الوحدة 5-1-2021
على العكس من كل ما يقال عن النتائج المدمرة للغيرة في الحياة الزوجية يأتي من يقول إن الغيرة عامل مهم لنجاح العلاقة الزوجية.
بل إن الغيرة لا تقلّ أهمية عن الحب نفسه إذ إن الغيرة عبارة عن تصرف ينشأ مع بدء العلاقة بين زوجين ويستخدم وسيلة للدفاع عن الشريك وحماية علاقة الحب من أي تهديد خارجي.
إن الغيرة عاطفة أساسية ومهمة وتعادل في أهميتها الثقة التي تساعد الأزواج إلى البقاء منتبهين إلى إمكان وقوع أي خيانة محتملة أي أن الغيرة بمثابة جهاز إنذار لتحديد مصادر الخطر والوقاية من كل ما يهدد الحياة الزوجية من مخاطر.
يظهرن النساء مشاعر الغيرة أكثر من الرجال لأن المرأة تريد من زوجها الالتزام بالعلاقة الزوجية واستمرارية هذه العلاقة فالمرأة تميل إلى الاستقرار أكثر من الرجل وينصح بعدم الشعور بالضيق من الغيرة التي يظهرها الشريك طالما أنها في الحدود المعقولة من دون مبالغة أو تشنج.
ولكن يجب على المرأة أن تكون حذرة من الغيرة الشديدة التي تؤدي إلى عدم الاستقرار النفسي لها ولزوجها لأن أغلب الأمراض الجسمانية التي تصيب النساء تأتي من القلق والتوتر. فالغيرة هي أكبر مصدر للتوتر الذي ينتج عن إفرازات هرمونية تؤدي إلى ارتفاع في معدل ضغط الدم كما تسبب الغيرة الألم في منطقة الرقبة وفي فقرات الظهر نتيجة للتقلص العضلي لذلك على المرأة أن تعي جيداً أن الغيرة المبالغ فيها تعود عليها بالضرر خصوصاً عندما تأوي إلى فراشها وهي في حالة عصبية يمكن أن تنعكس سلباً على توازنها النفسي بصورة عامة.
الغيرة هي دليل إلى علاقة أكثر عمقاً وهي ضرورية لصيانة الحب طالما بقيت في حدودها الطبيعية فالقليل من الغيرة يزكي مشاعر الحب ويزيدها حرارة وعمقاً ويحفظ للعلاقة الزوجية توهجها إن من يظن أن الغيرة مرض لا علاج له يكون مخطئاً. فالغيرة دليل على قوة العاطفة إذا ما ظلت في حدود اللهفة والشوق والرغبة في ملازمة الشريك أطول وقت ممكن ولكنها إذا ما تطورت إلى حدود الشك والقلق وتحولت إلى عملية مراقبة مستمرة للشريك ورصد كل حركاته وسكناته وتفسيرها في ضوء الرغبة في السيطرة والاستحواذ والإخضاع فإن ذلك يعني بداية العاصفة التي قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه وتنقلب الأمور رأساً عل عقب.
إن الدافع الأول للغيرة المرضية هو انعدام الثقة بالشريك كما أن الخوف من أن يتغير الشريك بعد الزواج وأن ينتهي الحب مع سنوات العشرة وما قد تحدثه من ملل هو خوف مرضي يجب أن يحاول الشريك الغيور التخلص منه وأن يخلو بنفسه متسائلاً لماذا أغار وبما أن الغيرة مرض يصيب الرجل والمرأة معاً فإن أفضل حل لهذا المرض أن يتفهمه الشخص نفسه قبل أن يطلب العون من أحد لمساعدته على تجاوز أزمته أما الشخص الذي يستسلم لمشاعر الغيرة فهو بالتأكيد إنسان غير راض عن نفسه ولا يقيم لها وزناً ويرى أن رغباته غير جديرة بالاهتمام فيتعمد المبالغة في كل شيء وقد يصل به الأمر أحياناً إلى تخيّل أشياء ليست موجودة وأحداث لم تحدث أصلاً ويتوهم أن شريكه متورط فيها وعند هذا الحد يجب أن يتوقف المرء ليسأل نفسه بأمانة ما سرّ كل هذا الغضب الذي يجتاحني؟
وفي الواقع أن كلّ إنسان له طريقة خاصة في التعبير عن غضبه ويكشف بهذه الطريقة حقيقية تكوينه النفسي وقدرته على التحكم بانفعالاته والحوار مع الشريك هو أفضل ما يمكن اللجوء إليه للتخلص من مشاعر الغضب فالرجل يحب المرأة القادرة على التعبير عن غضبها بالحوار الذي يخاطب القلب عن طريق العقل.
لكن الحوار لا يعني النقاش في الوقت غير المناسب لأن النتيجة في هذه الحال تأتي بصورة عكسية تزيد من الغضب بدلاً من تخفيف وطأته.
لمي معروف