حتى بالشواطئ المفتوحة والمتنزهات الجبلية ذهبت أحلام أصحاب الدخل المحدود

الوحدة 22-9-2020 

 

أحلام ومخططات واجتماعات على مستوى الأسرة كانت تُعقد خلال سهرات آذار ونيسان الربيعيين، حيث تُبذل الجهود للتراضي والاتفاق، فتارة تتلاقى الآراء وتارة أخرى تختلف للوصول إلى رأي يرضي الأكثرية على كيفية ومكان قضاء جزء من إجازة صيفية سواء جبلية أم بحرية كأحد الشواطئ المفتوحة، أو في مدينة كسب أو البسيط أو على جبال ومنطقة الدريكيش وأماكن مياهها أو استئجار شقة فقيرة في صلنفة وغيرها من أماكن السياحة الشعبية حيث وضعت لهذه الرحلة ميزانية اقتصادية بالكاد تخرجهم من روتين الحياة اليومية، وهذا لعائلة صغيرة قادتها من أصحاب الدخل المحدود.

الصيف المنصرم يمكننا أن نقول وبكامل اليقين أنه الأسوأ على الإطلاق بالنسبة للمواطن العادي، حيث كان على الدوام وخلال سنين مضت متصالح مع نفسه أولاً ومع منغّصات الحياة ومتاعبها التي فُرضت على الجميع ثانياً، وأصبح هذا المواطن يرسم مستقبل أيامه بشكل محدود من ضمنها عطلة الصيف والاصطياف والقيام بتطبيق المثل الشعبي المتعلق بالبساط وطوله، فقد واجه المواطن وتحديداً صاحب الدخل المحدود أعتى أنواع القسوة والظلم النفسي، حيث تلك الأحوال التي رافقت مسيرة أخبار الحرب وبطولات الجيش والإرهاب العالمي وتفشي موت الغدر، ومؤخراً الوباء العالمي الذي أرخى بظلمه وظلامه على نفوس الناس وصيفهم الموعود، وسكب جرعة كبيرة من المتاعب والأعباء وحمّل الأسر مزيداً من المسؤوليات تجاه الأفراد والمجتمع، فتلك الأحلام والمخططات ذهبت أدراج الخوف والسجن الطوعي والقسري في آن معاً عندما أُسدل الستار على التجمعات والرحلات والحفلات، وأصبحت جميع الأسر رهينة الحجر المنزلي حيث يكون البكاء على مشاريع وأحلام صغيرة برّرها شبح الموت بالكورونا اللعين، وأصبح ربان السفينة العائلية يفكر بطريق النجاة من إصابات قد تلحق الحجر الصحي بجميع أفراد الأسرة، حتى الخروج من المنزل لتأمين مواد غذائية وغيرها عبارة عن رحلة في أعماق المجهول خوفاً من التقاط الفيروس واحتضانه بين أفراد الأسرة، ورافق هذه البروباغندا جزء كبير من العام الدراسي المقتول على مستوى العالم حيث تم النجاح والانتقال بتفوق للجميع، ثم الوصول إلى الصيف المنتظَر برفقة الرعب الكوروني وانتشار عبارات رنانة مخيفة، كالانتشار التصاعدي للوباء، إصابات وتسكير قرى في ريف دمشق، وحجر أبنية ومشاف ومسافرين والإبلاغ عن قادمين تهريباً لوطنهم، ونسب الإصابات الكبيرة بين كبار الأطباء وغيرها من العبارات والشعارات التي أخذت ترهق الجميع… إلى أن انتهى صيف الأحلام والسهر والسفر ورحلات السمر البحرية والجبلية، وتكللت تلك الظروف القاسية بحرائق التهمت بقاعاً جبلية ومحميات هي منتج طبيعي للراحة والاستجمام بكل المقاييس، حتى الكثيرين من سكان المدينة والذين ينتمون لقرى ومزارع قريبة وبعيدة حُرموا من لذة الزيارة والقيام بواجبات أسرية ووصل أرحام ومناسبات أفراح وأتراح أو تبادل معايدات، جميعها أصبحت من الماضي بانتظار نفحة إيجابية تغسل عقولاً وأفكاراً شابها الكثير من الضيق والزهد وقلة الحيلة ، كذلك من الضروري إلقاء الضوء على الحياة المعيشية وما رافق جميع الأسر من تقلبات وهيجان بالأسعار وخاصة السلع الغذائية، حيث تلاقت أغلب الشعائر الأسرية مع بعضها كافتتاح المدارس وشراء وقود التدفئة وتأمين مواد تموينية هي مونة لشتاء سيكون طويلاً ومجهول الهوية قد يجعلنا نتغنى بأمجاد وحكايا السفر برلك ورجالاته.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار