علاج الأسنان ألم يفوقه ألم الأجور العلاجات السنية بين فكي كماشة غلاء المواد المستعملة وارتفاع الأجور

الوحدة 22-9-2020 

 

 لم نعد نسعى للحصول على ابتسامة جميلة ومشرقة بقدر ما نحتاج إلى تخفيف ألم الأسنان وتسكين أوجاعها وذلك من خلال زيارة طبيب الأسنان.

 كما يبدو وأن تلك الآلام والأوجاع همّ جديد يضاف إلى قائمة المعاناة التي يئن المواطن تحت وطأتها بعد أن أضحى أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن يتحمل الألم لعدم قدرته على تغطية التكاليف والأجور المطلوبة منه للعلاج وهذا مستحيل، أو يتدبر أمره في تأمين المبلغ المطلوب الذي يحتاجه للعلاج سواء بالتقسيط المريح أو الاستدانة أو الانخراط بجمعية مع زملائه أو الحصول على قرض، لأن علاج الأسنان ألم يفوقه ألم الأجور.

 ومن منا لم يعد يشكل عنده زيارة الطبيب هاجساً يثقل كاهله في ظل الظروف المعيشية الصعبة، قد نضطر إلى حساب التكاليف بدقة متناهية، والهاجس يكبر كون الطبابة أصبحت تخضع لسعر الصرف وربما قد تكون التشريعات والقوانين لتلك الأسعار غائبة.

ضمن هذا الإطار طرحنا تساؤلات واستفسارات لمعرفة أسباب ارتفاع أسعارها؟ وما هو دور النقابة في تحديد أسعار العلاجات السنية ولماذا لا نرى في العيادات التسعيرة؟ وما سبب تفاوت الأسعار بين طبيب وآخر وهل يتقاضى الأطباء حسب مزاجيتهم؟ وماهي الإجراءات التي تتخذها النقابة بحق المخالفين للتسعيرة وهل هناك دراسة جديدة للأسعار لتحديدها بشكل صحيح ومنطقي.

 وما الخدمات التي تقدمها كلية طب الأسنان في جامعة تشرين في عياداتها والمواد المستخدمة هل هي مجانية؟

 آراء مواطنين:

 أم رامز تجاوزت السبعين عاماً، أوضحت أنها لا تستطيع المعالجة ولقد نصحوها بأن تعالج أسنانها مجاناً في عيادات كلية طب الأسنان بجامعة تشرين، إلا أنها في تلك الفترة لم يكن لديها الوقت الكافي، لذلك لم تتمكن من زرع أو تركيب أسنان بسبب ارتفاع الأجور وعدم قدرتها على دفع التكاليف.

 المهندسة رهام حسن قالت: هناك ارتفاع كبير في أسعار كافة المواد، وهو أمر استدعى من أطباء الأسنان زيادة أجورهم التي باتت تختلف من طبيب إلى آخر بفارق يتراوح بين (2000-3000) ليرة سورية.

 سهيلة معروف، ذكرت أنها منذ خمس سنوات حصلت على قرض استطاعت من خلاله دفع أجور المعالجة، وحالياً تضاعفت الأسعار وأصبحت خيالية بالمقارنة مع تدني دخل المواطن وضيق الحال قد يلجأ في حال الألم إلى تناول المسكنات هرباً من التكاليف المرتفعة.

 أبو أحمد قال: ارتفاع تكاليف المعالجة مبالغ بها، فقد وصل سعر قلع الضرس إلى 15 ألف ليرة سورية، وهذه العملية لا تحتاج إلى مواد أولية أو وقت زمني كبير.

 لذلك يجب وضع معايير وقوانين من قبل النقابة ولائحة أسعار في كل عيادة.

 – محمد موظف، يبين أن بعض الأطباء لا تزال أسعار أجورهم مقبولة وضمن المعقول، والطبيب الذي يعالجني قسّط لي المبلغ على دفعات مما سهل الأمر عليّ كثيراً.

 – عتاب اسكيف ذات الثلاثينات عاماً قالت: الأسعار تفوق قدرتنا على دفع الأجور، إلا أن الألم لا يحتمل.

وقد كلفني سحب العصب ووضع حشوة دائمة (15000) ليرة سورية.

 وتلبيس الضرس يحتاج إلى 30 ألف ليرة سورية فكيف الحال إذا كنت أحتاج لعلاج أكثر من ضرس، ارحمونا يرحمكم من في السماء.

– عبير أحمد تجاوز عمرها الأربعين عاماً قالت: اتردد إلى العيادة للعلاج منذ فترة، فالأسعار خيالية وغير منطقية وتبرير الأطباء هو غلاء المواد المستخدمة، بالإضافة إلى الضرائب والرسوم المفروضة عليهم.

 بالجملة المواد مستوردة بالمجمل الطبيب (ر.ع) طلب عدم ذكر اسمه نزولاً عند رغبته لم نذكر اسمه الصريح قال:

 تخضع مهنة طب الأسنان كأي مهنة أخرى للظروف العامة، وخاصة الاقتصادية التي نعاني منها على جميع الأصعدة.

 وتبرز المعاناة فيها بشكل أكثر عن غيرها، نظراً لأن المواد المستخدمة في العلاج من مواد دوائية وترميمات وتعويضات هي مستوردة وغير مصنعة محلياً.

 وتقاس مبيعاتها تبعاً لسعر الصرف وبائع المواد المستوردة يضرب على الآلة الحاسبة أمام عينيك مباشرة لرؤية التكاليف وتتفاوت أجور المعالجات السنية عموماً بحسب الكفاءات وجودة المواد أيضاً، فمثلاً المعالجات اللبية تختلف تكاليفها بين معالجة يدوية، أو التي تتم بالأجهزة (الروتاري).

 وعلى سبيل المثال فأسعار علبة الكفوف التي تحتوي /50/ زوجاً يستهلكها الطبيب بأيام قليلة في السابق كان سعرها يتراوح بين (1200-1500) ليرة سورية بحسب السماكة والنوعية، وحالياً أصبح سعرها يتراوح بين /15000-20000/ ليرة سورية ومثال على ذلك قياس أسعار مواد التخدير والحشوات التي تضاعف سعرها أكثر من ستة أضعاف في الآونة الأخيرة، بدون أي زيادة تقابلها بشكل حقيقي لتعويض الدخل، بالإضافة إلى فواتير الكهرباء المرتفعة وأجور الممرضة والمعقمات والمخابر السنية أو المصانع، واشتراكات النقابة.

 وحالياً المواد المستعملة في علاج الأسنان متوفرة في جميع المستودعات إلا أن أسعارها تكاد تصل إلى الحد غير المعقول، والمستوردون يتحكمون بالأسعار.

 وتعد سورية هي الدولة الأقل في أجور معالجة الأسنان بين الدول الأخرى بالرغم من سيطرة الغلاء، وهذا مرتبط بشكل أو بآخر بدخل المواطن وقدرته.

 – طبيب آخر يؤكد أن الأجور التي يتقاضونها رمزية ولا تتناسب مع جهدهم وتعبهم، كون المواد المستخدمة للعلاج أسعارها مرتفعة جداً كأسعار الحشوات التجميلية وإبر التخدير وحشوات الأقنية وغيرها من المواد، بالإضافة إلى الرسوم والضرائب المفروضة علينا.

بالنسبة إلى مواد المعالجة السنية متنوعة ومتوفرة، أما تحديد النوع والسعر يعود إلى مصداقية الطبيب وأخلاقياته المهنية.

 – غسان بديوي عضو في لجنة مخابر الأسنان ومدرس في جامعة تشرين قال: لدي مخبر تعويضات سنية.

 ويعود ارتفاع المواد الأولية لارتفاع أسعار قطع التبديل  وأجور الصيانة كونها مستوردة تخضع لسعر الصرف، بالإضافة إلى الانقطاع المتكرر للكهرباء، الذي يؤخر عملنا، وارتفاع الفواتير المترتبة وضريبة الدخل السنوية، كل ذلك حتماً سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار في المواد المستخدمة وأجور العيادات.

 اقتراح التسعيرة من أعضاء المؤتمر العام

– الدكتور طارق عبد الله نقيب فرع أطباء الأسنان في اللاذقية أشار إلى أن غلاء أجور العلاج يرتبط بشكل مباشر بالمواد المستخدمة في العلاجات المختلفة والتي طرأ عليها ارتفاع هائل خلال الفترة الماضية، مما انعكس على أسعار العلاجات المقدمة.

 وإن التسعيرة المتعلقة بالأجور هي ثابتة وموحدة بين جميع الأطباء والاختلاف في نوعية المواد والتجهيزات المستخدمة.

 بالنسبة للمواد والأدوات المستخدمة في طب الأسنان فهي بالمجمل مستوردة من الخارج ومن الدول القريبة بشكل خاص.

 ومن هنا يأتي الارتفاع الكبير، وارتفاع الصرف لليرة، بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي وضرورة الحصول على تلك المواد من طرق مختلفة لتأمينها، مما يساهم في تكاليف إضافية أيضاً لأسعار هذه المواد المكلفة من الأساس.

 أما ما يتعلق بوضع التسعيرة يتم اقتراحها من قبل أعضاء المؤتمر العام لنقابة أطباء الأسنان في سورية، وإقرارها والمصادقة عليها يتم من قبل وزارة الصحة.

 وأجور المعالجات بشكل عام فإن لكل حالة خصوصية معينة ولها مواد وتدخل في إتمام العلاج، وقد تحتاج معالجات مكملة وكذلك نوعية المواد، ومثال على ذلك سحب العصب مع الترميم المواد المستخدمة لها دور وكذلك هل الحالة التهابية أم نخر نافذ وهل هناك جذر واحدة أو أكثر.

