النقل الداخلي في اللاذقية.. ازدحام كبير ومخاطر تتفاقم !

الوحدة 7-10-2020

 

انعكست أزمة البنزين على وسائل النقل عموماً، وازداد الضغط بشكل مضاعف على  باصات النقل الداخلي في اللاذقية، مخلفة ظهور مشكلة كبيرة على أرض الواقع لدى الركاب، إذ تنتابك الدهشة، وتشعر بالذهول للوهلة الأولى، عندما ترى حشود الازدحام الكبير للركاب أمام مواقف باصات النقل الداخلي، أو في أثناء صعودهم إليها، ولاسيما في ظل الظروف الراهنة لانتشار جائحة كورونا، فمظاهر التباعد الاجتماعي غائبة عن المشهد كلياً، وحتى كادت أن تكون مجرد يافطات ليس أكثر، لأنها لا تأخذ طريقها إلى حيز التنفيذ فعلياً، حيث أن أغلب الركاب لا يرتدون كمامة أو قفازات.

  ففي أوقات الذروة، وعلى أغلب محاور  خطوط  النقل داخل مدينة اللاذقية، يصدمك المشهد على سبيل المثال لدى باصات خط (مشروع  الزراعة – مرفأ) الذي تراه منسحباً على باصات محور (الرمل الشمالي- المشفى الوطني)، (وشخيضاهر، جامعة ، كراجات) و(الرمل الشمالي، كراج)، فعدد الركاب الموجودين في الباص الواحد وقوفاً،  يعادل أعداد ركاب أكثر من باصين، وهو ما أثار حفيظة الناس، الذين عبروا لنا عن استيائهم من سلبيات هذه الظاهرة الخطيرة.

 (الوحدة) اطلعت على  هذا الواقع، ورصدته ميدانياً.. للوقوف  على أسباب الازدحام الكبير وغياب التباعد الاجتماعي، والإجراءات الاحترازية ومدى تطبيقها عملياً، كانت لنا هذه الوقفة مع الجهات ذات العلاقة.

أوجاع مزمنة من الواقع

– السيدة عروبة السنكري قالت: أضطر للصعود في الباصات، وكدت أقع أرضاً من شدة الزحمة، وتدافع  الركاب لبعضهم البعض، ولولا سندتني قريبتي  لوقعت أرضاً، فعند وقوف الباص على الموقف ترى الناس يتسارعون مهرولين ليستطيعوا الصعود  بسبب وجود أزمة بنزين وأجار التاكسي غال  جداً وبسبب ارتفاع أجور النقل، ترى الناس مضطرة على اختيار التنقل بباصات النقل الداخلي شديدة الازدحام، رغم التخوف من مخاطر انتشار فيروس كورونا، نتيجة لهذا هذا الازدحام الكبير.

– وتوافقها الرأي السيدة أم علي قائلة: نضطر لنصعد في باصات النقل الداخلي فهي الوسيلة الأرخص للتنقل في ظل أزمة الزحمة الخانقة على وسائل المواصلات ومع عودة المدارس وطلاب الجامعات، ازدادت حالة الازدحام، وباتت الباصات تشبه المكدوس من كثرة الركاب فيها، وخاصة من النساء، وكبار السن على الواقف، وما يزيد الطين بلة أنه عند كل موقف جديد للباص، تصعد أفواج أخرى  من الركاب، وترى السائق يقول: من لديه مجال ليفسح لغيره، مع أن الباص أصبح كالمكدوس تماماً، لذا، يجب أن تكون هناك آلية جديدة تتخذها الشركة العامة للنقل الداخلي، لتخفيف عبء هذا الازدحام الكبير، الذي أصبح غير مقبول، ويشكل بيئة خصبة لانتشار كورونا وسواها من مخاطر أمراض أخرى، يسرع انتقالها بالعدوى، فمظاهر  هذا الازدحام  مقلقة جداً، وتشعرنا بالخوف أكثر من باقي الطرق لانتشار جائحة شكورونا. 

– وفي السياق نفسه، جمعة حسن سليمان (طالب دراسات عليا قسم الصحة العقلية والنفسية بجامعة تشرين ) يقول إنه نادراً ما يصعد إلى باصات النقل الداخلي، كونها تشهد ازدحاماً كبيراً، وبعض الناس تخشى من انتشار فيروس كورونا المستجد، لذلك فهو لا يجد نفسه مضطراً ليتنقل بواسطتها، معرضاً نفسه لمخاطر عدوى انتشار كورونا، مؤكداً في الوقت ذاته بأن هناك شباناً كثر لا تظهر عليهم أعراض كورونا، وتكون مسحاتهم إيجايبة، وهؤلاء على الغالب حاملون وناقلون للفيروس من دون ظهور أعراض، وعند صعود أي من هؤلاء الشبان إلى باصات النقل الداخلي، وبفعل الازدحام الكبير بين الناس فيها، يشكل ذلك خطراً من انتشار الفيروس، ونقله لكبار السن، الذين يعانون من أمراض مزمنة.

 – وبدوره المدرس مازن حسن، ماجستير تاريخ حديث ومعاصر، يرى أن موضوع الازدحام في الباصات ووسائل النقل، هو أمر ليس بجديد، وغالبية الناس مضطرة للصعود إليها، بغية الوصول إلى أماكن عملهم، وعند العودة لمنازلهم وبأرخص كلفة ممكنة، أما فيما يخص الإجراءات الاحترازية، فهي تعود للشخص نفسه بارتداء كمامة، وتعقيم اليدين، ونلاحظ للأسف أن نسبة كبيرة من الركاب لا تلتزم حتى بأبسط تلك الإجراءات الوقائية.

– وأبدت السيدة أم أحمد انزعاجها الشديد من كثرة الازدحام، والناس تفضل عدم الصعود إلى الباصات بهذه الحشود الكثيرة، خشية من انتشار جائحة فيروس كورونا، وغالبيتهم لا تأخذ الإجراءات الاحترازية الوقائية على محمل  الجد.

كما أنه يفترض من السائقين ألا يسمحوا للركاب بالصعود عند امتلاء الباصات، وبالتالي عدم السماح بالصعود إليها  لمن لا يرتدي كمامة، وتخفيف وطأة التزاحم الشديد داخل الباصات، وليس هناك من حل لهذه المشكلة إلا بزيادة عدد الباصات.

– أما السيدة ميادة سلمان، ربة منزل، فتقول إنها اعتزلت صعود  باصات النقل الداخلي، كونها مزدحمة جداً بالركاب، ومعظم الأحيان (الواقفون منهم أكثر من الجالسين)، ولقد تضاعفت مؤخراً هذه الظاهرة غير المقبولة  بشكل كبير، ولهذا أرفض استخدام وسائط النقل الداخلي، رغم ضرورة التنقل بها، خوفاً من انتقال عدوى فيروس كورونا من أحد  الركاب.

وتضيف مبررة رأيها بالقول: إن الحذر واجب، والأمر ليس مزحة أو نزهة، وذلك لأن فيروس كورونا ما يزال موجوداً، ولم يخف انتشاره، كما أن أغلب ركاب النقل  الداخلي ليس لديهم الاهتمام بمسألة الوعي الصحي، وضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية الوقائية المتبعة .

 

 ولاسيما أوقات الذروة خلال فترتي الصباح وبعد الظهر عند بدء عمل الموظفين والمدارس والجامعات وفي أثناء العودة إلى منازلهم.

 وكما يبدو أن  تلك الظاهرة تفاقمت شدتها على أرض الواقع، وبلغت ذروتها خلال أزمة البنزين مؤخراً، والتي شهدت هي الأخرى ازدحاماً مريعاً على محطات الوقود، نجمت عنه اختناقات مرورية بوجه عام، وتدافع كبير من المواطنين للجوء إلى باصات النقل الداخلي لحل مشكلة التنقل لديهم، أي أنه توالدت لدينا أزمة وافدة على أزمات أخرى.

وباتت هاتيك الأزمات، تشكل خطراً  يخشاه الكثيرون في ظل ظروف انتشار جائحة كورونا في وقت توصي فيه وزارة الصحة بضرورة التباعد الاجتماعي والمكاني بين الأشخاص، إضافة إلى ضرورة اتباع  باقي الإجراءات الاحترازية، وأبسطها ارتداء الكمامة والتعقيم لليدين بشكل مستمر.

ولعل أغلب الناس، ليس لديهم  الوعي الصحي الكافي، ليأخذوا تلك الإجراءات الوقائية الهامة على محمل الجد، والعمل على تطبيقها فعلياً، مخافة انتشار عدوى فيروس كورونا، أو سواه من الأمراض المعدية الأخرى، فضلاً عما ينتج عنها من تفشي أوبئة فتاكة، تنتقل عدواها إلى الكثيرين.

 ونعود لنؤكد أنه على الرغم من تعقيم باصات النقل الداخلي قبيل بدء انطلاقتها للعمل، فإن  مثل هذا الإجراء إيجابي وصحيح وسليم، ولكنه يجب أن يتزامن مع تطبيق الركاب للإجراءات الاحترازية الخاصة بهم شخصياً، وابتعادهم ما أمكن ذلك عن طوابير الازدحام، سواءً على مواقف الباصات، أو بين ركابها، وانتظارهم عند مواقف الباصات – إذا لم تكن لديهم حالات اضطرارية – لحين قدوم باصات أخرى.

 وننوه بأهمية ضرورة قيام الشركة العامة للنقل الداخلي بتفعيل دور المراقبين لديها على عمل الباصات، كي يشرفوا على تحديد وضبط عدد الركاب داخل كل باص، وذلك تخفيفاً لحالات الاكتظاظ الشديدة، التي بدورها تنعكس إيجابيا على تخفيف أضرار صحة الركاب من جهة، وبالتالي تخفيف أضرار الباصات من جهة أخرى.

 عوامل اشتداد المعاناة لدى السائقين

 – نجدت أسعد أحد سائقي باصات النقل الداخلي (خط الرمل الشمالي- المشفى الوطني) قال: إن أوقات الازدحام، تبلغ أشدها وقت الذروة الصباحية من الساعة الثامنة، وحتى العاشرة صباحاً، وفي فترة الظهيرة من الساعة الواحدة وحتى الساعة الثالثة بعد الظهر، ويرى أن أسباب هذا الازحادم الكبير، تعود لتأخير الباصات بالوصول إلى المواقف المخصصة لها على التوقيت المحدد، وذلك نتيجة مشكلة ازدحام السيارات على محطات البنزين الواقعة داخل المدينة كافة، مايسبب اختناقات مرورية وازدحاماً شديداً في الشوارع، ماينتج عنها تأخير وصول الباصات إلى مواقفها المتعددة على طول خطوطها، وبالتالي تزداد زحمة الركاب الكثيفة، التي تنتظر الباصات للركوب، مضيفاً أن أغلب الناس لاتكترث لكلام السائق بالانتظار لحين وصول باصٍ آخر، ولكنهم يواصلوا الصعود إلى داخل الباص بأعداد كبيرة من الركاب، وما يزيد الطين بلة، ويضاعف من شدة هذه الأزمة الخانقة أن الوضع المادي لايسمح لمعظم الناس بالتنقل عن طريق سيارات الأجرة، نتيجة الغلاء المستحكم بوجه عام، وخصوصاً ارتفاع أجور التاكسي ولاسيما خلال فترة أزمة البنزين، ويرى ضرورة إلزام الركاب بوضع كمامة، لأن أغلبيتهم لاتطبق الإجراءات الاحترازية الوقائية للسلامة الصحية، وأبسطها ارتداء الكمامة.

آلية معالجة الازدحام على الخطوط ومسبباته

 من جهته أوضح مدير عام الشركة العامة للنقل الداخلي باللاذقية المهندس طارق عيسى إن أسباب الازدحام في باصات النقل الداخلي، هي قائمة حالياً، نتيجة لوجود ضغط شديد على خطوط الأرياف، ولاسيما بعد افتتاح المدارس والجامعات، وقلةحركة التكاسي بسبب أزمة البنزين العارضة، حيث تقوم الشركة بتسيير رحلات يومية لبعض باصاتها من أجل معالجة الازدحامات بالكراج الشرقي، وكراج الفاروس، وموقف مشفى دراج مقابل السكن الجامعي إلى جبلة، وتكون الوجهة الخاصة لمحاور رحلات تلك الباصات إلى مناطق عديدة من الكراج الشرقي يومياً مثل (جبلة، المزيرعة، القرداحة، الحفة، صلنفة، الفاخورة..)، وتبلغ عدد النقلات اليومية حوالي ٢٥ نقلة، إضافة إلى رحلات كراج الفاروس بشكل يومي إلى مشقيتا، البسيط، وادي قنديل، والطارقية، ويتحدد عدد الرحلات وفقاً للحاجة والضرورة، تبعاً لحالات الازدحام في الكراج، حيث يتم الطلب عن طريق مخفر شرطة الكراج، وذلك بالتنسيق مع الشركة العامة للنقل الداخلي عند وجود حالات ازدحام وعدم وجود سرافيس، وعندئذ تقوم الشركة بتسيير رحلة، تخفيفاً لعبء الازدحام على المواطنين، علماً أن الازدحام أثر سلباً على الجاهزية الفنية للباصات، نتيجة للحمولات الزائدة عن حدود طاقاتها، عدا عن عملها المتتابع لساعات طوال.

نحو أداء أفضل في مجالي النقل والصحة العامة

أشار مديرعام النقل الداخلي أنه يعمل حوالي ١٠٠ باص نقل داخلي متوزعة على ١٤ خطاً داخل المدينة، وبعضها مخصص لتخديم الأرياف، إضافة إلى تخصيص جزء منها لأداء مهمات مع شركات القطاع العام الصحي والإنتاجي والزراعي. ونظراً للحاجة الفعلية الملحة، قمنا بطلب تزويدنا ب ٥٠ باصاً نقل داخلي مبدئياً، لنتمكن من تغطية خطوط المدينة بالحد الأدنى، وتحسين جودة حركة عمل النقل الداخلي، والتخفيف من حدة أزمة الازدحام، وأكد عيسى فيما يخص الإجراءات الاحترازية أنه توجد لدى الشركة لجنة للتعقيم من عمال الشركة تعمل على تعقيم جميع الباصات يومياً قبل الخروج إلى العمل، وإلزام جميع عمالها باتباع الإجراءات الاحترازية، كما أنه تم وضع لوحات توعية للركاب للوقاية من فيروس كورونا داخل الباصات.

 قلة عدد الباصات وأزمة البنزين الطارئة

 عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل مالك الخير قال: إن أسباب زيادة الازدحام تعود إلى قلة عدد الباصات في المحافظة بوجه عام، وأزمة البنزين الطارئة بوجه خاص، كانت عاملاً أساسياً لازدياد الضغط على باصات النقل الداخلي لأن أغلب سيارات الأجرة اضطر أصحابها للتوقف عن العمل، إثر عدم توفر البنزين بالكميات التي تغطي الحاجة الفعلية لها.

إجراء جديد للسرافيس المتسربة عن خطوطها والحاجة لزيادة عدد الباصات

ولفت عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل إلى أنه حالياً سيتم إجراء حول السرافيس المتسربة عن خطوطها، التي تعمل خارج نطاق خدمة المسؤولين عن تسييرها عبر المحافظات، حيث سيتم مراقبة آلية حركة عمل السرافيس على مستوى خطوط محافظة اللاذقية كافة، ليصار في ضوء ذلك إلى تقنين حصتها من مادة المازوت، إذا لم تعد للعمل بجدٍ ونشاط إلى تلك الخطوط المحددة لها أصولاً، وأضاف الخير قائلاً: بدأنا دراسة واقع النقل العام في محافظة اللاذقية ،وتحويل بعض الآليات عن بعض الخطوط التي عليها فائض، وسيتم تحويل تلك الآليات إلى الخطوط الأكثر ازدحاماً، وضغطاً شديداً بعدد الركاب مع العلم أننا وُعدنا من الجهات ذات العلاقة بزيادة عدد الباصات نحو ٥٠ باصاً، لكي تتم تغطية حاجة المحافظة حالياً من وسائط النقل العام .

 المواطنون أطباء أنفسهم

 ونوه الخير مختتماً كلامه بصدد الإجراءات الوقائية المعمول بها، فقال: إن المواطنين هم أطباء أنفسهم، لذا يتوجب عليهم تطبيق الإجراءات الاحترازية المتعلقة بهم شخصياً، وأقل مايمكن ارتداء الكمامة، وعدم الصعود إلى الباصات الممتلئة بالركاب، والانتظار قليلاً لحين قدوم باص ثانٍ، علماً أنه يتم تعقيم جميع الباصات، التي هي في الخدمة يومياً.

تعقيب المحرر

 الازدحام الكثيف على مواقف باصات النقل الداخلي ،والصعود إلى داخلها، هي مشكلة مزمنة قائمة، وبالتقادم تتفاقم أكثر فأكثر إلا أنها خلال الفترة الأخيرة، تضاعفت بشكل كبير إلى حد غير مقبول، وباتت تشكل ظاهرة خطيرة تستدعي لفت الانتباه وأولويات الاهتمام، وتستدعي سرعة الحلول والعلاج الأجدى والأمثل لها من قبل الجهات المعنية، لأن مخاطر هذا الازدحام الكبير، تتعاظم شدتها يومياً، وتتكاثف سلبياتها أكثر فأكثر.

الحسن سلطانة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار