563 مليار ليرة قيمة الضرائب والرسوم في ميزانية العام 2020.. الباحث عبود للوحدة : 95 % من السوريين (الموظفين والفقراء) يدفعون معظم الضرائب ويمولون الخزينة
الوحدة 24-9-2020
قال الباحث الاقتصادي والمدرس في كلية الاقتصاد بجامعة طرطوس الدكتور ذو الفقار عبود للوحدة إن قيمة الضرائب والرسوم التي تجبيها الحكومة في موازنة 2020 تبلغ نحو 563 مليار ليرة، يساهم فيها الفقراء والموظفون الذين يدفعون الضرائب على معظم دخولهم، بينما لا يدفع الأثرياء ضرائب سوى على جزء بسيط من دخولهم، مشيراً إلى أنه كلما ازداد دخل المكلف انخفضت نسبة مساهمته في الإيرادات الضريبية خلافاً لنص الدستور بفرض الضريبة التصاعدية، ويمكن القول أن 95 % من السوريين يدفعون معظم الضرائب ويمولون الخزينة.
وأضاف: من المفارقات أن الفئات التي تمول الموازنة، لا تحصل على الخدمات الضرورية، حيث أن نفقات الموازنة لا تعكس احتياجات المجتمع من خدمات عامة (العمل، الصحة، التعليم، النقل العام) التي أصبحت متهالكة بسبب الحرب ولم يجر تطويرها أو ترميمها خلال العقد الأخير مقارنة مع زيادة العبء الضريبي، لافتاً إلى أن الرسوم الجامعية الحكومية تصاعدت لغاية عشرة أضعاف على أقل تقدير بينما بقيت رواتب وتعويضات أساتذة الجامعات ثابتة نسبياً ولم تواكب الزيادة في الرسوم، علماً بأن تعويضات أساتذة الجامعات ترصد من الموارد الذاتية للجامعات التي يعملون فيها، وأن الخدمات الصحية تراجعت ولم تواكب احتياجات المجتمع في ظل تدمير عدد من المشافي الكبيرة بفعل الإرهاب، أما خدمات النقل العام فأصبحت كارثية سواء من ناحية تقديم الخدمة أو لناحية زيادة أسعار تقديم الخدمة التي زادت بنسبة 1000 بالمئة خلال العشر سنوات الأخيرة.
ونوه الباحث عبود بتراجع فرص العمل، حيث يفد 200 ألف عامل كل سنة إلى سوق العمل، وإنه في التعليم ما قبل الجامعي، يلتهم الفساد الإداري والمالي نصف الإيرادات الضريبية التي تخصص لأعمال صيانة المدارس التي تتم بشكل شبه وهمي، وكأن فقراء سورية وموظفيها يمولون من دخولهم الضعيفة صفقات المتعهدين مع الإدارات النافذة في قطاع التعليم، وأن هناك عشرات قضايا الفساد التي ما تزال منظورة أمام الجهات المختصة، مؤكداً ان هذا الواقع يحتم على الحكومة إجراء تعديلات ضريبية، بإلغاء ضريبة المبيعات على الدواء والغذاء وتوفير الخدمات الضرورية لذوي الدخل المحدود قبل تحميلهم ضرائب إضافية.
وأوضح عبود أن التعديلات الجوهرية المطلوبة هي إلغاء ضريبة الدخل على رواتب الموظفين والتي تصل حسب الشرائح إلى 22% من الراتب، وإخضاع البنوك والشركات المالية وشركات التأمين وشركات إعادة التأمين والأشخاص الاعتبارين الذين يمارسون أنشطة التأجير التمويلي لضريبة تصاعدية، إضافة الى إعفاء المزارعين من ضرائب الدخل والإنتاج لأنها ستحمل على عاتق المستهلكين، مشيراً إلى ضرورة منح القطاع الصناعي إعفاءات ضريبية تفضيلية، كونه يمر بظروف حرجة، الأمر الذي يدفع رأس المال الى الانتقال من القطاع الصناعي إلى القطاع التجاري، أو مغادرة البلاد بسبب غياب الحوافز الاقتصادية، إضافة إلى أن دورة رأس المال في القطاع التجاري أسرع.
وقال الباحث عبود: يجب تقديم تسهيلات لتشجيع الاستثمار في الزراعة للاعتماد على الذات، والحد من استنزاف الاحتياطيات من العملات الأجنبية، وتحقيق إصلاح ضريبي حقيقي يحقق العدالة الاجتماعية، واستخدام الضريبة كأداة لدعم وتطوير الاستثمارات الإنتاجية التي تسهم في معالجة وتصويب الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد السوري، وذلك من خلال تعزيز دور القطاعات المنتجة، وإلغاء الضريبة على مدخلات الإنتاج في القطاعين الصناعي والزراعي، لحماية الإنتاج الوطني، وتعظيم دوره في الاقتصاد الوطني، موضحاً أن الإصلاح يعني تقليص دور الضرائب غير المباشرة وخاصة ضريبة المبيعات باعتبارها ضريبة انكماشية تسهم في تباطؤ النمو الاقتصادي، وإن هذا الإصلاح يتطلب مساهمة قطاعات هامة لا تخضع لغاية الآن للضريبة، كأرباح المتاجرة بالأراضي وأرباح الأسهم وغيرها من المضاربات، وإنه لا بد من إسهام الأرباح المرتفعة والثراء الفاحش أحياناً والناجم عن صفقات خيالية في إيرادات الخزينة، بدلا من تحميل الفئات الشعبية مزيداً من الأعباء الضريبية.
تمام ضاهر