 والقلع هل هو قلع عادي أو جراحي، وهل هو قلع جذور ويحتاج إلى تجريف بعد القلع., كلها عوامل تلعب دوراً في تحديد قيمة المعالجات المقدمة.

 ونوّه د. عبد الله أن سورية تخرّج أكفأ الأطباء والطبيب السوري له وزنه وسمعته عالمياً، وتبقى العلاجات الأخفض من حيث الأجور بين دول العالم مع خدمات ذات جودة عالية وبأفضل المواد المصنعة في كبرى الشركات العالمية.

 معرباً عن أمله بأن تدخل مواد طب الأسنان وتجهيزاتها في مجال الصناعة الوطنية مما ينعكس إيجاباً على التكلفة، بالرغم من أن هناك بدايات لتصنيع هذه المواد ولكن ما زالت خجولة ولا ترتقي بالطلب.

 صناعة التعويضات السنية قريباً

 من جانبه الدكتور عبد الوهاب نور الله عميد كلية طب الأسنان في جامعة تشرين باللاذقية قال: يعود ارتفاع أسعار المعالجات لارتفاع المواد بشكل كبير كونها مستوردة، والحقيقة فقد ارتفع سعرها أكثر من ارتفاع سعر الصرف مما رتب تكاليف كبيرة، لاسيما عند استعمال مواد من النوع الممتاز لشركات عالمية معروفة، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وتشغيل العيادات وضرائب الدخل التي تمت مضاعفتها عدة مرات مؤخراً.

 أما الخدمات العلاجية التي تقدمها كلية طب الأسنان فهي تنقسم إلى العلاجات التقليدية البسيطة مثل: القلع والحشوات والمعالجات اللبية واللثوية والتعويضية الثابتة والمتحركة ومعالجات أسنان الأطفال، التي يقدمها طلاب السنتين الرابعة والخامسة ومعظمها مجانية ما لم تتطلب أن يتم تجهيز التعويض في مخبر خاص (غير متوفرة في الكلية حالياً)، حينها يدفع المريض كلفة المخبر فقط، وحتى هذه الكلفة نأمل أن نوفرها على المرضى قريباً حال الانتهاء من تجهيز مخابر المعهد التقاني لطب الأسنان الذي تم افتتاحه حديثاً في الكلية، حيث سيقوم طلاب المعهد بصناعة أغلب التعويضات السنية بأشكالها المتعددة مجاناً.

 أما المعالجات للحالات المتقدمة والتي تتطلب الاختصاص (التقويم والجراحة وزراعة الأسنان ومعالجة الأطفال واللثة والتعويضات السنية الحديثة والمتقدمة)، يقدمها طلاب الدراسات العليا تحت إشراف أساتذتهم المميزين، وهي تتطلب في جانب منها مواد غالية الثمن (لا تتوفر أغلبها في الكلية) كالزرعات مثلاً، حيث يتوجب على المريض شرائها من مراكز البيع الخاصة بنفسه، بينما تكاليف تطبيق العلاجات بحد ذاتها فهي مجانية.

 وأوضح د. نور الله أن الوضع الاقتصادي العام فرض نفسه حيث سبّب مصاعباً في العمل لجهة غلاء المواد والتجهيزات أو لجهة توفرها في الكلية.

 كما أن الإمكانية المادية لأغلب المراجعين تناقصت، والمعالجات السريرية حالياً متوقفة منذ بدء تعليق الدوام بسبب فيروس الكورونا، وذلك بقرار من السيد الدكتور وزير التعليم العالي والبحث العلمي،

 نأمل أن تعود المعالجات السريرية تدريجياً مع بداية الفصل الدراسي الأول حال موافقة سيادته.

 أما عن الصعوبات فقال: بأنها تكمن بارتفاع الأسعار الذي أثر سلباً على عملنا رغم أن قيادة الجامعة مشكورة تبذل أقصى جهودها لتأمين ما يمكن تأمينه من المواد والتجهيزات الحديثة للكلية، إلا أن الوضع أثر بشكل سلبي على استكمال التجهيز الفني، والتي تعمل الآن بحوالي 30% من إمكانياتها الفنية بسبب نقص التجهيز (فشل عدة مناقصات لشراء التجهيزات بسبب ارتفاع سعر الصرف).

  مقترحاً بالنسبة للمعالجات البسيطة التي تجري بشكل جيد ولا حاجة لأي مقترح حالياً، أما بالنسبة للمعالجات النوعية والمتقدمة فمن الممكن البحث عن صيغة تأمينية لدى شركات التأمين الصحي لمساعدة المرضى للحصول على معالجات متكاملة (المعالجات التي تتضمن إعادة تأهيل الفم والتي يشترك في إنجازها عدد من الاختصاصات وتتطلب مواد أو أدوات غير متوفرة في الكلية، وتكلف مبالغاً كبيرة، إذا تم إنجازها بالعيادات الخاصة والمريض لا يستطيع تأمينها أو الحصول عليها على مختلف المستويات.

 مريم صالحة – أميرة منصور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار