معالم اللاذقية المفقودة في محاضرة لجمعية العاديات

الوحدة 9-12-2020

 

 

خلال محاضرة لجمعية العاديات في اللاذقية قدم الباحث علام رحمة شرحاً مفصلاً لعدد من معالم اللاذقية المفقودة وقد بدأ محاضرته بالحديث حول قلعة اللاذقية البحرية والتي تُعتبر من الآثار التي دُمرت نتيجة للكوارث الطبيعية والزلازل المتتالية، ومازالت الأجزاء المتبقية منها تقبع تحت البناء الحديث لـ (دائرة الإرشاد البحري) في المرفأ.

ويبقى مرجعنا البصري الوحيد عنها لوحة استشراقيه للرسام الإيطالي- الألماني لويجي ماير (1755-1803) م، الذي قدم لنا الوثيقة الوحيدة لشكل قلعة اللاذقية البحرية السليم، قبل أن تدمرها الزلازل.

 يُذكر أن لويجي ماير كان قد قام برحلته في أراضي الدولة العثمانية في الفترة ما بين عامي (1776-1794) م، لذلك لا نمتلك تأريخاً دقيقاً لهذا الرسام.

رُسمت هذه اللوحة قبل زلزال عام 1796 م والذي دمر جزءً من القلعة، قبل أن يُكملَ عليها زلزال 13آب 1822م، الذي أصابها بأضرار جسيمة، مما يُظهر لنا القلعة بكامل جمالها وروعتها، وهي في الحقيقة جزء صغير من اللوحة الأساسية حيث قمت بتكبير هذا الجزء ومعالجته رقمياً كي نستطيع أن نشاهد اللقطة الوحيدة لقلعة اللاذقية البحرية قبل دمارها.

ويُرجح بشكل كبير أن هذه القلعة قد قامت بالأساس على أنقاض منارة اللاذقية الرومانية الشهيرة والتي كانت موجودة كذلك في نفس مكانها منذ العهد اليوناني

وفقاً للعميد البحري حسين حجازي (الموانئ والمرافئ والمراسي القديمة في ساحل القطر العربي السوري 1992 حسين حجازي) فإنه يؤكد أن هذا البناء البحري قد قام على أساسات من حجارة منحوتة ضخمة، ترتكز على قاعدة اصطناعية مبنية في البحر عن سابق عزم وتصميم من عمق 2-8 أمتار وسطياً، ويرى أنها مؤلفة من ثلاثة أجزاء من أنظمة البناء من خلال طراز الجدران وقياسات الحجارة، وتتوضع هذه الأجزاء فوق بعضها البعض وهي جزء حديث وجزء يعود للقرون الوسطى وجزء ثالث قديم والذي تمت تسويته بعد تعرضه للدمار.

ويتحدث حسين حجازي كذلك عن قاعدة اصطناعية لايزال بالإمكان مشاهدة رصيف بحري اصطناعي منها بعرض 4-6 أمتار وبطول 15 مترً في الحافة الجنوبية الغربية للقلعة.

وأرجح أن البرج الصغير الظاهر في الرسم أسفل يمين القلعة كان قائماً على هذه القاعدة الاصطناعية، والذي كان يُشكل شرفة مراقبة منخفضة متوضعة على طرف القلعة، ولربما كان أيضاً مقراً للسلسة من الجهة الشمالية، المرتبط بالبرج الجنوبي فيشكل معه سلسة تمنع دخول وخروج السفن، في حين كان يمنع الجسر الذي يصل القلعة باليابسة (قبل دماره) خروج السفن من شمال القلعة، ويضيف الباحث رحمة: يلاحظ وجود أعمدة قديمة أسطوانية قد استُخدمت في بناء جدران هذه القلعة، وهي بقايا أعمدة المباني الرومانية أو ربما اليونانية القديمة التي تهدمت وسقطت جراء الزلازل المدمرة، ولا معلومات مؤكدة لدينا عن تاريخ بناء قلعة اللاذقية البحرية، أو متى تحولت المنارة إلى قلعة، ولكن يبدو واضحاً من خلال نص القسيس والمؤرخ الفرنسي راؤول دي كين (1080-1120) م، في كتابه (أعمال تانكريد  في الحملة الصليبية الأولى) أن تحصينات الميناء تم بناؤها قبل العام 1105م، حيث أعاد البيزنطيون تحصينها وترميمها من جديد، أما قلعة اللاذقية البحرية فيُعتقد أنه قد تم الإشارة إليها بكلمة المبنى الجديد في هذا النص: (أخيراً، ملأ ميناء اللاذقية عدد كبير من السفن اليونانية، كانت السفن محملة بالأسلحة وكذلك الحرفيين والجنود كي يتمكنوا من شن الحرب والشروع بعمليات البناء، بعد أن أحضروا معهم كل من عمال البناء والأحجار المقصوصة والمُعدة للتشييد، وبدؤوا في البناء، وقد كانت هناك مواد وفيرة من خلال الجدران المتداعية لمن يحتاجون إلى أحجار، فتم تحصين الميناء، وتم البدء بعملية البناء، ووصلت الأنباء القاسية إلى بوهيموند، الذي خرج على أمل أن العمل بالتحصينات لم ينته بعد، ولكنه عندما وصل وجدها مكتملة.

