http://youtu.be/sQTJCU3Ds3k الوحدة10-8-2021
أن تصل متأخراً خيراً من أن لا تصل أبداً، وهذا حال واقع كرة القدم في منطقة الدريكيش، المدينة الرائدة على مستوى الجمهورية بكرة اليد وباعها الطويل بهذه الّلعبة، حيث رفدت المنتخبات الوطنية على مدى عدة سنوات بخامات مهمة من اللاعبين الذين وضعوا بصمتهم بين أحضان ملاعب كرة اليد، أما اليوم ومع ولادة الملعب الذي لطالما حلُمنا به وأجيال قبلنا وبعدنا، بدأت نسمات كرة القدم تلفح محبّي تلك الكرة في جميع القرى والتجمعات المحيطة بالدريكيش، وبدأت بصمات تضمّد جراحات قديمة قضت سنين وأعوام تحلم بذلك المصنع، كما بدأت ملامح منتجاته تلوح بالأفق من خلال التجمعات العفوية التي تلقّفت هذه المبادرات الأهلية المجتمعية لتُظهر مهارات وإمكانات كانت في نوم عميق.
ملعب الدريكيش الأول الذي نُحت بين تلك الصخور القاسية العنيدة، تحقّق حلم لطالما كان يجري بدماء صبية وشبّان تلك المنطقة المعطاءة، تحققت أحلامنا التي تمزّقت كما تمزّق لحم أجسادنا على ملاعب إسمنتية كملعب مدرسة الشهيد محمد علي مصطفى وقصّة الزحف تحت السور للوصول إلى الاستاد وأرضيته الخشنة، وأخرى بأرضيات صخرية كملعب ضهر قنيبر الصخراوي وكذلك ملعب جبل حمد وحجارته النهرية السوداء داخل وادٍ، الوصول إليه يعتبر إنجاز رياضي بحت، عوارض مرمياه من جذوع أشجار الصفصاف والدلب الثقيل، يقف تحتهم حارس على حافة الخطر المحدق، ينتظر العارضة الطويلة التي تتأرجح محاولة الانفكاك عن شقيقتيها القائمتين، لكن الفعل الإلهي المنقذ يكون حاضراً باستمرار، وبالعَودة إلى ملعب الدريكيش، فإن هناك بعض القرى والتجمعات الكبيرة كانت سبّاقة لهذا الإنجاز، مثل التجمعات التي تحيط بالصفصافة والتي انضوت جميعها تحت رداء ملعب مسقوف من العيار الممتاز يضاهي أقرانه على مستوى البلاد من حيث التنظيم والقدرة الاستيعابية والإمكانيات والتعاون الأهلي مع المنظّمين، وكذلك تجمّع مماثل في منطقة السودا وحصين البحر.
وعلى أرضية ملعب الدريكيش المُحدث بدأت الخطوة ومعها الألف ميل الذي بدأ يكلّل تلك المنطقة بأطياف ضخمة من جماهير متعطّشة لتلوين حياتها بألوان الفرح بعد انحسار شبح الرحيل المقدّس على مذبح الوطن لأبناء تلك الأرض الطيبة.
وعن هذا التحوّل الجذري وولادة الملعب المُنتظر كان لصحيفة الوحدة وِقفة مع الكابتن نورس غريب فأوضح:
ملعب الدريكيش الأول أو (غرين لاند) ملعب سداسي بطول ٤٤م وبعرض ٢٤م أرضيته من العشب الصناعي.
كسَب شعبية كبيرة بزمن قياسي نظراً لتعطّش مدينة الدريكيش لكرة القدم (مالئة الدنيا وشاغلة الناس).
تديره مجموعة من الشباب الأكاديميين الموهوبين المختصين وهم جميعاً خريجي التربية الرياضية، ويضيف الكابتن نورس: الهدف الأول من إنشاء هذا الملعب كان تلبية لرغبات محبّي كرة القدم في هذه المنطقة الكبيرة ريفاً ومدينة، إضافة لتعليم أساسيات الّلعبة الجماهيرية بشكل علمي أكاديمي والاهتمام بالمواهب.. وفي سبيل السّعي وتطبيق هذه الأمنيات والرغبات الأهلية الجامعة فقد تم إنشاء دورات تدريبية ضمّت أكثر من ٨٠ طفلاً توزعوا ضمن فئات البراعم والأشبال والناشئين وقد لاقى هذا استحساناً واسعاً من قبل جميع الأهالي وخاصة أهلي الشُبّان الطموحين، وهذا كله يحتاج إلى لمسة رعاية واهتمام ودعم من قبل المجتمع الأهلي والمعنيين في المنطقة لمواصلة هذا الطريق المعبّد بأحلام النجومية والارتقاء بكرة هذه المنطقة نحو المنافسات المحلية، والانضمام إلى الاتحاد السوري لكرة القدم والوصول إلى سلّم المدرّجات الكبيرة وملاعبها العشبية الحقيقية، بين فُرق مخضرمة تمتلك من الألقاب عديده ومن الجماهير أمواج هدّارة تُساند فرقها في السفر والترحال، وأكد غريب أنه تم إنشاء بطولتين إحداهما لفئة الرجال والثانية لفئة الناشئين على المستوى المحلي كان الحضور الجماهيري لافتاً للغاية، الأمر الذي يؤكد تعطّش هذه المنطقة لتلك الأجواء الحماسية الرائعة.
أمّا عن آراء ورغبات بعض الأهالي فقد أجمعت على أن هذا الملعب أصبح متنفّس ورئة أهالي المنطقة على جميع المستويات والأعمار، فقد أضاف ميّزة أخرى لهذه المدينة وأريافها الكبيرة، من خلال التجمعات العفوية التي تُحدثها نشاطاته بين جميع الأعمار، وخاصة في خِضم الموسم السياحي الحالي، كما أكد البعض أن الدورات التي تمارس صيفاً في الملعب منعت الصبية من التشرّد وهم في ذروة وريعان ولدنتهم، حيث أقصى الكثيرين من الضياع في براثن التدخين والأركيلة والتشرّد بالشوارع وألزمهم حضور الحِصص التدريبية والعمل على تهذيب تصرفاتهم والمحافظة على سلامة أبدانهم، وقد كان هناك مطالبات أهلية بمواصلة العمل على نفس الوتيرة والقيام بتوسيع المنافسات لتشمل جميع الأعمار وخاصة في فصل الصيف والعطلة الانتصافية، كما تمنّى البعص إطلاق المساعدة في تغطية الملعب وإنشاء مدرجات واسعة تستوعب الكم الهائل من الأهالي والمتفرجين وتوسيع دائرة الخدمات حوله.
سليمان حسين