الوحدة 3-2-2021
لا يخفى على أحد أن لكل فترة يمر بها عمر الإنسان خصوصية معينة تترافق مع مجموعة من الصفات التي تنعكس على شخصية المرء سواء على مستوى التفكير أو المزاج الذي يترجم على هيئة تصرفات و عادات شخصية.
وربما يتفق كثير منا على أن فترة المراهقة هي الفترة الحرجة التي يقف فيها الإنسان على أرض تميد به حيرة و تخبطاً وربما كانت أخطر مرحلة عمرية يعيشها، لما تتركه هذه التغيرات الفيزيولوجية والنفسية من آثار سلبية عليه، بالإضافة إلى هشاشة تفكيره وقلة وعيه، الذي وبطبيعة الحال يجعله عرضة للضياع و الدخول في عوالمه التي لا تحمد عقباها.
وهنا يأتي الدور الحتمي للوالدين في احتضان المراهق ومقاربة أفكاره وتصرفاته وصولاً إلى الحفاظ عليه وإبعاده عن رفقة السوء وما يتأتى منها من عادات غير لائقة وفي بعض الحالات ربما تنحدر به إلى عالم الانحلال الأخلاقي والجريمة إذا ما استبدت به تحت وطأة الغياب الخطير لدور الأهل المصيري.
كيف ينظر المراهق إلى نفسه: سؤال توجهنا به إلى عدد من الطلاب في المرحلتين الأساسية والثانوية، بالإضافة إلى مجموعة أسئلة أخرى، منها: كيف يفكر المراهق؟ ما هي أحلامه وطموحاته؟ فكانت الإجابات التالية:
– عدي رسلان، ثانوية علمي: أتمنى أن أتخطى مرحلة المراهقة وأبلغ سن الرشد وأتحمل مسؤولية نفسي بدلاً من أن تتحمل أسرتي أعبائي.
– سامر هيفا، ثاني ثانوي علمي، يوضح مفهومه لتحمل المسؤولية بقوله: الشاب الناضج هو الواعي لمسؤولياته، والذي ينظم حياته ويخطط لها ويتعلم من أخطائه، وعموماً كلها مراحل من حياة الإنسان لا بد أن يمر بها، ففي البداية يتعلم من خلال أسرته تحمل مسؤوليات الدراسة، ثم تبدأ مرحلة التفكير بالحياة العملية، وأتمنى أن تسقط عنا النظرة القائلة بأننا جيل مدلل وعديم المسؤولية.
– مي علي، أول ثانوي: يعاملني أهلي كفتاة ناضجة مسؤولة عن تصرفاتها، لكنني أتلقى النصائح والتعليمات عند الخروج من المنزل، وأنا أحبذ فكرة الوصاية هذه عندما تكون الفتاة ذات شخصية سطحية مدللة وغير ناضجة، أما الفتاة الواعية فيجب أن تعامل بأنها مسؤولة عن نفسها من خلال منحها الثقة.
تعقيب: السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح في هذه الفترة الحرجة: ما هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع المراهق من أجل خلق شخصية واعية ومسؤولة وراشدة؟
الحل يبدأ من الاعتراف بحق المراهق في الاختلاف معنا في تقييم واقعه والأساليب المختلفة للتفاعل والتكيف معه.. وهذا الاعتراف يقتضي منا الاستماع إليهم والتحاور معهم و إقناعهم بعقلانية و منطقية أو الاقتناع منهم بحالات كثيرة.. فكثيرة هي الحالات والآراء التي قابلناها واقتنعنا بمطالبها كالمعاملة الجيدة واحترام شخصية المراهق واستقلاليتها ومشاركته الرأي والعمل الجاد.
بالمقابل جاءت آراء الأهل متعارضة منها: عدم الانفتاح الكامل مع الحرية اللا مسؤولة وبالتالي الخوف من رغبة المراهق بالاستقلالية في الآراء والتصرفات والعيش بحرية لم يفهم معناها بعد، وكذلك تقليد الصرعات الغربية في ظل الانفتاح على العالم من خلال السوشال ميديا.
فمراهقو هذه الأيام لا يقدرون المسؤولية، بل إن بعضهم – حسب رأي بعض الآباء- مستعد للسخرية من معلمه وأهله وأقرانه الأسوياء.
وبعد.. تبقى المراهقة مرحلة صعبة وحساسة من مراحل التطور الجسدي والنفسي، لذلك لابد من فهم المربين من آباء وأمهات ومدرسين لهذه المرحلة واتباع الأساليب الصحيحة والمناسبة في التعامل مع المراهقين ومساعدتهم على اجتياز هذه الفترة بسلام.. ويبقى أسلوب كسب الثقة والتفاهم هو الأنجع في استيعاب المراهق وتحويل مساره في الاتجاه الصحيح.
رنا رئيف عمران