الوحدة: 28- 9- 2020
إلى الجنوب الشرقي من مدينة القرداحة، وعلى بعد ٢٥ كم عنها، تقع قرية العامود الساحرة بطبيعتها وطبيعة سكانها، تتوغل في التاريخ، فهي من أقدم القرى المسكونة في المنطقة حسب روايات الأهالي، يحتضنها الجبل بكل شموخه وكبريائه، محاطة بحرفين من الجنوب والشمال هما حرف المسيترة الذي يتبع منطقة القرداحة وحرف متور الذي يتبع لمنطقة جبلة وتطل على البحر الذي ترتفع عنه نحو ٧٠٠ متر من خلال فتحة جبلية بين الحرفين.
يعود اسمها حسب الروايات إلى الأمير علي العامود الذي سكنها منذ أكثر من ثمانمائة عام وله فيها مقام كريم يؤمه الزوار من كافة الأصقاع.
يعتمد الأهالي فيها على الزراعة البعلية وخاصة زراعة أشجار الزيتون وبعض الأشجار الاخرى وزراعة التبغ ويشتهر تبغ القرية بجودته ونوعيته الممتازة.
الوحدة تجولت بالقرية والتقت بعض من أهلها الكرام الذين تحدثوا عن واقع الخدمات فيها.
– السيد جابر حمود قال: تتميز قريتنا ببساطتها وهي من القرى المظلومة خدمياً في الكثير من الجوانب ونذكر أهمها مياه الشرب التي تأتي مرة واحدة كل خمسة عشر يوماً حسب مزاج الموظفين المسؤولين عن توزيع المياه وذلك بسبب الاعتداءات على الشبكة من القرى الأخرى تحت نظر الموظفين، كذلك لا يوجد مستوصف ولا أي نقطة طبية في القرية وأقرب مستوصف يبعد عنا ٨ كم، أما الصرف الصحي فهو مشكلة المشاكل إذ لم تخدم قريتنا بأي صرف صحي بل يعتمد الأهالي على الجور الفنية التي باتت تلوث البيئة والأراضي الزراعية، وأضاف: نتبع لمنطقة القرداحة ولا توجد أي وسائط مواصلات تربطنا بالمنطقة بل نرتبط بمدينة جبلة بمواصلات خاصة يبحث السائق فيها عن مصلحته قبل مصلحة الآخرين وقد نضطر لدفع ٥٠٠ ليرة للراكب الواحد ليصل السرفيس إلى القرية علماً أن الأجرة الطبيعية ٢٢٥ ليرة سورية للراكب الواحد علماً أنه لا يخلو بيت من بيوت القرية من عساكر احتياط ومتطوعين بالإضافة للموظفين في مدينة جبلة والطلاب ولذلك هجر الكثير من أبناء القرية قريتهم بحثاً عن خدمات أفضل وفرص للعمل طلباً لتحسين معيشتهم.
يحتاج الطريق العام للقرية للتعزيل والصيانة بسبب بعض الانهدامات والأعشاب وبعض أشجار السنديان التي أخذت حوالى الثلث من عرض الطريق في بعض المواقع، أما الطرق الزراعية فهي بحاجة للقش والتعزيل لأنه وبسبب غزارة الأمطار في المنطقة وصل الشجر لبعضه وأغلق بعض الأماكن من الطرقات علماً أن الأراضي الزراعية في القرية مخدمة بنسبة ٨٠٪ مضيفاً أن اغلب الطرق الفرعية في القرية نفذت بتعاون الأهالي بين بعضهم بعمل شعبي رائع، ولفت أنه يوجد في القرية حلقة تعليم أساسي وضعها جيد من حيث البناء والبنى التحتية فيها وقد قام أحد أبناء القرية وهو السيد عادل سلوم بتأمين وتمديد وإيصال المياه للمدرسة من بئره الخاص بشكل دائم، بينما يدرس أبناؤنا مرحلة الثانوية في قرية عين الحيات التي تبعد عنا مسافة ٤ كم ويذهبون سيراً على الأقدام في كافة الظروف الجوية الصعبة لعدم توفر وسائط نقل.
