الوحدة 7-12-2021
في عام ١٩٧٦ قدّم الفنانان الراحلان سلوى قطريب وملحم بركات مسرحية الأميرة زمرد وهي مسرحية غنائية تجسد الحال الهزيل الذي وصل العرب إليه أيام الاحتلال العثماني، تعود زمرد إلى قريتها بعد طول غياب تريد أن تسكن في أرضها التي ورثتها عن أبيها لتجد أن أرضها قد تناهبتها أطماع شيخ المنطقة والوالي العثماني بينما يمارس سكان المنطقة طقوس التمجيد والتعظيم للوالي العثماني ولكل من تربطه به أدنى صلة، فتغني زمرد سائلة عن الرجولة والرجال، عن البطولة والأبطال:
قولولي وينن يا ناسيين
وين الرجال الصامدين
سألت عنهم على الطريق
دقيت على باب العتيق
لاجاوبوني لا قالوا مين
تخمين تعبوا من السنين
قلولي وينن يا ناسيين
وين البطولة وين الرجال
وين اللي كانوا يهدوا الجبال
ولما الشمس تبهي الصباح
يلفوها عاروس الرماح
شقوا البحر هدوا الرياح
وين الرجال الصامدين
قولولي وينن ياناسيين
وين الصبايا وين الشباب
وين اللي بليالي الضباب
علّو على أعلى السحاب
تيكتبو بحرف الزمان
عالشمس كلمة عنفوان
قولولي وينن يا ناسيين.
نفتش بين كلمات الأغنية عن واقع حالنا اليوم ونحن نلعق جراح عقدٍ من الحرب، جبهات النار والبارود على امتداد تراب الوطن ما نقصها يوماً وقود الرجال وحمأة البطولة، لم يبخل الصبايا والشباب بدمائهم التي كتبوا فيها على شمس الوطن كلمة عنفوانهم وعنوان صمودهم في وجه الوالي العثماني الجديد وأذنابه من أصحاب اللحى ورافعي الرايات السود وتراب الوطن المخضب بنسغ تضحياتهم شاهد على أساطير بطولتهم و فدائهم.
خلف خطوط القتال وقف الشعب وقوف السنديان صامداً صمود الراسيات أثبت أنه شعب قادرٌ على غزل شعاع الشمس بأسنة الرماح، ومع ذلك تزداد المعاناة المعاشية يوماً بعد يوم فقط لأن ثلةً من ضعاف النفوس ودناة الضمير تعيث فساداً وإفساداً لأن في ذلك تحقيق لمصالحها الضيقة، عند هذه العقدة تتجذر الحاجة إلى أن يكون القائمون على الأمور وأصحاب القرار والتنفيذ في هذا البلد على قدر المسؤولية والائتمان، هؤلاء نحيلهم إلى أغنية سلوى قطريب ونطالبهم أن يكونوا رجالاً ونطالب الرجال منهم أن يكونوا أبطالاً، لا نطالبهم أن يكونوا قرابين شهادة وفداء كما فعل رجال الوطن على خطوط النار، نطالبهم فقط أن يكونوا رجالاً في مواقع المسؤولية، لانريد منهم أن يلفوا الشمس على رؤوس الرماح كما قالت زمرد، نريدهم فقط عند غياب الشمس أن يلفوا محركات التوليد بما يضمن مجيئ التيار الكهربائي لساعتين متواصلتين على الأقل. لا نريد منهم أن يكتبوا بحروف الزمان على الشمس كلمة عنفوان، نريدهم فقط أن يكتبوا بحبر أقلامهم على مواد الأسواق أسعاراً لا يتجرأ حيتان الاحتكار والغلاء الفاحش تجاوزها. لانريد منهم أن يشقوا البحر، نريد منهم فقط صيانة طرقات شقتها قبلهم أجيال من زنود الوطن، مانريده من أصحاب القرار والقائمين على الأمور في الوطن الجريح ليس مطالباً، إنها بعض الحقوق ولكن…قولولي وينن.
شروق ضاهر