الوحدة: 14- 9- 2020
هل استشار أحدنا الجِرار قبل أن نملأها بما نريد, وهل من العدل أن تضع في هذه عسلاً, وفي الأخرى خمراً أو خّلاً؟
وهل من العدل أن ننفخ في (ناي) وندلله فيهدينا حزنه بينما نضرب بـ (العصا) على طبل لنقيم أفراحنا؟
كأيّ شاب قروي نجح لتوّه في (البكالوريا) بعلامات جيدة, يحاصره السؤال: لماذا لم تتجه إلى دراسة الطب؟
كان جوابي أن عقولنا وأفكارنا هي الأخرى بحاجة لمن يعالجها, وكنتُ أظنُّ أني قادر على ذلك, ومؤمناً إن الإعلام أحد أهمّ (المصحّات) التي تنجز هذه العمليات, المبضع هو القلم, وما غير ذلك لم أفكر بأي بديل..
بعد تجربة (ربع قرن) ونّيف, لم يأتِ إلينا أي طبيب شاكياً أفكاره أو قناعاته, بينما زرنا الأطباء مئات المرات شاكين وجعنا وألمنا الجسدي والنفسي!
بدأت أشك أني أنا, أعود إلى دفاتري العتيقة, أتزود مما كتبته عندما كنت شاباً, أحاول إعادة شحن تفاؤلي أمرّر أصابعي فوق سطور كانت عامرة بالتحدّي وبالتفاؤل, فأشعر بعض الأحيان وكأنها شظايا بللور بعثرها طفل طائش دون أن يعرف حجم أذاها..
تضعني تلك السطور الطائشة أمام خيارين لا ثالث لهما: الأول هو التنكّر لكل ما هو جميل حتى لو كان أفكاري المتعبة, والثاني هو الاستمرار في (الخيبة) الحالية, حيث لا قناعات تحققت ولا أموال تكدّست!
كانت زوجتي منهمكة بتجهيز (المكدوس) عندما باغتّها بالسؤال!
(شو بدنا نتغدّى) وبلا شعور منها, ودون أن تتعّمد جرح كبرياء رجولتي قالت: (اللي جبتو..)!
استمرت بتجهيز (المكدوس) وقد احمرّ وجهها خجلاً محبباً, وعدت إلى دفاتري القديمة أقلب بللور صفحاتها كباحث عن عيب فيه, ليبرر لنفسه انكسارات اليوم, وليوقّع تأشيرة عبوره إلى عالم (اللصوصية) إذا ما فكّر أن يعد أبناءه بـ (حفل شواء)!
هل من أحد (يضّيفني سيجارة أجنبية) لأني مللت الدخان العربي, و(نشف ريقي) وأنا (ألفُّ) السيجارة تلو الأخرى, وفنجان قهوة يا (علي)…
غانم محمد