الأديب والباحث عزيز نصار.. وداعاً مسيرة حافلة بالإنتاج الإبداعي

الوحدة 9-12-2020

 

 

 أغنت أدب الأطفال تمثل القصة نوعاً من غذاء العقل والخيال عند الأطفال، لأنها تتيح لهم أن يطوفوا ويلتقوا بأشخاص يشبهونهم ويحبونهم ، ويتعرّفوا على قيم وأفكار وحقائق جديدة. فمن خلال قصصهم يتجاوز الأطفال أبعاد الزمان والمكان، ليجدوا أنفسهم في عصور قديمة، أو عصور لم تأت بعدُ، ويقفون عند حوادث حصلت بالأمس، أو قد لا تحدث مطلقاً، وهم شديدو التعلّق بالقصص، يحبّون أن يستمعوا إليها، أو يقرؤوها بشغف، يحلقون في أجوائها، فيتجاوزون من خلالها أجواءهم الاعتيادية ، ويندمجون بأحداثها، يتعايشون مع أفكارها، خصوصاً وأنها تقودهم إلى الاتجاه الجمالي الذي تحمله، إضافة إلى أنها توفر لهم فرصاً للترفيه والمتعة .‏ وفي هذه السطور ، تفرد ” جريدة الوحدة ” صفحتها للحديث عن المسيرة الإبداعية الأدبية للكاتب الراحل عزيز نصار ورأيه حول أهمية أدب الأطفال ودور هذا الجانب الإبداعي في تشكيل وبناء شخصية الأطفال وتربية سلوكهم والذي أثبت من خلال المجموعات القصصية والشعرية الموجهة للأطفال جدارته في المحافظة على هذا الدور بأسلوب يتناسب مع التطور الفكري الذي يعيشه الطفل . فقد تحدث كاتب الأطفال الراحل واصفاً تجربته قائلاً : ” حاولت إقامة التوازن بين العملية الإبداعية والعملية التربوية ، فهما جناحان ، إذا افتقدنا أحدهما هوى الأدب الطفلي، فلا يغني جناح عن آخر” . فأدب الأطفال الجيد لا يقتصر على المضمون والقيم – مهما كانت جدية وسامية – بل هو كذلك يتمثل بالشكل من لغة وأسلوب وخيال وعناصر فنية مختلفة ، لهذا يمكن اعتبار المضمون والشكل عنصرين متلاحمين يصعب الفصل بينهما. وهذا التكامل بين الشكل والمضمون يجب أن يتوفر في أدب الأطفال وفي أدب الكبار على السواء ، ولكن أدب الأطفال يتميز كذلك بضرورة مراعاة جمهور الأطفال الذي يختلف عن جمهور الكبار في المستوى العقلي والنفسي واللغوي. ولهذا السبب يشكل أدب الأطفال ظاهرة مركبة ترجع للازدواجية الكامنة فيه فهو حريص على توفر البعد الفني الأدبي من جهة، وعلى البعد التربوي – النفسي من جهة أخرى. ويحتل الأدب مكانة بارزة في عملية تنشئة الأطفال، فهو يستطيع: ” أن يلبي احتياجاتهم النفسية ، ويسهم في إشباع اهتماماتهم العقلية، ويربي أذواقهم، ويصقل مشاعرهم وإحساساتهم، ويمكنهم من التصدي للحياة ومتغيراتها بإيجابية ووعي . ويتضاعف تأثير الأدب في الأطفال بسبب قابليتهم للتأثر بما يدور حولهم من أحداث ومواقف متنوعة . ولأن الأدب الجيد يعتمد على الأسلوب غير المباشر وعلى الإيحاء، يمتص الأطفال القيم ويتمثلونها عن طريق النموذج والقدوة والتقليد بحيث تسهم في تكوين شخصياتهم واتجاهاتهم في المستقبل. وتتنوع المضامين والقيم في أدب الأطفال، وهي لا تقتصر على النص و الكلمات بل يمكن أن تظهر كذلك في الرسومات والصور والألوان ” . وكان اتحاد الكتاب العرب في سورية قد نعى الأديب والباحث عزيز نصّار بعد مسيرة حافلة بالإنتاج الأدبي الإبداعي الثرّي الذي أغنى به المكتبة الثقافية وأدب الأطفال من خلال الكثير من المؤلفات والمجموعات القصصية التي ألّفها، حيث اشتغل خلال مسيرة حياته في البحث والدراسة والكتابة وتُرجمت أعماله إلى اللغات الأجنبية. ولد الراحل نصار في اللاذقية عام / 1942 / و أنجز تحصيله العلمي الجامعي عام / 1966- 1967 / ومارس مهنة التعليم، وعمل في قيادة بعض المنظمات الشعبية وهو عضو اتحاد الكتاب العرب – جمعية أدب الأطفال وعمل في الإذاعة مشرفاً على برامج ثقافية. تميّز بنشاطه الدؤوب ومواظبته على المشاركة في المهرجانات والمؤتمرات والمنابر الثقافية والأدبية والفكرية والملتقيات الحوارية، وكان للراحل نشاط إعلامي حافل من خلال العديد من البرامج الإعلامية والكتابات في مختلف جوانب الحياة. وبالعودة إلى موضوعات قصص الأديب الراحل نراها تتناول هموماً وطنية وقومية إضافة لقصص إنسانية اجتماعية . والجدير بالذكر أن القاص نصار كتب القصة القصيرة والقصة الموجهة للأطفال والدراسة الأدبية وصدر له في مجال أدب الأطفال مجموعات قصصية عديدة منها : ” دفتر الفرح – رسوم على الجدار – أحلام الصغار – صندوق الحكايات – شموع صغيرة – الأقفاص – ذكريات جبل ” . كما صدر له مجموعات قصصية للكبار منها : ” نار ورماد – أزهرت الأصابع – أشواق الحجر ” . كما أصدر لليافعين دراستين الأولى بعنوان : ” بدوي الجبل.. ذاكرة الوطن والأمة ” والثانية بعنوان : ” الثائر صالح العلي.

فدوى مقوص

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار