وباء مستبد.. و رحيل

الوحدة 27-1-2021 

 

تطالعنا وكالات الأنباء العالمية كل صباح و في خبرها الأول دائماً بآخر صيحات الكورونا، هذا الوباء المستجد، المستبد، الذي لا فكاك من براثنه حتى اللحظة.

وما زال السباق المحموم لمراكز البحث العلمي حول العالم في أوجه لسبر أغوار هذا الضيف الثقيل، وإيجاد لقاح ناجع يقي البشرية شروره وعقائبه الخطيرة.

وربما كان أقسى تلك الشرور هو فتكه بالمسنين من البشر، وكم هو مؤلم عندما نقف عاجزين أمام هذا الكم الهائل من الرعب خوفاً على أهلنا وأحبتنا من هؤلاء، ولاسيما وهم منبع الرقة واللطف والحنان شبه الوحيد في حياتنا، والذي يقدم لأيامنا قيمة مضافة من الدفء تبقينا على قيد الحياة في وحشة هذه الأيام المرهقة تحت ثقل قسوة البشر وانحدار مستوى العلاقات الإنسانية وتفككها السافر، والاتجاه العام لقانون المصلحة الشخصية خارج ضوابط الرأفة والأخلاق الراقية التي فطر عليها الإنسان عند الولادة.

كيف لنا ألا نشعر بالأسى وقلوبنا تنفطر حسرة على الراحلين كل يوم من هؤلاء الآباء والأمهات فجأة أمام عجز كامل عن إنقاذهم!

كيف لنا ألا تدمى أرواحنا قهراً عليهم وهم يغادرون، وربما في عيونهم رجاء أخير لمحاولة إنقاذهم؟

ليكون ذلك المشهد الأكثر وحشية، ونحن العاجزون حتى أن ننبس ببنت شفة، فيهوي الدمع من أعيننا و تذوي أرواحنا على فراق نحن فيه أكثر من محزونين.

لله درّك أيتها الأقدار! كيف لا وأنت تتقنين إيلامنا دائماً بألوان الوجع وأشدها.

ننظر إلى الوراء لنشعر بقيمة ذاك الخير ونثمّن عالياً تلك الأيام الجميلة التي فقدناها إبان العقد الأخير.

لم تكن وقتئذ هناك حرب في بلادي العزيزة، وكنا نغفو على هون في كنف هؤلاء الطيبين من أهلنا، نستمد البقاء من خبرتهم العريضة في الحياة التي صقلتها السنين البعيدة ومنحتهم قوة الصبر علينا والقدرة على الأخذ بأيدينا في كل نائبة أو وجع.

ننتظر كل صباح لنرتجي أملاً أن لقاحاً أو ربما عقاراً شافياً قد خرج إلى النور شرقاً أو غرباً، يحمل إلى صدورنا السكينة و الطمأنينة على هؤلاء الطيبين، فتهدأ أرواحنا وتسكن آلامنا قليلاً بأننا سنحتفظ بتلك القلوب المتعبة الطيبة بكل حنانها وعطفها لوقت آجل غير معلوم.

ندعو الله أن يبعد المرض والوجع عن أهلنا جميعاً، وأن يحميهم فيمن يحمي، لتبق لنا مساحة من الأمان تحملنا على الصبر وتحمل القادمات من الأيام… دمنا ودمتم جميعاً بألف خير و صحة.

رنا رئيف عمران

تصفح المزيد..
آخر الأخبار