معاناة القرى المنسية وراء الجبال من قلة المياه.. وآه يا حنان

الوحدة: 28- 9- 2020

 

تتجلى معاناة المواطن في عراكه مع الحياة بمظاهر عدة ولكن ماذا عن صبره الذي نفذ أمام معاناة من نوع آخر لا تعنون إشكالها إلا بكلمتين روتينيتين وهما إما (انقطاع او تقنين)؟!

 انقطاع لعدم توفر ميزانية أو اعتمادات معينة وتقنين سببه القلة المرتبطة بأسباب باتت مبرراتها من قبل الجهات المعنية معروفة  لدى الجميع تلك الكلمتين اللتين ارتادتا جميع جوانب الحياة الخدمية للمواطن من كهرباء ومواصلات وأنترنت وصرف صحي وغيره، إضافة إلى جانب آخر مهم نود الحديث عنه يحمل في طياته معاناة المواطن من قلة المياه وبالتحديد أهالي القرى المنسية وراء الجبال حيث المسافات البعيدة التي تصعب على سكانها الذهاب من وإلى مركز المدينة فهل ستكلف الجهات المعنية خاطرها لعبور تلك المسافات واستكشاف الحال الخدمي فيها؟! 

هذا ما سنجيب عليه من خلال المعلومات التي استنبطناها من واقع القرى ومعاناتها وحاجة سكانها للمياه مع قلة الضخ المرتبط بأسباب مختلفة والذي يؤكد أهمية تناول هذه القضية الخدمية إذ لابد من لفت النظر اليها لتدارك آثارها ونتائجها السلبية التي قد تهدد حياة الجميع.

أم محمد، من سكان قرية عين التينة تقول: أعاني كثيراً من مشكلة قلة المياه، إذ يتم وصل وضخ المياه بشكل عشوائي مرة كل أسبوع، وأحياناً كل عشرة أيام وعندما يفرغ الخزان وتنفذ كل الأواني المنزلية نضطر للاستعانة بصهاريج المياه وشرائها أو اللجوء إلى نقل المياه  من الينابيع الموجودة في القرية والتي من المفترض على الجهات المعنية استثمارها بشكل منظم بما يخدم السكان.

عندما سألنا السيدة حنان عن مدى رضاها عن عملية ضخ المياه في قريتها عين التينة كان جوابها كالتالي: آه يا حنان، لما (يفضى الخزان) كم أشعر بالإحباط عند سماع خبر نفاذ المياه  في المنزل لأنني لا أستطع فعل أي شيء إلا إيقاف جميع الأعمال المنزلية من تنظيف وطبخ وغيره، وبالتالي تراكمها وانتظار الفرج (أي اليوم الذي سيتم فيه ضخ المياه)  إذ لا يوجد يوم معين أو ساعة معينة يتم الإعلان عنها لنأخذ احتياطاتنا وكثيراً ما يتم وصل المياه في ساعات الليل المتأخرة دون أن نعلم وقد لا  يحالفنا الحظ بالاستيقاظ و تعبئة الخزانات بالمياه.

وللبحث عن الأسباب التي ولدت تلك المعاناة في القرى وبالتحديد ناحية عين التينة والقرى التي تحيط بها أو تتبع لها مثل قرية حبيت وجبلايا والخالدية، كان لابد من التواصل مع المعنيين بما ذكرناه وطرحناه، إذ بيّن لنا رئيس مجلس بلدة عين التينة سامر أحمد أن عدد سكان عين التينة يبلغ ١٧٥٠٠ نسمة حيث أن بلدة عين التينة تبعد ٣٦ كم عن مركز المدينة  أي حوالي ساعة كاملة وبالنسبة لمشروع مياه عين التينة أوضح أحمد أن عمر المشروع حوالي ٤٠ عاماً وكان يروي سابقاً حوالي ٢٠٠ منزل والآن يوجد أكثر من ١٨٠٠ عداد منزلي مؤكداً أنه لا توجد عشوائية في عملية الضخ وهناك التزام كامل من قبل عمال الضخ إلا أن التقصير في عملية التوزيع والسبب هو وجود عامل واحد يقوم بتوزيع المياه للبلدة ككل، الأمر الذي يتطلب وجود عامل آخر للتناوب فيما بينهما لأداء هذه المهمة.

وبالنسبة للإعلان مسبقاً عن مواعيد الضخ، أوضح أحمد أن هذا الأمر لا يمكن القيام به لكون ضخ المياه إلى الخزانات مرتبطاً بالكهرباء مقدماً مجموعة من  المقترحات  كحل لتجاوز هذه المعاناة ومنها إنشاء خزان تجميع ثان بجانب الخزان القديم لاستيعاب المياه المهدورة من نفس النبع (عين المجنونة)  وتجميعها في خزان وضخها للأهالي.

