الغلاء… أضرّ التاجر قبل المستهلك!

الوحدة 16-12-2020

 

 

 فوضى السوق حدث ولا حرج… والغلاء الفاحش أصبح وحشاً (أليفاً) ولم يعد أمراً طارئاً, ومادامت البيضة بدوّار الـ300 ليرة فليس هناك أي شيء غريب كما قال أحد كبار السنّ…

 المشكلة الحقيقية, والأكثر وضوحاً هي أن موجة الغلاء الحالية أضرّت بالجميع, حتى بصانعيها, إذا ما اعتبرنا أن التجار وراؤها, لأن تجارتهم (كسدت) مع انعدام القدرة الشرائية لدى المواطن, الأمر الذي يهددهم بالخسارة, خاصة إذا كانت تجارتهم بمواد سريعة التلف مثل الخضراوات والفواكه!

 المشكلة هنا, والحل هنا أيضاً, لكننا استسلمنا للمشكلة، ولم نجرؤ على التفكير بالحل..

 كل الإجراءات الروتينية المتبقية لضبط السوق لم تأتِ بأي نتيجة, وتراكم عدد الضبوط وزيادتها لا يعني أننا نعمل بشكل صحيح…

 غالباً ما نطرح حلولاً لا يمكن إنجازها إلا بإنتاج مشكلة جديدة أو مفاقمة مشكلة قائمة, ومنها على سبيل المثال دعم  الزراعة المنزلية…

 لا يُخفى على أحد أن الزراعة المنزلية تحتاج إلى السقاية صيفاً, وأن مصدر السقاية هنا هو صنبور مياه الشرب, وبالأساس فإن مياه الشرب غير متوفرة بالقدر الكافي حتى دون هذه الزراعة, وبالتالي فإن الترويج لها يعني بالضرورة إضافة عنصر جديد لمشكلة مياه الشرب…

 نعم, الحاكورة قد تكون حلاً, وقد لجأنا لها لتغطية جانب  من احتياجات البيت, لكننا لم ندرس الفكرة جيداً, ولم نوفر  لها مقومات النجاح والاستمرار!

 نعود إلى الغلاء لنسأل: إن كانت (الخسة) المّنتجة على حساب حرماننا أو معاناتنا مع مياه الشرب ستُباع بـ (500) ليرة, فعن أي أثر  إيجابي سنتحدث….

 وإن كانت الأسعار في سوق شعبي مُعفى من الرسوم والضرائب مثل الأسعار في أي مكان آخر, فالأولى أن تتقاضى البلديات رسومها عن هذه الأسواق, فقد تصيبنا من هذه الرسوم (طرطوشة) في خدمة ما!

 وإن كانت الإعفاءات على بعض المستوردات (الأساسية) كما أسموها لم تغير أي جزئية في المشهد الحياتي فلماذا نحرم خزينة الدولة منها؟

في كل الأحوال, نأمل أن يكون ما نعيشه الآن هو المشهد الأكثر سواداً, لأنه – ووفقاً للمنطق- عندما تبلغ الذروة فإما أن تبقى عليها أو تبدأ بالانحدار, والانحدار في هذه المعادلة إيجابي, أما إذا ما كنّا في مرحلة تسلّق السفح فـ (الله يجيرنا) من القادمات..

ننتظر ثبات المشهد لنعرف كيف ندير مآسينا وكيف نتلقف تشديد الفريق الحكومي على تنفيذ البروتوكول الصحي في المدارس, وكيف نستوعب أن هناك من يسهر الليالي من أجلنا!

ننتظر ثبات المشهد لنعرف على أي ألم نميل, وعلى أي آه نصحو, فالمفاجآت (السارة) قد تجلطنا, فنصبح على تشاؤمنا (اللا مبرر) نادمين!

غيث حسن

تصفح المزيد..
آخر الأخبار