العدد: 9307
7-3-2019
الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية…هذا ما وعيناه، وتعلمناه من القائد المؤسس حافظ الأسد طيب الله ثراه، فالثقافة بهذا المعنى ليست ترفاً أو كمالية، بل هي حاجة، وقضية، ووسيلة هامة من مرتكزات وسائل البناء والإعمار للمواطن الإنسان، وللوطن الأرض، والمجد، وإنها لقيمة كبرى، وسلوك نسلكه في حياتنا اليومية، ونعمل على تحصيلها، وتنهض بها مؤسسات وأفراد.
بهذا المفهوم، وبهدي هذه الاعتبارات، وتحقيقاً لأهداف وغايات إنسانية وإبداعية ولغوية وجمالية وأخلاقية ووطنية وثقافية وفكرية، كان ملتقى جبلة الأدبي، وقد مضى على انطلاقته ما يقارب ثماني سنوات مشتملاً على جميع الأجناس الأدبية، شعراً ونثراً، مقدماً أنشطته ليس في المنطقة أو المحافظة فحسب، بل وخارجها.
ويأتي ملتقى السرد الثالث الذي أقيم يوم 28 شباط الفائت بالتعاون مع المركز العربي الثقافي بجبلة نتاج مجموعة من الأدباء والكتاب الشباب الموهوبين، الذين قدموا من محافظات عديدة بغية المشاركة في تقديم قراءات سردية في فصول الرواية،. والقصة القصيرة، والأقصوصة، والقصة القصيرة جداً، والمسرحية، والخاطرة، والمقالة، هادفين من مشاركتهم المساهمة في الحراك الثقافي في المجتمع.
مدير ملتقى جبلة الأدبي خالد عارف حاج عثمان ألقى كلمة رحب من خلالها بالمشاركين وبالجمهور مشيراً إلى أن ملتقى السرد هذا هو فرع لملتقى جبلة، وأن إقامته توجه الأنظار إلى أهمية الاحتفاء بالسرد إلى جانب الشعر جناحي الأدب.
القراءات السردية
شارك في الظهرية السردية كل من حسناء كردية، معاذ وجودي كريم، رولا صالح، زينب نوفل، نجاة خليل، علي شاليش، نرجس عمران، سماح القبيلي، الزهراء صعيدي، تغريد الخليل، علي سويدان، عهدات موسى، غصون غفرجي، وحلت القاصة ملك صقر ضيفة على الملتقى.
تعددت القراءات وتنوعت ما بين فصول الرواية، والقصة بأنواعها والخاطرة..
الأديبة عهدات موسى سردت قصتين قصيرتين، عنونت الأولى (لقاء مع الله) وهي قصة ذهنية تعتمد على تخيل الكاتبة وحوارها مع الله ومناجاته بهدف الحديث عما يجري في الكون من كوارث وظلم وانكسارات وخيبات وما يحصده الإنسان من آلام وأوجاع هي من صنع الإنسان نفسه، أما القصة فأسمتها (حب الوطن).
الوقفة الثانية كانت مع الأديبة سماح القبيلي التي سردت قصة قصيرة عنونتها بـ (غباء عاطفي) قدمت فيها نصاً سردياً متكامل العناصر، ابتكاري الموضوع، رشيق الأسلوب لغة وحواراً وسرداً وحبكةً.
تقول في قصتها: (كنْتُ أبكي وأنا أتابعُ تمثيليّةً دراميةً سخيفةً غيرَ عابئةٍ بسخرية أخي الذي لا يعلمُ شيئاً عن كل تلك السّيناريوهات الدّراميّة الّتي تدور في رأسي ولا أستطيع أن أختارَ سيناريو واحداً فقط يليقُ بامرأة مثلي قرّرَت في لحظةِ غباءٍ عاطفي أن تخسرَ حبيبها، فصارَت تبكي بغزارة حتّى راح بصرها أو ربما دهستها سيارة وهي تمشي في الشّارعِ شاردة اللّب دامعةَ العينِ، أو ربما قرّرت أن تموتَ اختناقاً بالغاز، فتحت أسطوانةَ الغاز وفكّرت لمَ لا أدخنُ سيجارةً تكونُ الأولى والأخيرة؟ وحين أشعلتها اشتعلَتِ النّيران في المنزلِ وانتهى المطاف بها امرأةً محروقةً القلب والجسد لأنها قرّرت أن تخسر حبيبها في لحظةِ غباءٍ عاطفي ..أيُّ سيناريو يا ترى يليق بامرأة مثلي؟)
وشاركت الأديبة نرجس عمران بثلاثة نصوص (بالأمس، لحظة انتظار، وعليه أبصم)
أستيقظ لأحكي لك عن المستثقف بن الأبجدية، وعن المحتال بن المصلحة، وعن المنافق بن الخيبة، وعن الشيطان بن الخذلان، وعن إبليس بن المطمعة، هي الحياة أضحت مسخرة..
أما الشابة جودي كريم فقرأت ثلاثة نصوص (قمرية تهدي النجوم لضحكتي، وملكية مباحة، وحكايتي) ومن هذه الأخيرة نقتطف:
حكايتي أرويها لعقارب ساعتي وفنجان قهوتي، لدقائقي الكثيرة التي عشتها آنذاك أنتظر الوهلة الأولى لمجيئها، كانت عسليتها تخترق قلبي بابتسامة، وابتسامتها تصب العسل بشهامة، قدومها نحوي كان أشبه بضوء خلبي اقتحمني فأسعدني ورسم البهجة لشفاهي..
وكان للشاب معاذ كريم مشاركته السردية قدم خلالها نصين ( حوريتي على شاطئ الحب، وجهل انتماء.. تجاهل أم عناء) وقد تداخلت الأجناس فيهما ما بين الشعر والمسرحية والخاطرة.
نقرأ من الثاني: يقولون عن نفسي مغرورة، لم تخرج من القارورة، الحقيقة أنني خرجت لأنظر لباطنكم فأكتشف حقيقتكم.
وشاركت الأديبة تغريد الخليل بثلاثة نصوص (إجابات متكسرة، وحياتنا بالألوان، وقطار) وفيه تقول: يدرك أن المفاجآت بانتظاري لقد بدأت رحلتي الآن وكان الموعد لولادة قصيدة جديدة.
بدوره الأستاذ علي شاليش سرد قصة قصيرة بعنوان (خيبة) قال فيها: حمل حقيبة صغيرة ووردة حمراء وصورة لأحلام، كان سعيدا،ً منتشي الفؤاد.
السيدة زينب نوفل قدمت نصين (وطني الجريح على فراش الياسمين، والرحيل): لا أدري إن كان رحيل الروح من الجسد، أم أنها رحيل أمالي من جنة رسمتها بعشقي لذاتي؟
أما الزهراء صعيدي فقد قدمت قصصاً قصيرة جداً ذات مضمون وطابع ذهني، تقول: هائج بحري كشجون الصامتين، . .يغسل دموع العابرين.
والشابة الموهوبة غصون غفرجي طالبة المرحلة الثانوية سردت قصة قصيرة عنونتها (ذات فقد):
أفتقدك يا شمس، أرض قلبي تحتاجك لتزهر شغفاً.
الأديبة رولا صالح قدمت نصاً طويلاً بعنوان (القرصان) والأديب علي سويدان قرأ نصين تحدث فيهما عن الواقع والأمل والأماني، ومثله فعلت الأستاذة نجاة خليل إذ سردت قصة قصيرة رائعة بأسلوبها رصدت فيها أحوال الحياة الاجتماعية والوجدان، وكان ختام الظهرية لقاء الضيف القاصة ملك صقر صاحبة مؤلفي وريقات من خريف العمر وبوح الروح، ومن كتابها الثاني قرأت نصين،وجداني بعنوان تداعيات عاشقة، وآخر وطني تبرز فيه حبها لوطنها ومشاعرها تجاهه وإعجابها به.
وهكذا أسدل الستار على فعالية ملتقى جبلة السردي الثالث بحضور الساردين ومسرودياتهم ومتابعة من الجمهور رائعة.
خالدعثمان