– الأستاذ كمال حمود قال: لقريتنا تاريخ موغل في القدم تتميز بمحبة أهلها وتعاونهم فيما بينهم في كافة الظروف أبناؤها مميزون ومحبون للعلم ورغم البعد عن المدينة ورغم صعوبة الظروف الطبيعية والمعيشية إلا أنها تتميز بوجود الأطباء والصيادلة والمهندسين وكافة الاختصاصات الدراسية، وكانت قريتنا محاطة بغابات جميلة من الصنوبر والسنديان ولكن النيران التهمت القسم الأكبر منها خلال العام الماضي ولفت إلى أن تأمين مياه الشرب وشبكة صرف صحي من أهم الخدمات الضرورية للقرية حيث أنه لا توجد ينابيع في القرية وممد فيها شبكة مياه منذ أكثر من ١٥ سنة لكن المياه لا تأتي إلا كل ١٥ يوماً مرة واحدة بسبب التعديات وإهمال القائمين عليها والتوسع العمراني في القرية وحالياً أصحاب الصهاريج هم الأكثر عملاً في القرية بسبب شراء صهاريج المياه بشكل يومي من قبل جميع الأهالي، وأضاف: أيضاً الصرف الصحي سيئ بالمطلق حيث أن طبيعة معظم أراضي القرية صخرية وبالتالي كل الجور الفنية تفيض على الطرقات والأراضي الزراعية، علماً أن البلدية تقوم بتأمين الصاروخ كلما استطاعت لسحب وتعزيل الجور الفنية في القرية.
وأشار إلى ضرورة صيانة الطرق الفرعية وخاصة الطريق الفرعي الذي يخدم الحارة الغربية كذلك الأمر الطرق الزراعية بحاجة للصيانة وتنظيف أطرافها مؤكداً على أهمية الانتقال إلى المكننة الزراعية حتى لا تهمل الأراضي الزراعية وتتخرب ويهجرها الأهالي إلى غير رجعة، نتمنى لو تنظر الزراعة في هذا الجانب وتأمين جرار أو ركاشة لتخديم القرى التي تعتمد على الزراعة وتوفير الأسمدة بأسعار تناسب وضع المزارعين.
– السيد علي عيسى رئيس الجمعية الفلاحية في العامود قال: وضع الجمعية ليس جيداً حيث لا نستطيع تقديم الخدمات كما في السابق حيث كنا نؤمن السماد والعلف والإرشادات من الوحدة الإرشادية ولكننا نعاني هذه الفترة من جمود بكل شيء فمثلاً تأمين الأسمدة من مصرف القرداحة في هذا الوقت يكلف الأهالي أعباء مادية زيادة كأجور نقل وبما أن اتصال الأهالي بمدينة جبلة بشكل دائم فهم يجلبون بعضاً من أسمدتهم معهم من مصرف جبلة حيث لا أحد يستطيع شراء كافة احتياجات أرضه بسبب غلائها المفرط ويكون أبو زيد خاله الذي يستطيع شراء أربعة أكياس من الأسمدة، علماً أنه في القرية ما يزيد عن ٤٢٠ دونماً مزروعة بالزيتون وبأشجار أخرى، أما تربية الأبقار فقد كادت تنقرض في القرية بسبب غلاء العلف، وتمنى السيد علي لو تقوم مديرية الزراعة بفتح بئر للمياه كما في بعض القرى المجاورة لتوفر على قريتنا هموم تأمين مياه الشرب ولتعود الزراعة عندنا إلى سابق عهدها.
– السيد عصام محفوض مختار قرية العامود قال: قريتنا تعاني من فقر شديد بالخدمات وجميعنا يعاني الأمرين لتأمين المياه لمنزله، حتى الخبز كان يصلنا بالسيارة عبر المعتمد من مخبز عين الحيات ولكنه توقف ونضطر يومياً الذهاب في الساعة الثالثة ليلاً إلى مخبز عين الحيات لنؤمن الخبز، والمواطن الذي لا يملك دراجة نارية للذهاب إلى الفرن سيدفع ثمن ربطة الخبز اضعاف مضاعفة حيث يطلب سائق السيارة أجراً ليوصلنا الى المخبز في هذا الوقت المتأخر من الليل ٢٠٠٠ ليرة فما هو الحل برأيكم وخاصة بعد استخدام البطاقة الذكية حتى في تامين الخبز ما يضطرنا للذهاب بشكل يومي للفرن الذي يبعد عنا ٥ كم وتكبد كل هذا العناء.
أيضاً تحدث عن السير ومشاكله فهو مؤمن فقط للساعة الواحدة ظهراً وبعدها نعتمد على الطلبات نتمنى لو يتم تأمين وسائط نقل لوقت أطول وأضاف: نشعر أننا على هامش الحياة بكل شيء وفقر مدقع ولا أية خدمة تسر الخاطر، فروائح الجور الفنية أمام المنازل كريهة وقاتلة عداك عن الحشرات التي تجتمع عليها، وشراء صهاريج المياه هد كاهلنا.
– السيد فادي سلوم تحدث أيضاً عما تعانيه القرية من نقص في الخدمات وكأنها لا تنتمي للقرن الواحد والعشرين وأكد أن القرية فقيرة بالموارد وفقيرة بالخدمات وفي أي مجال يتم الحديث فيه هناك نقص واضح حتى في الأشياء الأساسية مثل ماء الشرب التي آن الأوان ليجدوا لها الحلول اللازمة أو الصرف الصحي الذي لوث بيئة القرية وأراضيها أو الخبز والطرقات والمواصلات حتى الأنترنت الذي أصبح ضرورة في هذا الزمان لم تخدم القرية به علماً أنه توجد أكبال ضوئية ومجهزة على هذا الأساس ولكن لا يوجد بوابات.
وبعد جولتنا وسماعنا لكلام الأهالي حملنا ما في جعبتنا إلى بلدية عين الحيات التي تتبع لها قرية العامود والتقينا السيد نزار عيسى رئيس البلدية والذي أجابنا قائلاً: تتبع قرية العامود لبلدية عين الحيات ويبلغ عدد سكانها ١٤٠٠ نسمة ، واضاف بعد ما تعرض له وطننا من حرب وحصار قاسي ولسنوات عديدة فقد توقف تنفيذ أغلب المشاريع باستثناء مشاريع خاصة بذوي الشهداء والجرحى حيث تم تنفيذ فرعات متعددة من شق وتعبيد لذوي الشهداء، كما تقوم البلدية بترحيل القمامة بمعدل ثلاث مرات في الأسبوع، حتى خلال فترات انقطاع المازوت لم نتوقف عن ترحيل القمامة وذلك من خلال تعاون الأهالي مع بعضهم ومع البلدية وتأمين المحروقات بعمل شعبي شارك فيه معظم الأهالي.
أما بالنسبة للصرف الصحي فكل قرى البلدية لا يوجد فيها صرف صحي وحالياً ليس لدينا أي إمكانية لذلك، وأضاف: المشروع شائك جداً وخاصة في قرانا الجبلية الصعبة التضاريس ورغم وجود دراسة شاملة ومتكاملة من ٢٠٠٨ للصرف الصحي إلا أنها تعثرت ولم تنفذ في ذلك الوقت، وأضاف: وحالياً وحسب الكتب الواردة من الوزارة يمنع إقامة مشاريع الصرف الصحي إلا بوجود محطة معالجة أو مصبات قديمة، وللأسف كل القرى التي تخدمها البلدية لا يوجد فيها صرف صحي ولا حتى مصبات قديمة، يعني حتى لو توفرت السيولة المادية لتخديم قرانا فلن نستطيع التنفيذ لعدم توافر الشروط المطلوبة، ولفت انه تم خلال هذا العام وضع السيد المحافظ بصورة الواقع في قرانا من ناحية الصرف الصحي والذي أحال الموضوع للخدمات الفنية والتي بدورها أكدت أنه يستحيل جمع محاور الأربع قرى ومنها العامود في محور واحد بل يجب أن يكون لكل قرية مشروع منفرد، ولذلك قمنا هذا العام بدراسة جديدة لمشروع الصرف الصحي في قرية العامود كونها الأسهل من بين قرى البلدية بسبب امتدادها العمودي وانحدار أراضيها وقد أكدت اللجنة الدارسة ذلك مشيرة أن الدراسة مريحة لأن الانحدار شديد ويخدم غالبية منازل القرية بأقل التكاليف ومع ذلك كانت تكلفة الدراسة ل ١١٠٠ متر من الصرف ٦٤ مليون ليرة سورية والبلدية لا تملك أي ليرة، ومع ذلك نعمل على طرح الموضوع لأهميته على جميع الجهات ومن بينها المنظمات الدولية أو سنعمل على تنفيذه على مراحل بإذن الله.
وأشار السيد رئيس البلدية إلى أن البلدية ستقوم بالقريب العاجل بتنفيذ مشروع تعبيد طرق بقيمة عشرة مليون ليرة سورية لذوي الشهداء والجرحى في قرى البلدية ومنها العامود ولفت في نهاية حديثه أنه يتبع لبلدية عين الحيات قرى عين الحيات والقرندح والعامود وفرشات بالإضافة لعدة مزارع منها بيت حجيرة، حارة ناجي وعين العنبان.
سناء ديب