(بيتنا).. أعادني للحياة

الوحدة : 27-1-2021

وكما قالت الصبوحة (يا بيتي يا بويتاتي.. يا مستري عويباتي)، كذلك تقول السيدة ميساء كفر قطاري من مركز (بيتنا) الذي تعلّمت وتدربت فيه ليستر عيشها ويكف أهل بيتها عن الحاجة والسؤال, حيث قالت: تعرفت على (بيتنا) من جارنا وهو مدرّس فيه, وأشعر بأني في بيتي مرتاحة ومطمئنة ومع أهلي لا تكاليف بيننا أو تكلفة, سجلت في الدورة الأولى (صيانة منزلية) وكنت بحاجة ماسة لها، فكل شيء في البيت معطل، ونحن مهجرون ومستأجرون بحارة الدنّ, وإن أتيت بمن يصلحه طلب الآلاف، وكأنه يحمل أعلى الشهادات, فلا أجد في وجهي من يصلحه، زوجي مصاب حرب، ويبيع القهوة على الطريق, ولديّ ولدان في المدرسة، الكبير بينهما (بكالوريا) ومنشغل بدروسه، وكان واجباً عليّ توفير الكهرباء، له فجئت بأسلاك الشاحن والبطارية لأنشر لهم الضوء في الغرفة, وأيضاً أصلحت تمديدات الفرن وغيرها الكثير، كما أني ألبّي جارتي في بعض التصليحات, ومن بداية العام أتدرب على صنع الحلويات المنزلية بعد أن وجدت فيها ضالتي وبحثي الطويل عن عمل لأجيده, وقد أتقنت صنع الكاتوات والكاب كيك والبيتفور والتدريب مستمر, وأكاد أجزم بأني وصلت لحلمي لأبدأ بمشروعي عما قريب بصنع الحلويات وبيعها حسب الطلبات التي تأتيني للمنزل, (بيتنا) وأهله أعادوني للحياة ووفروا لي فرصة العمل, والعودة لعيش كريم كنت قد فقدت الأمل فيه, لقد نسيت البؤس والشقاء والخوف بعد أن اطمأن قلبي هنا, لهم منا كل الامتنان وشكراً .

الشابة الصغيرة حنين حسون، مع العلم أنها تدرس لتتقدم لامتحانات الشهادة الثانوية، فهي تتدرب في دورات التجميل بمركز (بيتنا) قالت: أتابع في دورات متتالية بالتجميل والماكياج الذي أحبّ ولأجل التمكين, وقد بدأت العمل بما اكتسبت من خبرة وأدوات لأقص شعر أمي وأزين بنات الجيران وأضع الماكياج على وجوه بنات العمات, وكلهن أبدين إعجابهن بلمساتي السحرية وذوقي, لكني إلى اليوم أشعر بأني أحتاج للمزيد من المعرفة والتدريب, لهذا أنا مواظبة على القدوم لـ (بيتنا) حيث أرتاح وأجد من أهله الاهتمام الذي قلّ نظيره في أمكنة أخرى ومعاهد تدريبية وتنموية تطلب الأجر والمال, لقد تعودت على (بيتنا) وأجد نفسي فيه وأشعر بأني طفلة صغيرة مدللة فيه ولا أستطيع مغادرته, لكن هناك غيري من الفتيات علي أن أوسع لهم مكاناً وفرصة حياة.

السيدة لمى علي، مديرة مركز (بيتنا) في الدعتور، أشارت إلى افتتاح المركز وبدء العمل فيه منذ ما يقارب سنة ونصف, وقد وفر مساحة آمنة لأجل دعم وتمكين المرأة, وهو مشروع تقوم به جمعية موزاييك للإغاثة والتنمية الإنسانية بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، سورية, حيث قالت: (بيتنا) يحتضن جميع النساء مستضعفات أو غير مستضعفات, يافعات وصبايا ومتزوجات من عمر (12-60) سنة, نستقبل كل من تطرق بابنا لأجل التعلم والتدريب, وقد بلغ عدد المستفيدات إلى اليوم 257 امرأة أتين من جميع أحياء المدينة وقراها (الدعتور, صلنفة, حبيت, زغرين, الحفة..)

لدينا عدد كبير من الدورات (تعليمية وتدريبية) نبدأ الصفوف فيها من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الثالثة بعد الظهر منها  دورات (خياطة, تجميل، صناعة الحلويات, إنكليزي تقوية مبتدئ ومتقدم, فرنسي, كمبيوتر ..) بالإضافة لتوفر ناد رياضي وآيروبيك ويوغا, و(بيتنا) بقلبه الكبير يتسع للجميع, والبناء بمساحة وافرة وبطابقين: الأول 5غرف والثاني 6 بالإضافة لمشغل خياطة على الطرف, وفيه 3ماكينات خياطة وأخرى للحبكة مع طاولة خياطة وتستطيع المتدربة أن تأتي بشغلها من البيت لأجل حاجة تبغيها من تصليح أو تفصيل, وقد كان لهن صناعة الشناتي وحقائب اليد والسراويل والبيجامات وغيرها في التطريز والفساتين للأعياد والمناسبات, كما أن غرف التعليم تتوفر فيها الكراسي واللوح وجهاز الإسقاط, وفي غرف التجميل كراسي تجميل وعدة الماكياج وكافة الأدوات من الليس والسيشوار وغيرها, أما المطبخ فهو مجهز بكل الأدوات التي تجدينها في كل بيت وقد لا تجدينها ليكون العمل متقناً.

لأجل إجراءات كورونا وتحقيق التباعد الاجتماعي خفضنا أعداد المستفيدات في الصفوف ليكون في كل صف 9 فتيات فقط, فلدينا مثلاً 3صفوف  لدورة الماكياج تستوعب 20 مستفيدة.

ولا تنحصر خدماتنا وأعمالنا ضمن مساحة بناء (بيتنا) بل طالت المحافظة بأطرافها وجهاتها (جبلة, القرداحة, الحفة, قرى اللاذقية) إذ لدينا فريقان جوالان كل منهما يتكون من طبيبة وممرضة وداعمة نفسية ومنسق الفريق, والفريق الجوال يقدم خدمات صحية إنجابية وطبية مع فحص إيكو للحوامل وتوزيع أدوية بالمجان, كما يقوم الفريق أيضاً بتثقيف صحي وتوعية على العنف القائم على النوع الاجتماعي وخدمة إدارة حالة واستشارة نفسية وغيرها.

ودائماً نسعى لإضافة كل جديد يطور عملنا ويوسع خدماتنا وجودتها, حيث نقوم بجلسات تقييم احتياج لنحصل على مخرجات ونتائج نوزعها في خطط عملنا الربعية, ونحاول أن نستطلع الآراء لتكون الدورات متوافقة مع احتياجات السوق ومنسجمة مع رغبات المستفيدات فيكون العمل أنفع وأجدى.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار