
نرجس وطفة