كان يقف فوق البوابة برج قديم، سمي على اسم القديِس الياس، وهو الآن منفصل عن المبنى الجديد بواسطة البوابة، قام اليونانيون بتحصين هذا البرج أيضاً وربطه بحصنهم.

الآن، مع بناء القلعة فوق البوابة، كانت البرج يقدم خدمتين لليونانيين فأصبح أولاً بمثابة ممر للعبور ذهاباً وإياباً، وثانيا كخط دفاع ضد دخول السفن المعادية).

من هنا نستنتج أن اللاذقيين البيزنطيين (اليونانيين)، هم من قام ببناء القلعة البحرية حوالي عام 1105م، وتم في الوقت نفسه تحصين البرج المقابل لها (البرج الجنوبي) والذي كان اسمه برج القديِس الياس، وربطه مع القلعة، بحيث شكلت المسافة بينهما بوابة حصينة لميناء مدينتهم ضد غارات القوات الصليبية،    حيث كانت هناك محاولة سابقة لـ بوهيموند  للاستيلاء على اللاذقية بالتعاون مع رئيس أساقفة بيزا دايمبرت  في كانون الثاني من العام 1099م، ونطالع ذلك في كتاب قصة الحروب الصليبية للمؤلف راغب السرجانى: لقد وصل مندوب البابا- رئيس أساقفة بيزا دايمبرت- إلى الشام في صيف 1099م بعد سقوط بيت المقدس، ووصلته هذه الأنباء، واجتمع مع بوهيموند أمير أنطاكية ليتباحثا معاً أحوال القوات الصليبية، وكان ذهن دايمبرت يعمل في اتجاه الحصول على أملاك تخص الكنيسة واستغل بوهيموند هذه الرغبة، ووجه أطماع دايمبرت إلى ميناء اللاذقية.

لقد سيطرت الدولة البيزنطية على ميناء اللاذقية بمساعدة الأمير ريمون الرابع، وحيث إن هذا الميناء يقع في جنوب أنطاكية فهو يمثل خطورة كبيرة على بوهيموند الذي صار معادياً بصراحة للدولة البيزنطية، ومن ثَم دفع بوهيموند الأسقف دايمبرت لاستغلال أسطول بيزا القوي لحصار اللاذقية وإسقاطها، ووافق الأسقف دايمبرت دون تفكير كثير على هذه الخطوة؛ خشية ألا تبقى هناك مدن مناسبة للاحتلال مع مرور الوقت، وبالفعل تم الحصار، وكادت المدينة تسقط لولا حدوث أمر غير الأحداث، لقد جاء ريمون الرابع بجيشه في هذه اللحظة حيث فشل في الحصول على إمارة في فلسطين، فجاء يكرر سعيه للحصول على إمارة في الشام أو لبنان، وفُوجئ ريمون بالحصار المشترك بين بوهيموند ودايمبرت لميناء اللاذقية، فتدخل مسرعاً، وقام بزجر بوهيموند، وقال لدايمبرت: إنه ليس من الحكمة مطلقاً أن نخطو الآن خطوة نستعدي بها الدولة البيزنطية، وأن هذا سيقضي على آمال توحيد الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية تحت زعامة بابا روما، وأن فرصة دايمبرت أكبر في فلسطين حيث توجد القدس.

ولكن على الرغم من وقُوع بوهيموند في يد الأتراك أسيراً في تموز السنة ١١٠٠م، فإن نسيبه تانكريد الذي تولى الحكم في أنطاكية في غيابه استولى على طرسوس وأدنة، ثم حاصر اللاذقية ثمانية عشر شهراً واستولى عليها في السنة ١١٠2م، وأخرج الروم منها، وأفسد هذا الطمع السياسي مرة أخرى العلاقة بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة اللاتينية. 

في حين تذكر مصادر أخرى أن تانكريد استولى على مدينة اللاذقية البيزنطية في نيسان أو أيار من العام 1103م بعد حصار دام ثمانية عشر شهراً.

ولاحقاً تم إضافة تحصينات جديدة على الميناء وربما إعادة تأهيل للقلعة في عهد بوهيموند السادس (1252-1275) م، حيث يقول كريستيان مولين في كتابه القلاع الصليبية المجهولة: (دفاعات جديدة بنيت بواسطة اللوردات المستقلين خلال القرن الثالث عشر والتي توضعت على طول الساحل وهذا يتضمن أبراج بوهيموند السادس في اللاذقية).

 في حين أن إميلي آن بيوفورت، في كتابها القبور المصرية والأضرحة السورية-1862م تقول إن أهل البندقية هم من بنى هذه القلعة، حيث يرد النص التالي:

(أعداد كبيرة من هذه الأعمدة لا تزال موجودة، ولكن تم كسر الجزء الأكبر منها وتدحرجت إلى البحر، وتم استخدامها في بناء أسس وجدران قلعة الميناء هذا النصب التذكاري هناك المبني من قبل أهل البندقية، والتي تبدو أجزاء من نصبها وحوافها الصلبة القديمة قائمة وواضحة للعيان).

ويصف محي الدين بن عبد الظاهر تدمير هذه القلعة البحرية وباقي تحصينات الميناء في زلزال 22 آذار 1287م، حيث يقول في كتابه “تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور: (وهذا البرج شمم في أنف تلك الجهات، وآفة عليها من أكبر الآفات، طالما أصبح وأمسى حسرة في قلب المسلمين، وذخيرة لأعداء الدين، وذلك أنه في وسط البحر، لا تُسلك إليه طريق من برّ، ولا يُنقب له سور، وكيف وخندقة البحر. وكان يتحصّل به الفرنج مال كثير من مينا اللاذقية التي هي مثل ميناء الاسكندرية، ولما كان ليلة السبت خامس صفر جاءت الزلزلة عظيمة في جهة اللاذقية هدمت أكثر برجها الذي في وسط البحر لأمر يريده الله للمسلمين من الخير وهذا البرج كان مالك عصمتها فهدمت الزلزلة منه ربعه، وهدمت برج الحمام ومكان القنديل الذي يستضاء به منها ويستدل به في البحر وكانت زلزلة عظيمة شديدة وكان ذلك من الأسباب التي سهلت فتحه).

إذاً هناك برج يسمى برج الحمام وهو البرج الجنوبي، وبرج آخر (الذي في وسط البحر) والذي يقصد به القلعة (مالك عصمتها)، والتي دُمر ربعها وفقاً لوصفه، أما مكان القنديل فلربما هو برج آخر يعمل كمنارة، ويُرجح أنه كان يقع فوق القلعة ذاتها، والذي هُدم بالكامل مع برج الحمام.

ويتحدث الرحالة ابن بطوطة عن برجي الميناء في أثناء زيارته للاذقية حوالي 1332م فيقول: (ميناء هذه المدينة عليها سلسلة بين برجين لا يدخلها أحد ولا يخرج منها حتى تحط له السلسلة وهي من أحسن المراسي بالشام)، وحملت القلعة لاحقاً النمط المملوكي المتمثل بوضوح في القبب، ويُرجح أن من رمم القلعة وقام ببناء قببها الأربعة السلطان المملوكي الظاهر خُشقدم (حوالي 1465 م) حيث سميت هذه القلعة باسمه (قلعة خُشقدم) وقد ذكر هاشم عثمان اسم خوشقدم ضمن أسماء أماكن في اللاذقية:  (خوشقدم، ضمن منطقة المرفأ القديم)، ويذكر ابن الجيعان في كتابه (القول المستظرف في سفر الملك الأشرف قايتباي) وجود البرجين والسلسلة بينهما وذلك في رحلة قايتباي إلى بلاد الشام في عام 882 هـ / 1477م، وبأن الميناء تم تجديده وإعادة تأهيله في أيام الظاهر جمقمق: (بمينة (ميناء) مستديرة، بها مخازن وبرجان على فوهتها بهما سلسلة عظيمة قيل إن عدد كلابها الحديد سبعمائة كلب وزن حديدها أربعون قنطاراً حلبياً عنه بالمصري مائتا قنطار جددت في أيام الظاهر جمقمق ومينتها مستديرة تسع من داخل السلسلة سبع مراكب متلاصقة كبار وبها حمامات)، ويُظهر رسم الجغرافي العثماني الشهير بيري ريس عام 1513م، وجود سلسة الميناء حيث تم رسمها بوضوح ممتدة بين برجين على طرفي ميناء مستدير، وقد أظهر الرسم أن كِلا البرجين كانا بنفس الحجم والارتفاع وبذلك يكون هذا الرسم آخر وثيقة لدينا تؤكد وجود سلسلة تربط بين القلعة والبرج الجنوبي، حدث الانهيار الأول للقلعة في زلزال 1796م، فيقول الرحالة وعالم الحشرات الفرنسي غيوم أنطوان أوليفييه (1756-1814) م في وصف زلزال اللاذقية ( 26 نيسان 1796 م): مخزن التبغ، ذلك البناء الكبير المتوضع قرب الميناء المبني بحجارة صلبة ضخمة طُرح أرضاً وأصبح حُطاماً.

طبعاً لم يذكر أوليفييه انهيار القلعة بشكل مباشر، ولكن وصف تحطم مبنى التبغ القوي والصلب الواقع بقربها، مما يعطينا فكرة واضحة عما حدث لباقي مباني ومنشآت الميناء ومنها القلعة،   ويؤكد ذلك رسم لميناء اللاذقية يعود لحوالي العام 1816م للمستكشف أوتو فريدريش فون ريختر (1791-1816) م، وهي اللوحة الوحيدة لدينا – حتى الآن- التي تُظهر القلعة وهي شبه مدمرة وذلك في الفترة ما بين زلزالي 1796و 1822 م  مما يدلنا على أن انهيارها حدث على مرحلتين، كما يؤكد اليوناني نيكولاس أمبراسيس (1929-2012) م، في دراسته عن (السكون الزلزالي المؤقت جنوب شرق تركيا)، أن زلزال 1822م هو من أدى لحدوث الانهيار الثاني للقلعة (المتداعية أصلاً جراء زلزال 1796م)، حيث يقول: في المارينا (الإسكلة) التي تقع على بعد حوالي 1,5 كم من مدينة اللاذقية، انهارت قلعة الميناء المتداعية.

ويقول جورج روبنسون 1830 م، في وصف القلعة التي زارها بعد زلزال 1822م:

على الجانب الشمالي من مدخل الميناء تتواجد بقايا القلعة المهدمة التي تنتصب شامخة على صخرة متصلة مع البر بأقواس، وهو يقصد بالأقواس بقايا الجسر القديم الذي يصل القلعة بالبر.

يتضح كذلك في رسم لويجي ماير وجود بقايا أقواس جسر محطم يمتد من اليابسة إلى القلعة، ليصل أمام سلم مؤلف من 5-6 درجات صعوداً تؤدي إلى بوابة القلعة الرئيسية المزينة من حوافها بإطار من الحجارة، ويؤكد ذلك الرحالة والقس الإنكليزي ريتشارد بوكوك (1704-1765) الذي زار اللاذقية حوالي عام 1740م، فيقول: (على الجانب الشمالي من مدخل الميناء هناك قلعة تقع على جزيرة، التي يتصل بها جسر مؤلف من ثمانية عشر قوساً من النقطة الشمالية الغربية).

وفي حين أن لويجي ماير قام برسم هذا الجسر محطماً مع إظهار بعضاً من أقواسه القديمة، في الفترة ما بين (1776-1794) م، نجد أن ريتشارد بوكوك قد قام برسمه كاملاً وسليماً ووصفه بدقة وذلك في حوالي عام 1740 م، مما يُرجح أن هذا الجسر قد تعرض للتدمير جراء التسونامي الذي ضرب اللاذقية في 21 تموز 1752 م، إذ يقول العالم الألماني أوغست هينريش سيبيرغ (1875-1945) م، في كتابه (دراسات عن الزلازل والفوالق في شرق المتوسط) 1932 م: (في 21 تموز من عام 1752 وقع زلزال في الساحل السوري أدى إلى موجات بحرية مدمرة، أحدثت أضرار كبيرة في اللاذقية).

لاحقاً في أواخر العهد العثماني  في عام 1906 م تم تمهيد سطح  القلعة، وإنشاء ثلاثة غرف حديثة فوق أساساتها القديمة الصلبة، ومد طريق يصل القلعة باليابسة  في مكان الجسر القديم، وتُعرف بقايا أساسات هذه القلعة حالياً باسم (مبنى دائرة الإرشاد البحري في مرفأ اللاذقية)،الأحجار المقدسة في معبد ديانا في حوالي عام (300 ق.م) قام الملك السلوقي سلوقوس الأول نيكاتور بإهداء اللاذقية أحجار أوريستيس المقدسة (الأصلية)، والتي يُزعم أن أوريستيس هو من وضعها بيده في مكانها، حيث قامَ الفُرسُ بقيادة خشایارشا الأول  بنقل هذا الأحجار من أتيكا إلى شوشان وذلك قبل أن يقوم سلوقوس نيكاتور باستعادتها وإهدائها إلى اللاذقية لتوضع في معبدها الشهير ديانا (أرتميس).

في 16 أيار من عام 218 م، أصبح السوري ماركوس أورليوس أنطونيوس أوغسطس المعروف باسم (إيل جبل- إيلاجبالوس) والمولود في حمص 203 م، إمبراطوراً على الإمبراطورية الرومانية

وقد قام بتوسيع معبد يقع على الزاوية الشمالية الشرقية من تل بالاتين  (بالقرب من الكولوسيوم) في روما وأطلق عليه اسمه (إيلاجباليوم)، وكان إيلاجباليوم مركزاً لثقافة دينية مثيرة للجدل، وقد كان مكرساً لإله الشمس (سول إنفيكتوس)، إضافة إلى مزاج الإمبراطور الخاص والغريب الذي جعل جميع الآلهة الأخرى عبيداً أو خدماً لألهته الخاصة. وعين نفسه الكاهن الأكبر لمعبد إيلاجباليوم، في حمص مدينة إيل جبل كان هو الكاهن الأعظم لإله الشمس، قبل أن يُصبح إمبراطوراً حيث كان إله الشمس يُعبد بشكل حجر مقدس مخروطي أسود، يُقال إنه سقط من السماء وقد نُقش عليه نسر يحمل في منقاره أفعى.

وقد تواجدت في اللاذقية الحجارة المقدسة، المهداة إليها من قِبل سلوقوس نيكاتور، والتي كان يُعتقد أنها النسخة الأصلية الذي جاء بها أوريستيس، فقام إيل جبل بنقل هذه الحجارة المقدسة من اللاذقية إلى معبد (إيلاجباليوم) في روما حوالي 220 م. وقد ورد ذلك في عدة مصادر.

يبقى أيليوس لامبريديوس المؤرخ الروماني من القرن الرابع، وأحد مؤلفي كتاب التاريخ الاغسطسي، الشاهد الأهم على ما حدث حينها وذلك في كتابته عن حياه إيل جبل، إذا يقول: اعتزم إيلاجبالوس أن يأخذ من المعابد الخاصة بالآخرين الحجارة التي يُقال إنها مقدسة أو إلهية، من بينها رمز الآلهة ديانا، من مكانها المقدس في اللاذقية السورية والتي تم تكريسها من قبل أوريستيس.ويقول جاكوب بوركهارت في كتابه “عصر قسطنطين الكبير، أن إيل جبل قام بجلب الأصنام السامية خاصته، وتعاويذ الحماية من روما، وحجارة أوريستيس من معبد ديانا في اللاذقية، جميعهم معاً عشوائياً في كومة واحدة.

وفي كتاب عبادة سول إنفيكتوس لـ غاستون هالسبيرغ يقول عن إيل جبل: كانت لديه رموز الطوائف الرئيسية التي تم جلبها إلى إيلاجباليوم (هضبة بالاتين) بما في ذلك النار المقدسة من فستا، حجر ماغنا ماتر، تعاويذ الحماية، الدروع المقدسة لـ سالي، الأحجار المقدسة لمعبد ديانا في اللاذقية.

إذاً هذه الأحجار المقدسة بقيت في مدينة اللاذقية (معبد ديانا) لمدة تزيد عن 500 عاماً، حيث كانت تتم عبادتها، وهي عادة انتشرت في مناطق كثيرة من بلاد الشام وسواحل فينيقيا وكان يُطلق عليها اسم (بيت-إيل) أي بيت الآلهة، ومن ثم انتقلت من اللاذقية إلى روما عام 220 م، ولا يُعرف مصير هذه الحجارة بعد ذلك..

وبذلك طُويت صفحة الأحجار المقدسة لمعبد ديانا في اللاذقية إلى الأبد.

هلال لالا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار