نجم يهوي

الوحدة: 2- 11- 2020

 

لم يكن نجماً عادياً.. هو نجم بقدمين.. يمشي بهما بثقة في شوارع طرطوس..

أينما مررت قد تراه… يضيء بشعره الأشيب الكثيف..

لم يكن يخيف الأطفال – كما جرت العادة – حين يمرون برجل (مختل العقل)..

فهيئته تدل.. نظراته.. عيناه اليقظتين, تفحَصه للعابرين بثقة أحياناً, وبعدم اكتراث في معظم الأحيان..

ثقته بنفسه.. ثقة من أضاع كل شيء, ولا يريد شيئاً إلا سيجارة, أو مائة ليرة.. إذا أردتم! يطلبها من أصحابه.. هم ليسوا كذلك لكنه صنعهم.

صنع من بعضهم أصدقاء ينتظرون مروره اليومي, يقدمون السيجارة بمحبة, يشعلونها له, ويمضي دون أن يقول شيئاً لكن عينيه تقول.. بائع قهوة الرصيف يقدم له فنجاناً ساخناً, قد يشربه.. وقد يرميه, ويمضي.. كما يرمي المائة ليرة.. هو نجم لا يعبأ بالأشياء.. ولا يرى النساء..

وحدهم الرجال وليس كل الرجال أصحابه.. يختارهم بعناية, بثقة, وبكبرياء..

وهو لا يستجدي..  يطلب بثقة, وإذا رفض طلبه يغادر بثقة أيضاً,  وكأن شيئاً لم يكن..

 كل الأمور عنده لا تساوي شيئاً… يريد أن يمر الوقت, وهو يمشي في شوارع أحبها.. أو أحبته..

وقد مر الوقت, وهو يعبر أمام سيارة تجتاز الوقت.. وفي الوقت الضائع مات.

نجم شوارع طرطوس يهوي بثقة.. لن يبكيه أحد.. ارتاح! يقولون!

إلا الأرصفة التي اعتادت طرق خطواته…  ولن يذكره إلا من لمس الحزن المترع في عينيه الواسعتين… وداعاً نجم.

سعاد سليمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار