العلامة لا تحدد مستواه… رهبة الامتحان وما تفعله

الوحدة 4-2-2021

مجتمع مع صورة طلاب مدرسة

 

ها قد اقترب تسلم نتائج الطلاب والتلاميذ لنتائجهم عن الفصل الدراسي الأول عبر الجلاءات، ويعمد البعض على محاسبة أبنائهم في حال تقصيرهم واتخاذ أساليب متنوعة من العقوبات، وهذا تصرف خاطئ بمجمله فلا يوجد طالب لا يتمنى أن يكون من المتفوقين حتى ولو كانت دراسته غير جيدة أو كان مهملاً أو كسولاً.

درجة الوعي لدى الطالب وحتى من مستوى الصفوف الأولى تلعب دورها، كذلك حبه للمدرسة والمعلمة والنسبة التي لا يستهان بها ما يملك من موروثات الذكاء، وحتى هذه في بعض الأحيان لن تفيده إذا لم يوظفها في دروسه وانتباهه، فكثيراً ما نسمع عبارة ابني ذكي (بس دراسته قليلة)، وهنا يلعب عامل الاجتهاد دوره.

الطالب يحتاج إلى التشجيع والتحفيز والاهتمام  والثواب لا العقاب لذلك فإن علامته وفي كثير من الأحيان ليست مقياساً لمستواه في معظم الأحيان وقد تخونه ذاكرته ضمن قاعة الامتحان.

كما وتلعب عدة عوامل في حالة الطالب النفسية منذ انطلاقة اليوم الذي سيمتحن به وكمية التعب والإرهاق الذي تعرض له قبل الامتحان.

حول هذه الأمور كانت لنا عدة لقاءات مع مجموعة من الأهالي والمدرسين حول تجربتهم:

– براءة، معيدة في الجامعة: العلامة التامة تشكل هاجساً لدى البعض لكنها بنظري ليست دليلاً كافياً ولا مؤشراً على مستوى الطالب، فكم من طالب مشاركته ونشاطه وحفظه وفهمه ممتاز لكن بالامتحان أو حتى المذاكرة تتراجع لسبب أو لآخر.

– المعلمة عفاف: خلال مسيرتي التعليمية التي امتدت لثلاثين سنة لاحظت الكثير من الحالات التي لا يؤشر الامتحان النهائي على مستواها بشكل دقيق، وكما أنه هناك أهل يتعاونون مع أبنائهم ويتقبلون فكرة تراجع نتائجهم لسبب أو لآخر، أيضاً هناك أهل كانوا حريصين كل الحرص على أن يكون أبناؤهم في المرتبة الأولى ومهما كانت الطرق أو الوسائل، حتى وصلنا إلى ما نحن فيه، المهم أن يحصّل علامات الطب أو الهندسة وحصراً الطب والهندسة وكأن الاختصاصات الأخرى لا أهمية لها، كذلك كان هناك تلاميذ نتائجهم أقل من جيدة ومع ذلك كانوا يحققون نتائج ممتازة بالرياضة بالرسم وغير ذلك وهذه المواد والحالات للأسف لا يتم التركيز عليها وتطويرها ودعمها.

– المعلمة زينب: معلوم أن بضع علامات يفقدها طالب مجتهد لكنها تقرر مصيره كما أنه في الوقت الذي يدرس ويجتهد أكثر من أقرانه، قد يسبقه أحدهم بعلامة أو علامتين ما يولد في نفسه الحزن فلا يجب أن نجعل هذا الأمر يؤثر عليه بل بالعكس أن نهون عليه الأمر وألا ندعه يفكر به ليصبح هاجساً مزعجاً قد يحدث الكره والنقمة تجاه زميله، لذلك هنا المطلوب من الأهل التصرف بأن الأمر بسيط وقد يحدث مع أي طالب كما حدث معه، لا زيادة التأنيب والعتاب والمحاسبة وهنا نتمنى من الأهالي عدم إرهاق أبنائهم ومطالبتهم بالعلامة التَّامة.

– المعلمة أمل قالت: هذه الفترة سيتسلم التلاميذ والطلاب (جلاءاتهم)  لذلك قد تتنوع ردات فعل الأهالي حول نتائج الأبناء، ربما هي مناسَبة لنعطي الفرصة للطالب المقصّر كي يجتهد ويضاعف اهتمامه وتركيزه ودراسته وتكون نتيجته درساً له ليستفيد منها لا أن نؤنبه ونعاقبه.

– المدرّسة رويدة: أنا ضد فكرة مطالبة الطالب بالعلامة التامة وخلال تجربتي هناك طالب درس عن فهم وحفظ، بالمقابل هناك طالب يحفظ بشكل ببغائي وقد لا يدرك معنى ما يكتب ولم تكن يوماً العلامة ما يقرر مستوى الطالب إلا ما ندر، وأنا أتعامل مع أولادي على أساس المهم النجاح ولا أضغط عليهم، الحياة ليست كلها نجاح بالدراسة، دراسة أفرع معينة كالطب والهندسة، بالعكس تماماً أي فرع بالجامعة يدرسه عن حب ورغبة سيبدع وينجح به.

– السيدة ثناء قالت: أنا معلمة ولدي أبناء وصلوا إلى مرحلة الجامعة لم أتعامل يوماً معهم بأنه يجب إحراز العلامة التامة كذلك لم أضغط عليهم ولم أسجلهم في دروس خصوصية من أجل ذلك، ما يحصلون عليه في المدرسة ودراستهم بالمنزل تكفيهم، كذلك لم أحرمهم يوماً من اللعب أو التسلية كرمى للدراسة، وأنا كنت مقتنعة بذلك كي لا يتصرفون بردات الفعل ويكرهون الدراسة لأنه كما هو معلوم كل شيء ممنوع مرغوب.

– السيدة مريم: أنا أحب أن يكون أولادي بالمراتب الأولى دائماً وحرصت كل الحرص على ذلك، ولم أدخر وسيلة لذلك، ساعدني في ذلك اجتهادهم وحرصهم هم أيضاً، ولكن إن حصل وخسروا بضع علامات اتعامل مع الأمر بأريحية وتساهل ولكن مع ألا يتكرر لأنني بيني وبين نفسي أحزن لكن لا أبيّن لهم انزعاجي.

بالنهاية نقول: لم تكن الامتحانات يوماً المقرر الدقيق والواضح عن تقرير وتحديد مستوى الطالب، لأنه للامتحان جوّه وربما رهبته، كذلك حالة الطالب النفسية والتعب والشدة والتوتر، لذلك المطلوب من الأهل أن يقلعوا عن فكرة العلامة التامة ويخرجوا من هذه العقدة حفاظاً على راحة الأبناء وصحتهم النفسية وألا يكونوا مقررين عنهم في خياراتهم وأن يقدِّروا أنه قد تكون لديه إمكانيات محددة، وأن يقدِّروا أنه حتى لو كانت إمكانيّاته ممتازة، فمن حقّه أن يسهو أو يغلط… العلامة التَّامة ليست مقياساً للتَّميُّز على الإطلاق…

آمنة يوسف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار