الوحدة : 25-11-2021
لطالما كان التفوق أو النجاح المطلب الاجتماعي والتربوي الذي نحرص عليه ونسعى بكل إمكانياتنا إلى تحقيقه عند أطفالنا على اختلاف مراحلهم الدراسية والعمرية، لكن معظم الدراسات التربوية الحديثة باتت ترفض في نتائجها وتوصياتها هذا الحرص من الأهل والمربين عامة على المطالبة بالدرجات التامة والسلوك المثالي في جميع المجالات دون الأخذ بعين الاعتبار مؤهلات أطفالهم ومدى القدرات العقلية والمهارات التي يتمتعون بها، فالتفوق له خطواته المدروسة التي يضعها الطالب نصب عينيه منذ بدء الدراسة، ثم يأتي دور الأسرة في تحفيز المنافسة الإيجابية التي تعد أساساً لأي تفوق، ولا نغفل الدور الأكبر لتكامل الجهود بين جهات عدة، أبرزها الدافع الذاتي عند الطالب نفسه ودور الأسرة والكادر التدريسي والإداري في تحقيق هذا التفوق.
جريدة الوحدة قامت باستطلاع آراء متعددة لأهل ولأطفالٍ اختاروا المنافسة وسعوا إليها لإبراز تفوقهم وتميزهم، من أجل الكشف عن دور كل من هذه الجهات في دفع الأبناء نحو المنافسة لتحقيق أهدافهم العلمية دراسياً أولاً ومن ثم تميزهم في أحد ميادين الحياة ثانياً.
تربوياً، حدثنا السيد رضوان نعماني، ماجستير تربية وعلم نفس قائلاً: توصي الدراسات التربوية النفسية الحديثة بعدم وضع قالب جاهز ونموذجي يفصله الأهل على مقاسات معيارية ترفض كل لقب يطلق على أطفالهم بعيداً عن لقب دكتور أو مهندس أو عالم باختصاص رفيع المستوى، وهذه الدراسات غالباً ما ترفض تكريس القوالب الجاهزة لاحتواء آمال وطموحات تنحصر فقط في درجة عالية لامتحان لا يقيس مدى ذكائهم وقدراتهم بقدر ما يقيس مهارات مؤقتة للحفظ بطريقة ببغائية تعتمد البصم والقدرة على نقل محتويات المناهج حرفياً دون إفساح المجال لأي بصمة واضحة لشخصية هؤلاء الأطفال.
عن روح المنافسة الإيجابية ودور الأهل في تعميقها كعامل هام في العملية التعليمية قالت السيدة سامية رسلان، أم لطالبين في المرحلة الإعدادية: دورنا كأهل لا يقتصر على المتابعة فقط بل يتعداها إلى توفير كافة السبل لتفوق أطفالنا وتحقيق أهدافهم، ويلعب التنافس ما بين الطلاب دوراً إيجابياً للحصول على المرتبة الأولى إلا أنه وفي بعض الأحيان يترك أثراً سلبياً في نفسية بعض الطلاب، فالبعض منهم يصاب بحالة من الاهتمام الزائد في الدراسة والخوف الشديد من خسارة الدرجات، وآخر لا يتعاون مع زملائه خشية من أن يتميزوا عليه، وهذا ما يتطلب من الأهل الانتباه إلى سلوك أطفالهم ومستواهم الدراسي وتوجيههم نحو التركيز والمثابرة للوصول إلى لقب الأول على الصف بجدارة.
الصديقة غادة ميكائيل، الصف السابع قالت: إن التنافس الإيجابي يدفع الطالب لكي يقدم الأفضل دائماً داخل الصف ويقودنا نحو التفوق جميعاً بعيداً عن الأنانية، فالتنافس الإيجابي في الدراسة يرفع من مستوى الطالب ويساعده على مواجهة الصعوبات وحتى لو كنا في المركز الثاني أو الثالث فإننا نكسب بعض الأمور الإيجابية التي تعلمنا كيفية النجاح وتؤدي إلى التفوق واكتساب المهارات الدراسية، كما أن للمعلم الدور الكبير في زيادة الاهتمام لدى الطلاب في تحقيق الأفضل وذلك عن طريق المسابقات أو تقديم الجوائز للمتميزين.
الصديق كرم يونس، الصف الثامن قال: إن التنافس موجود لدى الجميع ومن الطبيعي أن يتنافس الطلاب فيما بينهم لنيل المركز الجيد لهم فالتنافس يحث الطلاب لكي يحصدوا مزيداً من الدرجات والتفوق، كما أن التنافس مطلوب في الحياة ككل وليس فقط في الدراسة، وأعتقد أن التنافس داخل الصف له إيجابياته خاصة على الطلاب أصحاب المستوى الضعيف لأنه سيشجعهم لكي يضاعفوا جهودهم، وهذا أمر إيجابي جداً فالتنافس يتيح الفرصة للطلبة المتنافسين أن يتفوقوا جميعاً، كل في مجال هواياته وميوله.
بقي للقول: جميعنا نسعى للنجاح والتفوق في صفوفنا الدراسية، لأن هذا النجاح هو من سيضعنا على طريق المستقبل الذي نطمح إليه، لكن روح المنافسة تبقى الطاقة المحرّكة التي تساعدنا على تحقيق طموحاتنا ومن الواجب علينا كأهل وككادر تربوي وتعليمي التركيز على الجانب الأهم من شخصية أطفالنا وتوجيههم نحو كيفية التعامل السليم مع مقدراتهم ومواهبهم ومهاراتهم وتوعيتهم بأن هذه السمات التي يتمتعون بها لن تتغير مهما كانت مواقعهم ودرجاتهم فالإنسان الذي يعمل بجد واجتهاد هو الذي يعطي المرتبة أهميتها وأن إصراره على التميز سيؤتي ثماره لأن الأساس المتين هو المكون الأهم لأي عمل نقوم به ونطمح لتحقيقه.
فدوى مقوص