من أجل بيئة أكثر سلامة…

الوحدة 23-9- 2020

 

 

إنه موضوع الساعة… بل كل ساعة مذ قرر الإنسان هجر الطبيعة الأم (الضيعة) لاهثاً وراء أحلامه المعبأة من صناعة الغرب لتضيع هوية وطنه الزراعية، متعلقاً أكثر فأكثر بحضارة التكنولوجيا المجردة وبنفاياتها أيا كان شكلها، مبتعداً عن كل ما يبقيه صحياً وطبيعياً، ليقف أمام عقاب الطبيعة وجريمة الحضارة الصناعية حتى غدت مشكلة البيئة وما تحمله من أزمات في طياتها قضية العالم المتقدم والنامي على حد سواء، الأمر الذي استوجب تخل العلم والعلماء وتجنيد الطاقات البشرية بأقصى قدراتها لتطويع مشكلة انبعاث السموم من مخلفات الإنسان لتصب في الصالح البيئي والحيوي…

سورية لم تأل جهداً في البحث عن الحلول والمخارج بالاستفادة من مشاريع الدول المتقدمة وإسقاطها على واقعها رغم الحرب والعقوبات المتتالية والمفروضة عليها لسنوات طويلة..

طرطوس الساحل، والمحافظة الأكثر إنتاجاً للمخلفات الصلبة من بين كافة المحافظات، تسعى من خلال إداراتها ومديرية البيئة لتنفيذ مشاريع تحول من خلالها ما هو ضار على الصحة والبيئة إلى ما هو منتج ومفيد…

الدكتورة شفق محمود، وعبر طرحها الشامل لكل ما يتعلق بمشكلة إدارة النفايات الصلبة في محافظة طرطوس في المركز الثقافي العربي، فندت وبالتفصيل المعوقات وطرحت الحلول التي تحد من تعاظم المشكلة وتحافظ على بيئة نظيفة وسليمة إلى حد ما..

بينت الدكتورة محمود خلال المحاضرة وبالأرقام الناتج اليومي للفرد من المخلفات يصل لـ 1،5 كغ أي بنسبة تزيد على 750 طناً في اليوم لسكان المحافظة بما فيها كمية المرفوضات من مخرجات المشافي والمراكز الطبية والتي تزيد في مشكلة البيئة تعقيداً وكانت نتيجتها وضع خطة مشتركة بين محافظتي اللاذقية وطرطوس عبر جامعة تشرين…

في المقابل بينت الدكتورة أن مخلفات النفايات الصلبة هي بمثابة الثروة الوطنية إذا ما تم استغلالها وإدارتها بالشكل الأمثل في المركز المتكامل في وادي الهدة جنوب شرق طرطوس، تم إنشاؤه ما بين عامي 2011 و 2014 ليتم تفعيله عام 2017 وسط معارضة سكان المنطقة والذين يعتمدون في حياتهم على زراعة الزيتون ووجود آبار خمس موزعة داخل وجوار المركز ما سببت نواتج الغازات المتصاعدة عنه  بتلوث التربة والمياه وأمراض جرثومية لدى القاطنين في المحيط، من هنا جاءت أهمية دراسة الواقع الحالي للمكبات العشوائية المتواجدة والمترامية على طول المحافظة…

وادارة النفايات في المركز المتكامل وفق المبادئ الأساسية الأربعة المخطط لها وهي:

1- حماية الصحة العامة والتخلص من أضرار النفايات المكشوفة، والحد من ظاهرة تلوث البيئة وذلك عن طريق تأهيل وإغلاق المكبات العشوائية والمكشوفة.

2- جمع وترحيل كافة المخلفات من ضواحي طرطوس عن طريق محطات الترحيل التسع ونقلها إلى المركز المتكامل في وادي الهدة.

3- توفير السماد العضوي (الكومبوست) عالي الجودة والناتج عن تخمير النفايات العضوية، وتوفيره للمزارعين بأسعار زهيدة.

4- فرز المواد القابلة لإعادة التدوير والاستفادة القصوى من مصادر كانت تعتبر لا فائدة منها قبل اليوم..

ختام المحاضرة طرحت الدكتورة حلّين تسعى المحافظة من خلال مديرية البيئة لتحقيقهما للحصول على أفضل نتيجة وحماية للبيئة ودعم المركز المتكامل في وادي الهدة للتمكن من معالجة كافة الكميات الواردة إليه وجعلها ثروة وطنية…

الحل الأول من خلال إنتاج الوقود البديل RDF والذي تظهر أهميته في ظل أزمة الطاقة، والأزمة الاقتصادية، وأزمة الكهرباء بشكل عام، حيث بات بالإمكان الحصول عليه من تحلل الغازات واستخدامه كمصدر للطاقة الحرارية المستمدة من النفايات الصلبة بعد إزالة المواد غير القابلة للاحتراق كالزجاج والمعادن والمواد الهيدروجينية والكلور، الوقود البديل يحد وبشكل كبير من ظاهرة تلوث البيئة، والحفاظ على صحة الإنسان.

الحل الثاني- والذي لا يقل أهمية عن سابقه – نقل الكميات الزائدة من المرفوضات والنفايات غير القابلة للمعالجة بسبب كمياتها الهائلة إلى محافظة حمص، وترحيلها عبر القطار (توفيراً للوقود) لمنطقة البادية في تدمر وإنشاء مطمر مركزي بعيداً عن المياه الجوفية والمزروعات ومناطق السكن وهذه الحل قيد التنفيذ، وفي حال التنفيذ تكون مديرية طرطوس قد حققت الفائدة القصوى في الإبقاء على بيئة نظيفة، وأوجدت الحل الأمثل لتراكم النفايات..

نعمى كلتوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار