المعلم ..هل يشبه اليوم بالأمس ؟

الوحدة: 18-3-2021

 

رحم الله من قال ( قم للمعلم وفه التبجيل  كاد المعلم أن يكون رسول) هذا في زمانه, فكم لدينا من المعلمين اليوم يشبهون هذا القول أو يمكن أن يقع عليهم ؟  وكل عام وجميعهم بألف خير .

تأتي اليوم غنى واسماعيل من المدرسة وتخبر والدتها بأن المعلمة وزملاءها في الصف خططوا لحفلة الغد ليوم عيد المعلم وعليها أن تدفع ألفين بالإضافة إلى ما جمعته خلال الأسابيع الفائتة كل أسبوع 500ليرة من مصروفها اليومي ووضعته مع عريف الصف, وإسماعيل يطلب من والدته أن تأتي له بملاعق بلاستيكية وأطباق وكاسات لأجل الكاتو وهو ما جاء على 5200 ليرة, تقول والدتهما : إن معلمات الصف هم ذاتهن المعلمات الخصوصيات لولديها ولهن منها شهرياً ما يقارب 30ألف ليرة أي أكثر من نصف راتبها والحال ضيقة تقول : ومع هذا نحاول أن نرضي أولادنا ولا نردهم خائبين في سؤالهم لنا ببعض المال ويكونوا راضين ولو فوق المستطاع فلا يكون زملائهم في الصف أحسن أو أفضل منهما, كما أنه عيد المعلم الذي نكن له كل تقدير واحترام, فليس كل المعلمين مثل بعضهم, فالضمير حي وما زال الخير موجوداً ولو باعتلال. وعيد الأم قادم فلهن أمهات ومعلمات نقول : كل عام وأنتم بخير .

أبو حيدر_ متقاعد وكان محاسباً في  الريجة وقد تجاوز فيه العمر الثمانين قال : لا يشبه الأمس اليوم أبداً, كان في زماننا بيت قديم يجتمع فيه أولاد القرية الصغار ليأتي أستاذنا جابر رحمه الله وكله همة ونشاط في إعطاء القراءة والحساب ولم يكن ليكل أو يمل ولو فل عنا النهار, وكنا له شاكرين وممنونين, وإذا ما خرجنا من بيوتنا للعب أو مساعدة الأهل بشغل ما فالويل لنا إن رآنا الأستاذ في طريقه, وإن صادفنا هذا الأمر الجليل وسعنا له الطريق باحترام وجرينا أمامه نختبئ حتى لا يقع غضبه علينا في صباح الغد إذا اختبرنا بسؤال ودرس ولم نكن حافظين ومتابعين, وقد نلقى عقاباً ثقيلاً من عصا تعلو وتهبط على الأيدي والأبدان ولا أحد من الأهالي يلومه بل يطلب منه الزيادة بقوله (اللحم إلك والعظم إلنا) لكنه مع كل ذلك أذكر تلك الأيام بإعجاب وشوق لقد كانت أياماً جميلة ولم يكن يرضى أن يأخذ منا شيء لا مال ولا هدايا ولو بمناسبة ,ونلنا على يديه (السرتفيكا)وصرنا موظفين ومسؤولين ومنا من خرج لوظيفة في محافظات أخرى وسليمان أصبح أستاذ القرية لكن الأيام وقتها تغيرت وبقيت العصا تلوح في أفق الطلاب لسنوات .

يضحك ابنه علي وهو أب لولدين في المدرسة, هبة صف بكالوريا وتمام صف عاشر ويقول : هذا من زمان يا والدي اليوم الطالب يتمختر أمام أستاذه ويلمسه بطرف عينيه ليلقي السلام عليه أو لا يلقيه, وفي الصف يمكن أن يشاكسه ويعانده ويفتعل مشكلة ليلهي الأستاذ عن الدرس ويفوت الوقت بلا واجبات, فيكون بطل الصف في نظر الزملاء, ولا يستطيع الأستاذ أن يضربه أو يقسو عليه بالكلام فالقانون لصالح الطالب وممنوع ضربه, وحتى والدته عندما تسمع من ولدها لا تستطيع أن تلم نفسها عن التجريح والنيل بذكر الأستاذ بالسباب وتنتظر بفارغ الصبر أن يأتي الصباح لتسرع باستنفار وتصب غضبها على الأستاذ وهي رافضة رفضاً تاماً إلا أن ابنها على صواب وتشكو منه تظلمه في ولدها العتيد وهو ذو النسب والوجه البريء, والأستاذ يحاول أن يلملم الأمر كي لا يقع في شر مصائب الطلاب ومكائدهم ويلطف الجو ويهدئها خوفاً من تظلم الطالب عليه وإلقائه التهم بكذب وافتراء, ولا أقول أو أدعي هذا القول على كل الطلاب بل معظمهم, فالطالب أعده الظالم اليوم لنفسه وأستاذه ويشاركه الأهل دون وعي منهم لما يفعلون, واجب عليهم احترام الأستاذ ليحترمه أولادهم ونحافظ على عاداتنا وما ورثناه من صفات الأهل الحميدة فيكون مجتمعنا معافى وصحيح فلا نقوم الصغير على الكبير ولا الطالب على أستاذه, وكل عام وبلدنا وأهله إن كانوا معلمين وأمهات وغير ذلك بألف خير .

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار