أطفالنا ولغتهم الأم في عيدها.. لغتنا.. غنية شكلاً ومضموناً بلمحات الجمال والرقي

الوحدة 23-12-2020

 

 

 

عندما سُئل الشاعر العيسى: لماذا يكتب للصغار؟ أجاب قائلاً: ” لأنهم المستقبل… لأنهم الشباب الذي سيملأ الساحة غداً أو بعد غد، لأنهم امتدادي وامتدادك في هذه الأرض… إن الكلمة الحلوة الجميلة التي نضعها على شفتي الطفل هي أثمن هدية نقدمها له. ولكي يحب الأطفال لغتهم ، علموهم الأناشيد الحلوة ، واكتبوا لهم شعراً جميلاً “. ولأن اللغات هي همزة الوصل بين الشعوب .. تحفظ خصائصهم وتربط بين حاضرهم ومستقبلهم ، فقد أولت الأمم المتحدة اهتماماً كبيراً باللغات من خلال تحديد احتفال عالمي لكل لغة من اللغات الرسمية كالانكليزية والعربية والصينية والإسبانية والفرنسية والروسية إذ يحتفل العالم يوم 18 كانون الأول من كل عام ، باليوم العالمي للغة العربية وهو ما يوافق ذكرى صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن اعتبار اللغة العربية لغة رسمية كونها إحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم، ولأن اللغة تعدُّ ركناً أساسياً لا يمكن تجاوزه في بناء شخصية الأجيال من خلال التعليم السليم والذي يقوم على مجموعة من الأسس وأهمها تكوين ذائقة وخبرات جمالية لدى الفرد، وتنميتها بالتوازي مع تنمية سواها من بقية الخبرات والمعارف. فقد اختارت “جريدة الوحدة ” عبر هذه السطور شاعراً عظيماً يعدّ من روّاد شعر الأطفال في العالم العربي – لاسيّما وقد امتلأت الكتب المدرسية ومجلات الأطفال بالكثير من قصائده ومسرحياته الشعرية – ليكون عنواناً لهذا اليوم الاحتفالي باللغة العربية فالقصائد التي نظمها ” سليمان العيسى” للأطفال ليست مجرد أدب للترفيه؛ فهي تحتوي على أبعاد أخرى يهدف الشاعر من خلالها إلى المساهمة في وضع أساس يقوم عليه التكوين العقلي والعاطفي للأطفال وذلك عبر تنمية مداركهم العقليّة وخيالهم، وتعزيز الإحساس بالجمال لديهم. ومن قصائده التي تعدّ ركناً أساسياً في بناء شخصية الأجيال نختار هذه القصيدة التي تعد ترنيمة خاصة بحب الوطن : أتفيأ ظلك يا وطني وأحب ترابك يا وطني أرض الأجدادْ .. وطن الأمجادْ يتسلح بالعلم .. لا يركعُ للظلم وللمدرسة ” الواحة الكبرى ” عند شاعرنا الكبير الدور الأهم في عملية البناء في المجتمع من خلال العلم والنور الذي تنشره : أرى علمي، أرى الوطن أرى الدنيا بمدرستي وأهتف باسم وحدتنا عبيرُ الحب يا لغتي واستحضاراً لجماله ولقيمته العالية و مكانته في الحضارة الإنسانية ، يمكننا أيضاً اعتماد الخط العربي ليكون عنواناً لهذا اليوم الاحتفالي باللغة العربية ، لأنه يمثل نوعاً من الفن الرائع الذي أظهر جماليات اللغة العربية كشكل إبداعي تجلت نماذجه الرائعة في شتى مناحي الحياة وعلى اختلاف العصور. لذلك رصدت ” جريدة الوحدة ” آراء بعض الأطفال ممن يتمتعون بموهبة الكتابة بالخط العربي الجميل حول أهمية هذا الفن ودوره في إبراز الناحية الجمالية للغتنا العربية الغنية شكلاً ومضموناً بلمحات الجمال والرقي . فكانت الآراء الآتية: الطفلة رنيم عبادي – الصف الثامن قالت : أحبّ الرسم والخط العربي وأعجب كثيراً باللوحات والمخطوطات ذات الزخرفة الجميلة، تعلمت الخط العربي في دورات المركز الثقافي وعندئذ علمت الفرق بين أنواع الخطوط المختلفة، وهي الخط الرقعي، وخط النسخ، والخط الفارسي، والخط الديواني، والخط الكوفي، وعن أسهل أنواع الخطوط قالت: أسهل أنواع الخطوط عامة هو خط النسخ، لكن بالنسبة لي أفضل دائماً الكتابة بخط الرقعة ففيه تتجلى الزخرفة الحقيقية . ورغم أن رنيم تحب الخط العربي وتتعلمه بسرعة فهي تتمنى أن تصبح طبيبة ، لكنها ستتخذ الخط هواية لها تنميها بالدراسة والاجتهاد. الطفل سنان زهيري – الصف الثامن قال: إنه بدأ بتعلم إتقان فنون الخط العربي منذ الصغر مستفيداً من تجربة والده في هذا المجال وقد شارك في العديد من مسابقات الرواد ونال جوائز عديدة في مجال الخط العربي مشيراً إلى أهمية فن الخط العربي في حفظ إرث الأجداد ونقله للأجيال القادمة والتمسك به كنوع من الفنون الراقية . وتابع بالقول : إن حبه لهذا النوع من الفنون يدفعه لدراسة الخط العربي كهواية مستقبلاً مؤكداً أن الأساس هنا يكمن في تعلم مهاراته وإتقانه بشكل جيد .‏‏ كما رصدت ” جريدة الوحدة ” في هذا اليوم الاحتفالي باللغة العربية آراء بعض الأطفال ممن يتمتعون بموهبة كتابة القصص والشعر حول أهمية اللغة العربية ودورها في إبراز الناحية الجمالية لحضارتنا الغنية ، فكانت الآراء الآتية: الصديقة لينا رزق – الصف الثامن قالت : أحبّ الأدبَ والشعرَ والخواطر وأكتب في أوقات فراغي ، كما أحب المطالعة باللغة العربية وفي بيتنا مكتبة جميلة تضم كتباً لنخبة كبيرة من الكتاب العرب ، وكنت رائدة طليعية على مستوى القطر في مجال كتابة القصة وشاركتُ بالعديد من الأمسيات والمسابقات . واللغة العربية منهل وافر العطاء ننهل منه فتزداد معرفتنا ومهاراتنا بفضل ما توفره لنا هذه اللغة الغنية بمفرداتها وألفاظها المتنوعة وكذلك في أسلوب صياغتنا لجملها التي نطوعها حسب المجال الذي نريد التعبير عنه . الصديق اسبيرو اسطفان – الصف السادس ، رائد طليعي في مجال الفصاحة والخطابة قال : اخترت مجال الفصاحة والخطابة لأني أحبّ الشعر كثيراً وهو مجال يحتاج إلى إتقان اللغة العربية بشكل سليم، وكذلك الثقافة الواسعة والحضور الاجتماعي والإلقاء المعبّر . وأنا أنمي موهبتي هذه بقراءة كتب الشعر والقصص والمجلات المخصصة للأطفال وأحفظ معظم ما كتبه شاعر الطفولة سليمان العيسى الذي يمثل لغتنا العربية بأبهى صورها الزاهية ، وهو من عبر عن الطفولة باقتدار من خلال قصائده الغنية بكل مشاهد الحياة . بقي للقول : بعيداً عن اللغة الرقمية التي تسود لغة التخاطب بين جيل اليوم الذي يعاصر التقنيات الحديثة بكل ماتحتويه من عناصر وأدوات عالمية تداخلت في مجتمعاتنا وباتت تشكل لغة عالمية مشتركة بين العديد من الثقافات والحضارات الإنسانية وطغت من خلال مزايا مقوماتها – كالسرعة وسهولة التواصل – على كل الخصائص والسلوكيات للمجتمع المحلي أياً كانت لغته وتراثه … فإننا نستطيع وبجهود بسيطة ومتضافرة أن نتمسك بلغتنا العربية بتعليمها لأطفالنا لتكون زادهم ومنهلهم لبناء معارفهم ومهاراتهم المستقبلية ، لذلك لا بد وأن تلقى لغة الضاد من جميع الجهات الرسمية والأهلية اهتماماً كبيراً نظراً لأهميتها كحاضنة لتراث عريق وكهمزة وصل بين حاضرنا ومستقبلنا .‏‏ وهذا ما لمسناه في آراء أطفال أعربوا عن تعلقهم بهذه اللغة الأصيلة والجميلة ، مع التأكيد على أن لغتنا العربية هذه بحاجة لمن يحمل لواء أصالتها لتدوم بألقها وتميزها ولتتعاقب باستمرار من جيل إلى آخر.‏‏

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار