العدد: 9307
7-3-2019
مشكلتنا أننا نجيد استخدام الشعارات وإعادة إنتاجها وإفراغها من مضامينها، ونتعب إن لم نقل (نعجز) عن فهمها أو تطبيقها..
(إعمار)، يعني بناء، تشييداً، إنجازاً، ولا نتحدث عن إعمار خاص أو مشروع بعينه، بل (إعمار سورية) وهذا يعني أننا كلّنا معنيّون بهذا الأمر، وأن ثماره ستكون لنا جميعاً، ولأننا راغبون بالمشاركة نبحث عن دورنا ونطالب أن يُسمح لنا بذلك، ولأننا ننتظر حصّتنا من ثمار هذا الإعمار فمن حقّ أي شخص أن يبدأ بالحلم من أمام بيته، وصولاً إلى مكان عمله وما بينهما من حفر أو فسحات جميلة، فلا الحفر نعمل على ردمها ولا الفسحات الجميلة نعرف كيف نحافظ عليها!
قد يكون دوّار الزراعة جميلاً، وقد يكون الشارع الممتد من أمام جامعة تشرين حتى مرفأ اللاذقية من الشوارع الرائعة بدواراتها وأنفاقها رغم بعض العيوب الطارئة، لكن حاجزاً معدنياً بين جهتي الأوتوستراد الدولي اللاذقية- طرطوس أمام الكراج الجديد أهمّ من أهمّ شيء إذ لا تعرف من أين ينبت لك عابر للطريق، وعقدة مرورية تلغي الشكوى المزمنة عند مفرق الزهيريات بمحاذاة جبلة أهمّ من مشروع قد يُنهي عمره الافتراضي قبل أن يوضع بالخدمة وقبل أن يستهلك أضعاف ما دُرس له وخصص له من اعتمادات تحت مسمى (توازن سعري)!
بالنسبة لأي مواطن عادي، فإن زقاق حارته أهمّ من أي مشروع (استراتيجي)، فعندما يعود ابنه من المدرسة وقد (خرّقت) المياه حذاءه أو علق الطين بأسفل بنطاله فإن ذلك بالنسبة له أهمّ من ثقب الأوزون وأهمّ من كل قضايا البيئة..
لا تستخفّوا بهذه التفاصيل والتي توقد فينا الرغبة بالعمل وتجبرنا على الانخراط في معركة البناء والإعمار..
منذ عدة سنوات (على سبيل المثال) يتحدثون عن مشروع تطوير سهل عكار في محافظة طرطوس، وخلال انعقاد المؤتمر السنوي لفرع اتحاد الصحفيين بطرطوس أعاد محافظ طرطوس المهندس صفوان أبو سعدى الإشارة إلى هذا الأمر، ومازال هذا السهل يغرق بـ (شبر ماء) رغم كثرة قنوات التصريف المطري ولن نكرر الحديث عن سوء تنفيذها أو عن التقصير أحياناً بتعزيلها، ولا نحمّل القائمين على هذا الأمر مسؤولية التنفيذ لأنه لم يكن بعهدهم وليسوا هم المنفذون ولكن بإمكاننا تحميلهم مسؤولية عدم السعي لإصلاحه بشكل يجنّب مساحات واسعة من هذا السهل من الغرق كل سنة ويحيّدها عن الإنتاج شتاء!
ما نبحث عنه هو أن ننتهي من وضع مشروعين بالخدمة والاستثمار أفضل مليون مرّة من وضع حجر الأساس لمليون مشروع وتركها معلّقة لسنوات.. لنرسم خطواتنا بشكل جيد ولنضع جدولاً زمنياً لا يكتفي بذكر مدة التنفيذ على اللوحة البانورامية لأي مشروع ونحن نعلم مسبقاً أننا لن نلتزم بهذه المدة..
أما الدور الذي نبحث عنه فلن يكون إلا إن عرفت الإدارات كيف تحفّز ما لدينا بشتى الوسائل وألا يكون المقابل واحداً لمن يعمل ولمن لا يعمل..