كما أن حفر بئر في البلدة أو تفعيل البئر الذي تم حفره في قرية جبلايا  منذ حوالي عامين من أهم الحلول لتجاوز المشكلة القائمة، مؤكداً بأنه وعند ورود شكاوى من المواطنين حول قلة المياه  يتم مباشرة التواصل مع القائمين على عملية التوزيع لحل المشكلة وفق الإمكانيات المتاحة.

 

رئيس وحدة  مياه الثورة معين عليا  كشف لنا أن أهم أسباب معاناة الأهالي من قلة المياه وخاصة في ناحية عين التينة والقرى المحيطة بها أنه في فترة الصيف وخاصة الممتدة من شهر ٱب وأيلول وحتى نهاية تشرين الأول تزداد حاجة الناس للمياه وهذا بدوره يؤدي إلى استهلاك زائد وبالتالي نفاذ الكميات المتوفرة في الخزانات وقد يصادف هذا أوقات انقطاع الكهرباء والتي تشكل عائقاً كبيراً أمام عملية ضخ المياه مضيفاً أنه في فترات انقطاع الكهرباء تتم الاستعانة بالمولدات الكهربائية ولكن الأهالي يفضلون دائماً وصل المياه خلال فترة مجيء الكهرباء وهذا مرتبط بأسباب متعلقة بعدم صعود المياه الى خزاناتهم المنزلية إلا عن طريق تشغيل (دينمو) مما يضطرنا لانتظار موعد عودة الكهرباء وهذا من أهم أسباب التأخير في عملية الضخ.

وذكر عليا أن ضخ المياه يتم من خلال نبعي (عين المجنونة والقسطل) الكائنين في ناحية عين التينة ويتم التوزيع لعدة قرى منها حبيت وجبلايا والخالدية والقموحية وباب الهوى وفق آلية ضخ تعتمد على أربع مراحل منوهاً أن التوزيع للقرى يكون عن طريق الإسالة مع تحديد أيام معينة لكل قرية معللاً ذلك أن المحولة غير قادرة على تشغيل غاطسين معاً في نفس الوقت ولهذا تم رفع كتاب للمحافظة وبانتظار الموافقة عليه من أجل تأمين محولة قادرة على تشغيل غاطسين وهذا سيكون حلاً للمشكلة القائمة.

وأكد عليا أنه إذا تم تأمين محولة خلال الفترات القادمة سنلحظ تحسناً في عملية التوزيع وبالتالي يمكن الضخ لأكثر من قرية في نفس الوقت.

كما طالب عليا من الأهالي الحفاظ على المياه وعدم العبث فيها بالشوارع وبطرق عشوائية مشيراً إلى أهمية ثقافة ترشيد الاستهلاك المائي من قبل المواطنين والتي بنظره تقع على عاتق الإعلام والجمعيات الفلاحية والمخاتير ورؤساء البلديات وجميع المعنيين بالقضية المذكورة.

ما لحظناه أن المعنيين المتواجدين ضمن مساحات القرى الجغرافية لم يكونوا بمنأى أو غفلة عما يحدث لأهالي منطقتهم أو القرى التي تتبع لهم إدارياً إلا أن أسباب عدم معالجة المشكلة القائمة أجوبتها عالقة لدى المعنيين المتواجدين ضمن حيز المدينة،

فهل ستكلف تلك الجهات المعنية خاطرها يوماً والقيام برحلة ولو استكشافية للاطلاع على واقع القرى؟

ورغم ذلك لم ينتظر الأهالي زيارات مفاجئة ممن يستصعبون جغرافيا الطرقات والمسافات البعيدة للاطمئنان على حالهم وأحوالهم بل يأملون (طج) تواقيعهم على كتب وطلبات تحمل في طياتها حلولاً لأوجاعهم موجودة على سطح مكاتبهم منذ فترات طويلة.

إذاً، معاناة الأهالي من قلة المياه أسبابها باتت معروفة بعد المعلومات التي استعرضناها ولكن حلولها مازالت غامضة فهل ستخرج يوماً ما إلى العلن ليخبرنا الأهالي بأن معاناتهم انتهت واقتراحاتهم لحل المشكلة قد تم الموافقة عليها، لا بل نفذت، هذا ما نأمله!

جراح عدره

تصفح المزيد..
آخر الأخبار