أهل الخير في زمن (المتاعب)

الوحدة: 12- 10- 2020

 

نتمنّى أن نكون منهم، ونحاول أن نكون…

أكثر من جزئية في الحياة تجعلك نادماً على ما فعلته من خير أو معروف، قبل أن يستيقظ العقل، ويقول لك: (اعمل منيح وكبْ بالبحر)!

قد يكون أحدهم على مشارف الموت عطشاً، فتقدّم له ما بحوزتك من ماء، فيشرب حتى يرتوي، و(يبصق) فيما زاد عن حاجته…

الصداقة هذه الأيام كذبة إلا ما ندر… لا نريد الإساءة إلى هذه القيم، ولكن الواقع أسوأ من عدم القدرة على تجميله، مع ترك مساحة ضيّقة للاستثناءات الجميلة…

على وقع وجعٍ قد تتكفّل الأيّام بتهدئته، نبحث في غربال (الأحبّة) عمّن سلم من ثقوبه، والنتيجة أقلّ مما كلّفكِ الزرع بكثير، وبالتالي فإنّ ميزان هذا (النبل) خاسرٌ معظم الأحيان…

ألتزم الورقَ، والفضاء الأزرق، فتنبتُ العقارب والطحالب، وكأني مضيتُ بكلّ إرادتي إلى مقصلة الوقت، أعارك عناد حبالها بـ (عنق) بقي عزيزاً رغم كلّ الويلات الروحية التي عبرته!

نتمنّى أن نكون من (أهل الخير)، ونحاول أن نكون، لأننا بالأساس غير قادرين أن نكون في الضفّة الأخرى، ولأننا (أعجز) من أن نكون (مارقين) بلا قيم على عمرٍ طويله قصير…

لوهلةٍ، عشتُ بوهمٍ كبير، اعتقدتُ أنّ المعاملة الطيّبة لا بدّ وأن تنتج علاقات طيّبة ولو في الحدود الدنيا من هذا الإنتاج، ولكن الخيبة اتسعت مثل صحراء بلا حدود، تنتقل كثبانها لتزيد مساحتها وتوسّع وحشتها..

ولوهلةٍ، اعتقدتُ أنّ من لا يؤذي الناسَ لا يؤذى، وكما هو قدري دائماً، أصحو على الخيبات التي لا تنتهي…

في عراك الحياة المستمرّ، في محيطك، وعملك، وفي طابور الانتظار على أيّ شيء، تولد علاقات تخالها مبشّرة.. قد تتنحّى جانباً لتفسح الدور لمن جاءك بكلّ (النفاق) لأنه ما إن يمضي حتى يقول عنك (ضحكت عليه)!

لسنا صغاراً، ولم يلوّح لنا أحدٌ بـ (حبّة سكاكر) حتى نقع غررةً بائسين، ولكنها (فطرة) تفرض علينا أن نظنّ بالناس كما نتمنّاهم أن يظنّوا بنا..

ولسنا بحاجة للمزيد من التجارب لنثبت ما نشير إليه، أو ما نتألم منه، الحكاية واضحة كصرخة شمس في عزّ الظهيرة لمن يريد أن يرفع نظره إلى السماء، أما من تلعق نظراتهم مداسهم فلا شأن لنا بهم..

ولسنا بحاجة لمزيد من (البكاء الوجداني)، فما مضى من عمرٍ يكفينا، وقد تلذّذنا ببعض شهده..

ولا نبحث عن استثمارات جديدة في (الحبّ) ولا عن مشاريع في إطار القلب..

ولن نزعل إن سقط صديقٌ، فالوقت خريفٌ ومن الطبيعي أن يتساقط أصفر الورق..

ولن نعكّر أمزجتنا (شفقةً) عليهم، فليسوا أهلاً لهذه الشفقة، ونحن أكبر من أن تخرج عنّا، لأننا حين تعلّقنا بهم كنّا نراهم أجمل من أنفسنا…

ولن نبلّل الوسادةَ وجعاً منهم أو عليهم، فهناك أكثر من أمل نزرعه على هذه الوسادة..

ولكن، ولأننا نقتنع أنّ لديهم من (الخير) ما يمكّنهم من العودة إلى (الصراط المستقيم)، فإننا نعمل على مساعدتهم ولو اعتقدوا أننا نتنازل لهم أو نتودّد لديهم، ونتنازل إن كان في هذا التنازل ما يصلح حال (صديق) سابق..

نتحدّث عن ألمٍ يعانيه كثيرون هذه الأيام، نقلّبه في أحاديثنا اليومية، وقليل منّا يبادر إلى ترجمته إلى عمل وسلوك!

غانم محمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار