نفقات الأولاد واقعة على الأم وكفالة بالتراضي

الوحدة22-2-2021

حملت الهم باكراً بعقد زواج, ولم تكن تعلم أنها وقعت على ورقة خدمة لأهل بيتها من زوج وأولاد, وحتى تدبر أمورهم وعيشهم بصرف واقع مدى الحياة , وربطت بيدها زمام الأمور وتوكلت بأنها ربة البيت وسيدته, فقد طلبها للزواج بشرط أن تكون موظفة أو صاحبة مشروع أو دكان, ليكون التعاقد بالشراكة لعمر طويل وراتبه وراتبها يجمع لعيش كريم وما إن يقع قدمها في عتبة البيت حتى ينسل ويهرب من العقد بأسباب ودون أسباب ومن ثم الإخلاء بالتراضي على نفقات الأولاد والبيت واقعة على الأم بلا جدال ولا حتى الكلام مباح . عند نسوة يتسلين ويتحدثن في الحديقة بعد التسوق والتجوال بين المحلات, ولما رميت عليهن السؤال : من يصرف في البيت ؟ أسرعت إحداهن برد الجواب : زوجي أكيد, فالرجل يصرف على بيته من سالف الأزمان, فقد عودته على ذلك منذ أول يوم من زواجنا وكنت متطلبة ليحط الأمر بذهنه ويحفظه, وراتبي أدخره في المصرف, ويكفينا راتبه فلا أولاد لدينا, وأخاف من غدر الأيام و الزوج كما يقولون, خاصة أننا في زمن نسمع فيه الكثير من الحكايات عن تعدد الزيجات للرجل ولو كان عنده أولاد . وتضحك صديقتها مها وتقول : (نيالك ) أما أنا فهو حلال له ورغم أن لديه المال والرزق والأطيان وقالوا لي أنه تزوجك لأجل وظيفتك ولم أسمع لهم, فقد عودته على أن أصرف راتبي في البيت لأجل عينيه ولم أنتظر عليه في شيء, أحضر الخضار والفاكهة واللحوم وكل شيء وأنا عائدة من وظيفتي إلى البيت, لأطبخ له ما يطيب له, وهو يخبئ ماله وما يجنيه من الأرض وآجار البيتين وقلت كله للأولاد, فأنا وهو واحد, إلى أن شح راتبي أمام مداد متطلبات الأولاد الذين كبروا وكبر همهم واستحال علينا التحايل على هذه الأوضاع والدنيا نار باشتعال الأسعار, ليكون وراء كل طلب من زوجي شجار وقتال, ولم أفز يوماً منه بأي مال ولو قليل وحتى إن طلبه الأولاد لا يستحي بجوابه لهم (ليس معي شيء وأمكم معها خزينة المال) حتى أن ابنتي ترفض اليوم الزواج وتقول لي : لن أتزوج كي لا يأخذ زوجي راتبي . وتقول أختها : ليس من حقه أن يأخذ مالي, لكن بالتراضي بيني وبينه نضع راتبينا في درج الخزانة ونقتسم منه مصروف البيت والولدين كل يوم, ولكن سرعان ما ينتهي ولا يكفي لعشرة أيام رغم التقتير ونتحايل على الوضع بزراعة بعض الخضروات في الأرض بجانب البيت حيث أسكن بكرسانا, وفيها بعض الأشجار المثمرة التي تكفينا لحاجات البيت, وإلا كانت الحال بالويلات, وتأخذ أختي مها كل ما نجنيه من الأرض لتصنع منه الدبس والمربيات والمخللات لتستند عليه في تدبر أمور بيتها والاستغناء عن راتب زوجها وهموم العيش والحياة .

أم زينة_ مدرسة لغة ،أشارت بأن زوجها لم يعد فجأة يحمل بيديه أي حاجة أو توصية عندما يعود للبيت, فقد اعتاد عليها أن تأتي بكل ما تحتاجه بنفسها وهي راجعة من المدرسة وطفلتها تمسك بيدها وتشدها للوراء كلما صادفت في طريقها لعبة أو حلوى لتستوقفها وتأتي بها, لكن اليوم صعبة هي الحال, وزوجها الموظف بالتأمينات والذي كان يساعدها براتبه أبطل الأمر بحجة أن مصروفه من الدخان وأجور الطرقات وغيرها في الثياب والضيافة لأصدقائه في المكتب وخارجه لم تعد تكفيه, كما أنه يعود متعباً من كثرة المراجعين, تقول : بدأ الكيل يطفح ولم أعد أطيق وجع هذه الأيام وثقلها فراتبي لم يعد يكفي لوحده لمصاريف البيت مع أني أعطي دروساً خصوصية طوال ساعات اليوم, وعندما يأتي يجب أن تكون وجبة دسمة في انتظاره على الغداء, ولطالما كان يلومني ولا يعذرني إن تأخرت في ذلك, ولا أطلب منه إلى اليوم أي شيء ولا أجرؤ إلا إن داهمني ضيف للقيام بواجبه فيقع المحظور

  سناء العلي، لديها ثلاث أولاد وصاحبة محل إكسسوار في سوق الشيخضاهر تقول : كان زوجي محباً ولطيفاً معي ومع الأولاد ولنا في راتبه الحصة الأكبر ليعود من وظيفته حاملاً بكلتا يديه الفاكهة والحلويات وكل ما يطلبه منه الأولاد هو أمر مستجاب , لكنه تغير كما هذه الأيام ويقول إن ّراتبه ضعيف ولا يقوى على ظروف الحياة, إلى أن وجدته برفقة امرأة أخرى بعد أن تهامس عليه الجيران وكدت أكذبهم لولا ما رأيت, وعندما واجهته بحقيقته : صرخ بي بأني أهملته وانشغلت بالمحل ليتزوج منذ سنة خلت وأصبح لديه مسؤوليات وواجبات خاصة أن زوجته الجديدة غير موظفة وتحمل بولده في أحشائها, ووجدت أن غضبي لن يجدي بالنتيجة التي تتأملها كل زوجة فطلبت الطلاق, ورددت لأمري ورشدي وقلت في نفسي سأكمل لوحدي المشوار مع أولادي والمحل شغال والحمد لله ولست بحاجته ولا حتى نفقة الأولاد التي لا تسمن من جوع.

هدى سلوم

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار