الوحدة 18-11-2020
تعد مرحلة الطفولة الركيزة الأساسية في تكوين الشخصية والسلوك السليم عند الفرد من خلال اكتشافه لكل ما يحيط به وتفاعله مع المواقف المختلفة التي تحدث من حوله . وفي تعريفه عند معظم الباحثين التربويين والاجتماعيين ، يعدّ اللعب مفتاح التعلم والتطور لدى الأطفال، فمن خلاله يكتشف الطفل بيئته ويكتشف ذاته كما يتعلم ثقافة مجتمعه وقيمه، ويطور قدراته ومهاراته . ومن خلال اللعب يكتسب الطفل كثيراً من المعلومات التي يصعب اكتسابها من الكتب المدرسية، فاللعب هو مدرسة للعلاقات الاجتماعية كأداة أساسية وهامة من أدوات التفاعل والتواصل مع الآخرين ، لذلك فإن اللعب يحتل مكانة هامة في عملية التعليم عند الطفل، لأنه عجينة قابلة التشكيل، وقد أظهرت الدراسات أن للعب إسهامات واضحة في نمو الأطفال وبناء شخصياتهم، بالإضافة إلى الدور التعليمي بالغ الأهمية في تكوين معارفهم ومعلوماتهم تجاه العالم المحيط به. أما من الناحية التربوية ، فقد كشفت البحوث أن الأطفال كثيراً ما يخبروننا بما يفكرون فيه وما يشعرون به، من خلال لعبهم واستخدامهم للدمى والمكعبات والألوان والصلصال وغيرها، إذ يعد اللعب وسيطاً تربوياً يعمل بدرجة كبيرة على تشكيل شخصية الطفل بأبعادها المختلفة. لذلك اهتم القائمون على التربية والتعليم بهذه الوسائل التعليمية المتخصصة بالأطفال في أعمارهم المختلفة، وتؤكد نتائج البحوث الاجتماعية ، أن شركات لعب الأطفال تهتم بالدراسة العلمية للألعاب قبل إنتاجها، ومدى ملاءمتها لسن الطفل وتأثيرها فيه. ومن هنا يمكننا القول : بأن إتاحة الفرصة للأطفال لاختيار ألعابهم بأنفسهم، مع التدخل البسيط إن دعت الحاجة إلى ذلك من الوالدين، تساهم في تطوير المهارات العقلية، الجسدية، الإدراكية، الاجتماعية والنفسية لدى الطفل، بالإضافة إلى القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة، والاختيار الصحيح، فقد يخطئ أطفالنا في اختيار ألعابهم، نتيجة تدخل عنصر الجذب والتشويق في عملية الانتقاء . فمن يختار لعب الأطفال ، الوالدان أم الطفل؟ ولماذا؟ وما الأثر النفسي، والاجتماعي الذي يعود على الطفل جراء هذا الاختيار؟ للإجابة على هذه الأسئلة قامت ” جريدة الوحدة ” بالاستطلاع الآتي حول أهمية اللعب وأدواته المتنوعة في حياة أطفالنا من خلال آراء بعض الأصدقاء الأطفال وأهاليهم : الصديق سومر عوض – الصف الثامن قال : في عصر التقنيات الحديثة لم نعد بحاجة إلى اقتناء الألعاب التركيبية أو البلاستيكية ، فأنا أقضي معظم أوقات الفراغ وأيام العطلة في اللعب على جهاز الكمبيوتر وأنا من ينتقي الألعاب الالكترونية – طبعاً تحت إشراف الأهل – وفي بعض الأحيان نتوجه أنا وزملائي إلى ممارسة كرة القدم في النادي المشتركين به . الصديق حيان سلامة – الصف الثامن – قال : أختار ألعابي بنفسي ثم أعرضها على والديّ، لكي أستفيد من آرائهما، لتجنب اختيار لعبة جامدة بدون فائدة. ولكني أستفسر عن ثمن اللعبة، إذا كان مناسباً لوالديّ. وأنا أحب أن أنتقيها ، لأن ذلك يشعرني بالمسؤولية ، إلا إذا كانت اللعبة مفاجأة أو هدية من والديّ بمناسبة ما ، فإنني لا أتدخل في اختيارها، بل تزيد من فرحتي بها وحرصي عليها. الصديقة تيماء إبراهيم – الصف السابع قالت: أحب أن أختار لعبتي بنفسي، لتكون حسب ميولي، لكن ولأنني طفلة، وأريد أن أمتلك جميع الألعاب فإن والديّ يعرفان الألعاب التي تنفعني.. لذلك وتبعاً للظروف الراهنة من غلاء الأسعار فإنني أقبل بما يختاره لي والديّ. الصديق نقولا جبرا – الصف السابع قال : لايتدخل والديّ في اختيار ألعابي.. فأنا الذي أختار لعبي بنفسي، لأنني أنتقيها حسب ميولي ، واختياري لها من باب إعجابي الشديد بها. أما آراء أهل الأطفال فقد تراوحت بين التأييد لرأي أطفالهم، وفتح المجال لهم لاختيار ألعابهم بأنفسهم مع التدخل البسيط، أوالرفض ، لأنهم يرون أن الطفل لا يعرف اختيار المفيد. السيدة ليال ضوا – قالت : أعمار أطفالي صغيرة , لذلك فهم لا يختارون ألعابهم بأنفسهم ، بل غالباً ما نختارها لهم ، وذلك لإطلاعنا على ألعاب بأشكال مختلفة وذات فوائد تعليمية، وأنا أرى مستقبلاً – عندما يكبرون – أن الاختيار المشترك أكثر فائدة للطفل، لأن الطفل سيختار اللعبة التي تعجبه، والأهل يقرروا بعد ذلك مدى مناسبتها لسنه وفائدتها له، بالإضافة إلى قلة أضرارها ومخاطرها على الطفل. السيد جمال برو – قال : أنا مع أن يختار الطفل ألعابه بنفسه، لأنه كلما أختار ألعابه بنفسه كلما استطاع الحفاظ عليها والاستمتاع بها أكثر. أو أن يختارها الوالدان، ولكن برفقة الطفل، لمساعدته على اختيار لعبة غير موجودة لديه سابقاً، أو اختيار المفيد والمناسب لعمره، على أن يكون القرار الأخير للطفل. فهذا يشعر الطفل باستقلاله برأيه، واعتماده على نفسه في اقتناء احتياجاته، وذلك مما يدخل السعادة والفرح على الطفل، وهذا في رأيي الشخصي هو الهدف الأساسي من شراء اللعبة. المرشدة الاجتماعية سمرعزالدين قالت : من الأفضل أن يختار الطفل ألعابه بنفسه ، فهذا ينمي لديه الثقة بالنفس، وعدم الاعتماد على الآخرين، لينشأ قادراً على اتخاذ القرارات الصائبة والصحيحة. لكن هذا لا يعني إهمال توجيهات الوالدين في اختيار الألعاب المفيدة، التي تنمي عند الطفل القدرات العقلية والإدراكية والاجتماعية، مع إرشاده للابتعاد عن الألعاب الخطرة، إلا أن الطفل في حاجة إلى عنصر المفاجأة من الآخرين، خاصة الوالدين، في اختيار لعبه، في أوقات الأعياد ومناسبات النجاح.. السيد منذر العلي – خريج دراسات عليا علم نفس – قال : من الأفضل أن يختار الطفل ألعابه بنفسه، لأن الطفل يثابر على الاستكشاف والمعرفة ، مزوداً بغريزة حب الاستطلاع، والخيال الواسع . أما الأثر النفسي الذي يعود على الطفل جراء اختيار الوالدين للعبه، أو اختياره للعبه بنفسه، فإن اختيار الوالدين للعبة الطفل يساهم في تطوير وتنمية خياله ومعارفه، والتعرف على شخصيته واكتشافها، بالإضافة إلى التعرف على طريقة تفكيره وتقوية ارتباطه مع أفراد الأسرة، وبالمقابل فإن اختيار الطفل للعبه يدعم ثقته بنفسه، وتقدير ذاته والتعبير عنها، بالإضافة إلى تعليمه الصواب والخطأ، كما أنه يجعله يحاكي في ألعابه ميوله ورغباته وتطلعاته في المستقبل، ووضع الطفل على عتبات تحمل المسؤولية في الحياة. وفي الختام يمكننا القول : بأن اللعب هو الوسيلة الفطرية التي يختزل فيها الطفل كلاً من المتعة وفضول المعرفة؛ عن طرق التجريب والاختبار والمحاولة أو التقليد فاللعب هو أكثر من مجرد وسيلة للتسلية أو مضيعة الوقت، ولا نبالغ إذا قلنا أنه من الممكن صياغة أساليب تربوية وتعليمية تعتمد في أساسها على ألعاب الأطفال ونختصر من خلالها الكثير من الوقت والجهد أثناء عملية تنشئتهم، وتعد هذه الأساليب بمثابة منهج رديف لوسائل وتقنيات التعليم والتربية المتبعة وداعم رئيسي لضمان نجاحها وإيصال رسالتها. ومن هنا فإن عملية اختيار الألعاب لأطفالنا ليست سهلة، لأنها تخضع لعدد من الشروط والمواصفات والإرشادات الجديرة بالمعرفة والإطلاع ، حتى لا تكون عملية الاختيار غير مجدية، أو تكون مضيعة للوقت والجهد والمال بدون طائل.؟
فدوى مقوص