الوحدة: 12- 10- 2020
حين حاول إمساكه بكلتا يديه، انزلق من بين أصابعه، وقف غير بعيد، نظر بعينين واثقتين، قال: سآتيك ولو سوّرت نفسك بكلّ عتمات الدنيا، ولو زرعت في طريقي كلّ أشواك العوسج، ولو سددت دروبي بكلّ الأسلاك الشائكة.
×××
قدري أن آتيك، فلا تعبث معي.
أصغى إلى كلماته، جحظت عيناه، صعد الدم إلى وجهه، احمرّت وجنتاه، تأوّه لمرّتين. قال: لا بأس ببعض الضوء.
تلجلج الكلام في صدره ولم يفصح، كان السؤال أكبر من قدرته على الإجابة، اكتفى بكلمتين اثنتين: أجل، أحبهم.
جاهد في إمساك دمعتيه، لم يفلح فانسربتا، مسح عينيه وأرسل تنهيدةً، ربت صديقه على كتفه، احتضنه، وبدأت زخّات المطر بالهطول.
×××
عرّشت على جدار منزله، تسلّقت كيف شاءتْ، وتدّلتْ كيف شاءت، أعطت أزهاراً شوكيةً، قالت: لكي تنال الزهرة لا بدّ من لسع الشوك. هكذا أنا لا أعطي زهراتي للخاملين الذين أرهقهم جلوسهم فتكرّشوا.
×××
غادره النعاس.. ارتحل جنوباً، وقف عند مساكب النور، اغترف أضمومة ضياء، ضمّها إلى مستودع السحر المطّرز بصفاء اليقين، راح يتأمل أول خيوط الفجر، نظر إلى وجهه في المرآة، ها هو الشيب يزيّن فوديه. مدّ أصابعه، تلمّس مطارح الثلج، ابتسم قائلاً: هو العمر يمضي، أمّا أنت. فمتجدّد كل يومٍ أيها الصباح.
×××
سارا معاً تحت مظلة واحدة، ارتطم كتفاهما، أحسّ برعشةٍ تسري في أوصاله.
سألها: أتحبين المطر؟
– ومن لا يحب المطر؟
– أعني: أتحبيّن السير تحت المطر.
– أحبّ السير فوق الأشواك ما دمت معك.
رنا إليها بعينين دافئتين، مدّ يده ومسح الماء عن شعرها المبلل وقال: بل نمشي معاً. شوكاً كان الدرب أم مطراً.
سيف الدين راعي