الوحدة: 12- 10- 2020
يظن الآباء أنهم يسيرون على الدرب الصحيح، وذلك حين يجبرون أبناءهم على الخوض في سباق ضمن مجالات الحياة المرتبطة بالإبداع والعلم، بغض النظر عن مدى طموح هذا الابن أو ذاك، وكل ذلك يحدث بفعل ما يندرج تحت اسم عقدة التميُّز لدى الأهل ، وهنا يبقى السؤال: هل يحق لنا أن نجبر أبناءنا على ما لا طاقة لهم به؟
وحول هذا الموضوع قمنا باستشارة بعض المرشدات في مجال الطفولة والتربية:
السيدة نداء، تقول: هناك مشكلة كبيرة بين الكثير من الآباء وأبنائهم، وهي تتحدد في أن هؤلاء الآباء يحاولون استخدام أسلوب الضغط على أبنائهم، كي يكونوا ناجحين ومميزين، دون الأخذ بالحسبان مقدرات هذا الابن أو ذاك، فليس كل ابن قادراً على تحقيق التميز، فالأشخاص يتفاوتون في القدرات والرغبات والطاقات، إن أكبر خطأ يرتكبه الأهل هو حين يُشعرون الابن بأن محبتهم له منوطة بما يحقق لهم من أمنيات، فهم يقولون على سبيل المثال: (أريدك أن تصبح بطلاً في الرياضة)، (أريدك أن تصبح عازفاً معروفاً في العالم)، (أريدك أن تكون الأول دائماً).
والمرشدة النفسية السيدة لين، تقول: إن التميز لا يأتي بالإجبار، هو نابع من قدرات الابن ومواهبه، بالإضافة إلى الظروف المحيطة، نحن علينا أن نوفر كل ما نستطيع توفيره لأبنائنا، لكن دون أن نشعرهم بأننا ننتظر منهم ما يفوق طاقاتهم، إن ثقافتنا المجتمعية الخاطئة تجعلنا ننظر إلى النجاح على أنه محدد في مجالي الطب والهندسة، وكأن ما تبقى في نظرهم يكون خارجاً عن مفهوم العلم، يبدو أننا في مجتمع كهذا نحتاج إلى الكثير من التوعية والتنوير حتى لا نجعل أبناءنا يقعون في هاوية الخيبة، ومن ثم في الاكتئاب.
والمرشدة النفسية السيدة رشا، تقول: الكثير من الآباء يحاولون أن يملؤوا وقت فراغ الأبناء بما يفوق طاقتهم، وهذا في كثير من الأحيان لابد من أن يؤدي إلى خلق ردات فعل سلبية، وبخاصة حين نقول أريدك أن تكون مخترعاً، أريدك أن تتفوق على أصدقائك، إن مثل هذه الأمور تجعل الابن يدخل في دائرة الخوف، وعدم الشعور بالأمان، وبخاصة إذا كان لا يمتلك مقومات التميز والاستعداد للإبداع، نحن يمكننا أن نوجه بهدوء، ونروي لأبنائنا قصصاً متعلقة بالمميزين والناجحين، ونوفر لهم الجو المثالي الذي يمكن أن يوصلهم إلى ذلك، لكن دون استخدام الأساليب القائمة على الإكراه والإجبار والمقارنة، علينا أن نتنبه إلى أن الدافع الداخلي لدى الابن هو الأساس في كل نجاح، وهو المحفز على التميز، وارتقاء أعلى درجات الإبداع.
د. رفيف هلال