حقول ثقافية بديلة في محاضرة فكرية

الوحدة: 12- 10- 2020

 

إنّ عالم الأنثروبولوجيا (تايلور) أورد مائة وخمسين تعريفاً للثقافة، وما علق بأذهان الناس بمستوياتهم المتباينة أنّها تنتمي إلى الرفيع والمتسامي من شؤون الناس أكثر من أي شيء سواها، ولا يتصدى لها إنتاج إلا من يتميز بسوية وعي رفيعة فيحصل الناس في كافة الأنحاء والأزمنة والمجالات على أفضل ثمار العقول الناضجة، يشعر بقيمتها الخاصة وتصل إلى العامة عبر وسائل كالمسرح والسينما والتلفزيون وغيرها.

بهذه المقدمة استهلّ الباحث حسن أحمد محاضرته التي حملت عنوان : حقول ثقافية بديلة وذلك في صالة الجولان بمقر فرع اتحاد الكتّاب في اللاذقية. في مادتنا الآتية  نسلط الضوء على أهم ما جاء فيها من أفكار ومحاور…

بداية عرّف المحاضر الثقافة بأنّها الخروج من مملكة البيولوجية أي ما لا ينتمي إلى عالم الغرائز مهما كان ذا علاقة بها، فالإبداع أو الوعي الرفيع والمهارات العليا قد تكون على صلة ما بالغريزة من باب أو آخر، وإلا فهو منتج اجتماعي تاريخي للوعي.

وقد ارتبطت الثقافة عبر تاريخها بمحاولات متدرجة زمنياً وفي سويتها الفكرية بأهمية تفسير الحياة والعالم أي ظواهر الكون وعلاقة الإنسان به.

كما تساءل الباحث بقوله: لماذا تتم مصادرة كثير من جوانب حياة الناس، فلا تجد لها موقعاً في ما يعتد به، ويعد ثقافة يجب أن يضاء عليها كي تعرف البشرية مسارات تطورها مستقبلاً، مستدلة بما يشغل الناس ليس في الأدب والفلسفة فقط، بل في ميدان الطعام واللباس والرياضة والرحلات والإعلام… الخ، وما يلحق هذه الجوانب من تطور دال على طرائق عيش الشعوب ومستويات تفكيرها مما يردف الثقافة المعترف بمكانتها سابقاً.

فالثقافة لا تعرف الجمود لا في الأساليب ولا الموضوعات ولا الحقول، ثم تحدث المحاضر عن حوار الحضارات وعن الحداثة السائلة ( ما بعد الحداثة) وعن الثقافة السائلة المتمثلة في انتشار الأفكار عبر العالم بواسطة وسائل التواصل وهناك حقول ثقافية جديدة تضاف دوماً إلى الحقول السابقة تولّدها العصور والتغيّرات، ومن سمات عصرنا سرعة التغير وفيض الأفكار.

وشدّد المحاضر على أنّ المعرفة ميدان للعقل وأحكامه ونشاطاته تنميه وينميها، وأنّ لا ثقافة دون معرفة تنتجها أو تنتج  عنها، ثم استعرض المحاضر الحقول الثقافية البديلة من ثقافة الطعام فلم يكن الطعام وما يفرضه على الناس من تفكير خارج ثقافة أي شعب يوماً ما، وفي عصرنا هذا يتم تناقل الخبرات بين المجتمعات بسهولة وسرعة، ويضيف الناس إلى ثقافتهم ما يحصلونه من خبرات وثقافة الشعوب، ومن ذلك في مجال الأطعمة وآدابها وإعدادها وموادها.

كذلك الرياضة تصنع ثقافتها (سلطتها) حيث حافظت الرياضة على جوانبها الفنيّة التي هي قوام وجودها مع تحوّلها إلى نشاطات استثمارية، وهكذا يتوزع عالمها بين مجالين ينتهبانه: المال والمهارات والثقافة تنتصر للمهارات.

ومن حقول الثقافة الرحلات والاكتشافات والاطلاع إذ أن انتشار وسائل النقل براً وبحراً وجواً يساهم في سهولة وتطوير نشاط الرحّالة وهناك تنظيم رحلات إلى الفضاء الخارجي.

ومن الحقول الثقافية البديلة: الأزياء والتسوق وثقافة الرقمنة ونقيضها الثقافة اللاعقلانية.

واختتم الباحث حسن محاضرته بالتأكيد على أن هذه الحقول ليست بديلة في الثقافة إنّما هي الحقول المكمّلة، وكل أمر في حالة سيولة وعرضة للتغيير في هذا العصر.

رفيدة يونس أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار