الوحدة 18-11-2020
نولد عراة، ثم تبدأ مرحلة الإكساء وبناء أواصر راسخة مع رحم المنبت الأول الذي نشتم فيه رائحة الأم، الوطن مادة محببة لاصقة بالقلب ببصمات لا تمحى، هو أول أرض تتلقف المرء على عتبة الحياة.
الانتماء متراس الروح، مرتبط بالوجود الإنساني والانتماء الحر للمكان الذي يولد ويحيا فيه الإنسان ويدافع بكل قواه عنه ويفديه بروحه، وحب البقاء يدفع الإنسان للتعلق بالوطن، وكلما زاد الانتماء والتجذر بالأرض والوطن ذابت الفوارق وتلاشت الخلافات بين أبنائه وقويت الأواصر والوشائج.
الأفراد يكبرون بانتمائهم لبلدانهم وهناك بلدان تكبر بأفرادها، فالمواطن هو الفرد الذي يستقر في بقعة جغرافية من الأرض ويعيش فيها، والانتماء يتجلى بمراعاة الممارسات والأعراف والتقاليد واحترام القيم الاجتماعية والدينية ويعكس الارتباط الوثيق بين الإنسان ووطنه، ولا انتماء حقيقي بدون مواطن يعرف حقوقه وواجباته ويشارك في بناء وطنه.
الوطنية ليست شعاراً ولا مصطلحات، إنما فعل إيمان لوطن ننتمي إليه ونعمق إيماننا به وبثقافته وتاريخه وحضارته، والوطن يسمو بسمو أبنائه بما يحملون من قيم وطنية واجتماعية، وبعض الشعوب تلجأ إلى وشم الشارات الجسدية المحدثة على الجسم للدلالة عليها وزيادة الانتماء لوطنها، والهوية صفة الانتماء للتراب وتزيد من الشعور بالانتماء الوطني المتجذر في وعينا وثقافتنا الأصيلة وتعزيز الروح الوطنية.
علينا إعادة بناء الوعي الوطني في مواجهة المخططات الخارجية والإرهاب والتطرف الذي يستهدف تمزيق الوطن وترابه، والتعاون بين مختلف الجهات لتعزيز الانتماء وقيم المواطنة وتعزيز اللحمة الوطنية بين جميع المواطنين حيث يجمعهم مكاناً واحداً وهماً واحداً وهدفاً واحداً في حماية الوطن وصيانة مقدراته لبناء إنسان متأصل بانتمائه، والحفاظ على التراث الثقافي ورفض كل أشكال الخرائط الضيقة المتشظية.
الوطن أمانة بين أيدي وفي أعماق أبنائه، والانتماء فعل يجسد على أرض الواقع وليس مصطلحاً للترفيه والتغني به، علينا التمسك بالمبادئ والثوابت الوطنية دائماً والشعور بالواجب تجاه الوطن والانكفاء عن الانتماءات الضيقة والفرعية ومحاولات استدعاء هويات وقتية- زائفة وإسباغ هالة وهمية وشرعية عليها.
نعمان إبراهيم حميشة