رغد اسليم … بين هندسة الكلمة والهندسة المدنية.. مفارق للروح تبوح

الوحدة : 16-3-2021

 

 

 

تتمايز أصواتنا وتتلون ، تعلي الصوت وتخفض ، لكنها في كل بوح تخبئ بين الجوارح أغنية تتمايل مع الأحلام ، تترجم إيقاعها شغف وشوق وربما تلاق لأنفسنا يرسم ذاك الشروق الذي نعد توقيته. عند زفرة شفافة تغزل شمس بقوس قزح ، ألوانها تصطف عند قصيدة لأنثى عبرت الكلام وكتبته أغنية شجن على ضفاف الحب ، كان ل (رغد اسليم ) نشيد اصطف على بحور القصيدة ، ورغد اسليم في بطاقة تعريفية موجزة هي :” ابنة محافظة ادلب أيقونة والتنوع الجغرافي والتاريخي، ولدت في ادلب المدينة العاشقة الجريحة، درست في مجال الهندسة المدنية قسم الهندسة البيئة وتحصلت على شهادة مساعد مجاز في تعمل كمساعدة مهندس مشرفة على تنفيذ المشاريع الهندسية ،بدأت موهبتها مبكرة منذ المرحلة الابتدائية كتبت أول قصيدة في الصف السابع وألقتها في حفل مدرسي بمناسبة عيد الأم، تعشق القراءة منذ الطفولة فكان الكتاب مرافقها وجليسها، قرأت الكثير من الكتب الفلسفية والدينية والعلمية والأدبية ، صدر لها ديوان خاص وهو الأول بعنوان “شرفة حلم” ، وصدر حديثا ديوانها الثاني “نسائم عودة ” عن دار البلد للنشر والتوزيع في السويداء، شاركت بدواوين حديث الياسمين الثمانية المشتركة وديوان بوح ادرد المشترك العراقي، ومشاركات عديدة أخرى ضمن الدواوين أو الملتقيات و الفعاليات الثقافية في سورية ، ومعها كان لنا هذا الحوار                 : ١- الكلمة هدف لحلم ، ورسم يملأ فراغ الأيام ، الكلمة عنفوان للشجن وشجاعة في بوح ، البوح الشعري عند الأنثى بشكل عام وعند رغد اسليم بشكل خاص ، كيف يستفيق ويسطر رؤاه ؟

 -يستفيق لأجل الحب والحياة والأحلام عند إنصات الذات الشاعرة لصوتها الداخلي عندما يعبر عن قضايا الانسان في قالب شعري سمته البساطة والصدق والشفافية ويسطر رؤاه عندما يطمح ويرنو لارتشاف لذة البوح من خلال سفره في أرجاء الروح والبحث دائما عن مكانة الأنثى الشاعرة التي تليق بكينونتها وأنوثتها وتنبثق من روحها.

 ٢- ما بين هندسة الكلمات في مداها، والهندسة المدنية التي تمتهنينها، كيف تقاربت هاتان الهندستان عندك ؟

 – هندسة الكلمات ترجمان حقيقي للمشاعر التي تمتلك روح الشاعر وتنتابه فيبوح ويفصح عنها بقالب شعري جميل ينثر البهاء من خلاله وعطر الروح وتلك المشاعر الصادقة الجياشة التي تستحوذ على قلب وفكر الشاعر أثناء لحظات ولادة القصيدة ، أما في مجال الهندسة المدنية العمل الهندسي المتقن لا يخلو من لمسات الفن والجمال والذوق ولنقل قد يصل لحد الإبداع عند الوصول لمرحلة الشغف بما نقوم به .فالعمل الهندسي أيضاً هو ترجمان حقيقي لوضع لمسات خاصة من الجمال والذوق في كل مراحل العمل وإنهائه على الشكل المرجو في أبهى حلة وصورة كقصيدة بوح جميلة، وكلاهما يحتاجان إلى تذوق فني عال، فهندسة الحرف تقتضي حسن ترتيب الكلمات و الانسجام بين السطور و المقاطع و هندسة المدن تستوجب نظرة فنية و قدرة على رسم التفاصيل تماما كما نفعل في بناء القصيدة.

٣- الفنون الأدبية كثيرة وعديدة ، لماذا أبحرت مع قوارب الشعر بالذات ؟

– لأن الشعر متنفس الروح وبه أمتطي صهوة الحلم وأمضي إلى حيث يشاء القصيد بكل جنون الشاعر وهذيانه، فالقصيدة هي وطن الروح وخارطة الخيال الواعي ، هي تأشيرة المرور دائما لفؤاد الشاعر الإنسان

. ٤- رسالة مضرجة بالحب- زفرات روح – ألحان الياسمين- نبوءة الضوء- آخر النوايا البيضاء ، وقصائد أخرى عديدة لك لا تحمل ضوءاً ولا نبوءات لفرح ولا حتى لحن واحد للياسمين ، لماذا كل هذا الشجن ؟ وأين اختبأت حيوية وفرح الشباب الذي يحمله عمرك ؟

– أما عن هذا الشجن فكان للحرب وهجرة الديار أثرها الكبير في النفس رغم التمسك دائما بخيوط الحلم واشراقة الأمل الدائمة في العودة ، الشعر شجن وحالة حنين وحزن واشتياق ، من الطبيعي أن يلبس الشعر ألوان الروح ويداعب خمائل النفس، فالشعر صوت الفؤاد وترجمان خلجات الوجدان ، نعم لا أنكر هذا الشجن لكن يبقى للفرح والأمل ألوانه ومساحته الخضراء اليانعة في كثير من القصائد الوجدانية التي تغنت بالحب وعزفت ألوان الوجد دون قيد أو شجن ويبقى هناك أمل بين السطور      

. 5- النوادي والملتقيات والمجموعات الأدبية بمسميات مختلفة والتي تغزو الساحة الأدبية ، كيف تقيمين الإيجابيات وماهي سلبياتها وانت تنتمين وتشاركين في بعضها ؟

 – في الحقيقة المجموعات الأدبية كان لها الدور الكبير الإيجابي الفاعل في تطور الحرف والارتقاء به نحو الأفضل, وهنا يجدر بي ذكر مجموعتي الراقية والرائعة حديث الياسمين ،برعاية مؤسسها الشاعر محمد الدمشقي، حديث الياسمين مدرسة شعرية حقيقية كان لها الأثر الكبير في نجاح وتألق عدد كبير من الشعراء، ومازالت على العهد لكل مريد صادق مع الحرف، وقد أنجزنا العديد من الدواوين المشتركة الخاصة بحديث الياسمين ،والتي شملت عدداً كبيراً من شعراء سورية والوطن العربي، وقمنا بالعديد من الملتقيات الناجحة والحمد لله في دمشق واللاذقية ، السلبيات للأسف وجود بعض المتسلقين في مجال الأدب والشعر ودعمهم وتشجيعهم من قبل البعض ، الأدب رسالة سامية وعلينا جميعا حمايتها والوقوف ضد تيار المجاملات والمحسوبيات والتصفيق الكاذب لما نراه بأم أعيننا من تجاوزات وخداع للأسف

. ٦- في قصيدة ( آخر النوايا البيضاء) تقولين في مقطع منها :” الساعة الآن مئة عام من التواريخ المنسية / الصمت رهيب في اعشاش العصافير/ وقصائد عقيمة بلا ألسنة ” . * هل أصبحت قصائدنا بلا ألسنة ؟ وهل نسيت الساعة ميقاتها الصحيح ؟

 – كان ومازال للكلمة دورها وأثرها البناء الفاعل في المجتمعات .. نعم الشعر ضروري ووظيفته اليوم أكبر من الأمس، ولنا الدور الأكبر في توظيفه بطريقة صحيحة، وأن مرت بنا بعض القصائد العقيمة ستولد بالمقابل آلاف القصائد الايجابية الهدف والقصد والأثر، لن تنسى الساعة ميقاتها الصحيح وإنما ستبقى على قيد الانتظار في ولادة ميقات جديد لكل أمل.

 

٨- الحبّ في قصائدك يحمل قسمات امرأة الوجع الأليم ، أختار مقطع من قصيدتك ( رسالة مضرجة بالحب ) يشابه كل مقطع لامرأة الحب حيث تقولين :” امرأة …/ بلغت من الانتظار ألف وجع /خانها صهيل الوقت/ وأنين الريح “. * امرأة الشرق هذه، لماذا تحمل كل هذا الوجع ؟

 -هذا المقطع يفصح عن الشاعرة بحكم طبيعة الممر الشخصي بمصداقية عالية، كما ويختصر من خلالها كضمير جمعي صورة المرأة المنجرحة بضاغط الميقات العام وضاغط المجتمع الذكوري الخاص ..فهي من حلال ذاتها. تعبرعن بنات جنسها بألم مركب، ولأنها خلقت في مجتمع ذكوري بحت وتربت على العطاء والبذل والتضحية دون مقابل أما وأختا وزوجة وابنة، وكان للحروب والأوضاع الاقتصادية وظروف المعيشة أثرها الكبير لتحمل المزيد من الضغوطات والأوجاع وتمضي بكل قوة وثبات وعزيمة متجاوزة كل العوائق. ٩- (زفرات روح ) قصيدة تحمل الأمل لأحضان الوطن ، تقولين في مقطع منها :” هذي سماء لا يموت نشيدها/ وعبيرها إن لاح بأس يهتف/ “. * الشباب السوري في هذه المرحلة الصعبة الجارحة لسورية ، كيف يتحدى ظرفه ليكمل نشيده ويغنيه للشمس ؟

 -الشباب دائما هم عماد المجتمع وسر نهضته وتقدمه، هم نبراس الأمل وبسمة المستقبل المشرق الواعد ونبض الحياة، والشباب السوري في هذه الأزمة تحدى الصعاب بخطا واثقة تحسب له في كل المجالات، تفوق على نفسه وعلى كل العقبات ومضى في طريق النجاح والعطاء بكل قوة وإشراق ،تحدى ظروفه القاهرة عندما رسم بسمة الأمل تمسك بأحلامه وأهدافه وناضل بكل بسالة للوصول الى مايريد، نعم الشباب السوري تفوق وأبدع وصبر وتحمل الكثير .

سلمى حلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار