قرارات متسرّعة كانت بحاجة إلى دراسة متأنية وعقلانية

الوحدة 16-8-2021

ثمانِ شهور مضت مليئة بالقرارات، حكومية ووزارية، بعضها كان صائباً يصبّ في المصلحة العامة للمواطن، لامست مساحة مهمة من عمله كفرد ضمن دائرة هذا البلد، والبعض الآخر من القرارات كانت ذا طابع إداري وهذا المواطن غير معني بنتائجها أو عواقبها على المستوى الخاص، أمّا وهناك قرارات قد اتُخذت جُزافاً بدون النظر لمصلحة وهي متعدّدة، كان أهمها قرار توطين لقمة العيش وقد سُميت هكذا لأنها حياة الناس وطالما هي متوفّرة فحياة المواطن مستمرة بالنبض، وقد لاقى هذا القرار استهجاناً واسعاً من قبل أغلب شرائح المجتمع، أما القرار التعسّفي الآخر والذي صدر مؤخراً وكانت عدة محافظات سبّاقة إليه هو قرار تحديد أوقات ومواعيد عمل مختلف الفعّاليات التجارية والأسواق والمهن على اختلافها ضمن المحافظة، وقد تم تكليف الوحدات الشرطية بتنفيذ جولات يومية لتنفيذ مضمون هذا القرار ومتابعة التزام الفعّاليات بتعليماته وتنظيم الضبوط الّلازمة بحق المخالفين، ومن شأن هذا القرار زيادة البطالة والاستغناء عن العمّال خلال الفترة المسائية وخاصة لمن يمارس دوامين لإعانة ذويه وبالتالي فقدان أحد مصادر العيش، وقد شدّني قرار إغلاق صالات الأفراح عند الواحدة ليلاً، فإذا شمل حفلات الأعراس فهي دوامة محيّرة بعض الشيء، لأن العروس في هذا الوقت بالكاد تكون قد وصلت من صالون التجميل والتجهيز لتلك السهرة الوردية، علماً أن صالونات التجميل والحلاقة النسائية يُفترض إغلاقها الساعة التاسعة ليلاً، وهذا يدعوا لوقفة أخرى تنسجم مع المعطيات على أرض الواقع وحصر الحفلة بساعات ثلاث قد لا تُلبي طُموح الكثيرين، وعلى المقلب الآخر هناك صفنة طويلة تشبه شريط أحلام سريع يؤكد (بالدلائل) أن اللاذقية مدينة سياحية هي جميلة لأنها تنبض بالحياة ليلاً، جوهر جمالها بشوارعها ومحلاتها المفتوحة حتى الصباح، هل يمكننا تخيّل شوارع الشيخضاهر والأميركان والعنّابة والزراعة والمشروع السابع وغيرهم بحالة إغلاق التاسعة مساءً، هذه الحالات تذكّرنا بمشاهد أفلام الرعب الهوليودية، (شوارع مظلمة ومجرمون زنوج ولصوص يترنّحون بين أزقّة معتمة، يراقبهم هرّ يجلس على طرف حاوية قمامة) وهذه مقاربة شخصية لما سنصل إليه من خلال هذه القرارات الفُجائية بحجّة توفير الطاقة، والحديث يطول عن الضّرر الذي سيصيب قسماً كبيراً من أصحاب الفعّاليات التجارية والصناعية والخدمية، أمّا الحالة التي قد تُستثنى فهي إنسانية تخصّ أصحاب الصيدليات ومنها المناوبون، وأغلب العاملين بهذا المجال هم من الإناث، هل سيتمكنون من الاستمرار بالفتح ضمن شارع طويل غامض الحكايا والظروف خاصة في هذه الأيام، حيث بدأت تداعيات الفقر والحاجة تداهم القسم الكبير من خلق الله الذين يملكون عدداً كبيراً من الأهل والأبناء، وهذا سيصيب المطاعم وروّاد المقاهي وأصحاب تكاسي الأجرة، وحتّى نبّاشي القمامة وأصحابها المتسكّعين أصبحت حاوياتهم خاوية نظراً لتوقف العملية الشرائية لطبقة السهارى بسبب إغلاق مصادر ووقود تلك الجلسات، وبعد هذه الأساليب والمضايقات العلنية ستنتعش حالات السّرقة وما يتبعها وخاصة ضمن الشوارع والأزقّة الخاوية التي كانت مفعمة بالحيوية والنشاط حتى الصباح الباكر، وهذا ضغط آخر على المؤسسات الأمنية التي بدورها ستنال نصيبها من المهام الإضافية الموكلة من حيث تسيير دوريات لمراقبة وتفقّد الوضع العام في المدينة بعد صدور هذه القرارات المستعجلة.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار