الوحدة : 18-11-2021
احتلّت الآثار السورية مكانة مرموقة جدّاً ضمن اللائحة العالمية للآثار، ولا يخفى على أحد التخريب الهمجي الذي تعرّضت له على مدى سنوات الحرب منذ عام2011 فما هو واقعها اليوم، وماذا تبقى منها؟
يجيبنا على هذا السؤال د. بسام جاموس باحث آثار ومدير عام الآثار سابقاً ومختص في هذا المجال لأكثر من أربعة عقود.
بدأ د. جاموس حديثه فقال: خلال الحرب على سورية تعرضت جميع المواقع والأوابد الأثرية السورية لأوحش عمليات القصف والسلب والتدمير الممنهج، وخاصة مناطق الشمال (الجزيرة)، الجنوب(درعا، السويداء، القنيطرة) والشرق (تدمر)، وذلك بدعم من دول حلفاء حدودية في مقدمتها تركيا.
استخدموا خلالها جرافات، وحيل التنقيب غير الشرعية، وانتشرت لصوصية الآثار عبر سرقة أهم المواقع والاتجار بالآثار التي عثروا عليها بعملياتهم الهمجية.
وما زالت أعمال التخريب مستمرة والاتجار بها أيضاً حتى هذه اللحظة.، والعالم يتفرج والمنظّمات المختصة بهذا الشأن اليونيسكو، الإيسيسكو، والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات العالمية المهتمة بالتراث والمختصة بحمايته أثناء النزاع المسلّح ما زالت عاجزة رغم مخالفة القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تنصّ على عدم المساس بالمخزون الثقافي التراثي أثناء النزاع المسلّح وفي مقدمتها معاهدة لاهاي الدولية عام ١٩٥٤.
من خلال جولاتي شاهدت تدمير مدينة تدمر، خاصة معبد (بل) والمسرح التدمري والمدافن الأرضية ونفّذوا أيضاً عدة إعدامات أبرزها إعدام العالم الأثري خالد الأسعد، كما دمّروا موقع صالحية الفرات (دورا أوربوس) وموقع مملكة ماري بدير الزور ومملكة إيبلا في محافظة إدلب قرب سراقب، وموقع تل موزان أوركيش في مدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة.
دمّر الإرهابيون المدن المنسية (المتألّقة في الذاكرة) بين إدلب وحلب والمسجّلة على قائمة التراث العالمي وهي (بارة، سارجيلا، قلعة سمعان، كنيسة قلب لوزة) وأجزاء من قلاع هامة متل قلعة (نجم) في الرقة وقلعة (الحصن) وقلعة فخر الدين المعني الثاني في تدمر، وفي حماة موقع (أفاميا).
وماذا بقي إذن؟
لا نعلم حتى الآن ماذا بقي من الآثار السورية، لكن هناك جهوداُ وتواصلات بين المديرية العامة للآثار والمتاحف مع مديري الآثار في المحافظات، واتصالات مع المنظمات الدولية، كما أن هناك جهوداً من المهتمين والمختصين للمساعدة في معرفة ذلك من خلال التوثيق بالصور أو الكتب، ومن أبرزها كتاب للدكتور مأمون عبد الكريم بعنوان 0الحرب على الآثار السورية) وصّف فيه للمواقع قبل وبعد الحرب.
إيجاد حلول وإعادة تأهيل المواقع المدمّرة يحتاج إلى جهود كبيرة جداً محلية، عربية ودولية لإعادة ألق الحياة لها بعد عودة الأمان الشامل.
وكانت قد عُقِدَت مؤتمرات حول واقع الآثار السورية في لبنان، فرنسا، اليابان وعدة مدن أوروبية وآسيوية محورها التراث السوري العالمي من منطلق أنّ التراث ليس ملكاً لسورية فقط وإنّما ملكاً للبشرية جمعاء، وكون الآثار هي هويّة الأمم ولا يجوز المساس بها إطلاقاً.
هناك أعمال تقوم بها المديرية العامة للآثار والمتاحف منذ سنوات من أعمال ترميمية وتأهيلية في عدة أماكن كقلعة الحصن، المرقب، ووصلوا إلى نتائج مرضية، ولازالت الأعمال مستمرة في مواقع أخرى.
هناك مخطط وجدول زمني لدى المديرية للعمل وللتواصل مع المنظمات الدولية لإعداد البرامج العملية لكل موقع وخاصّة في المدن الآمنة وبالتعاون مع وزارة الثقافة. الجهود مكثفة للتنسيق بين كل الأطراف المعنيّة. ما رأيته أن المديرية العامة للآثار تعمل كخلية نحل من أجل إعداد الترتيبات الكاملة للمواقع، التي بدأت بقسم منها، والمتابعة تدريجياً لكل موقع حسب الخطّة.
مهى الشريقي