من يشرح لنا تفاصيل أزمة البنزين؟

الوحدة: 9-9-2020

 

قبل أيام سمعنا مداخلة على شاشة الفضائية السورية للسيد مصطفى حصوية مدير عام الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية تحدث فيها عن أزمة البنزين، وأكد أننا لا نعاني من نقص في المادة، وفي حال حصل هذا النقص، سيخرجون للإعلان عنه بكل شفافية، وهذا أمر جيد.

بعد يومين من هذه المداخلة بدأت طلبات البنزين إلى المحافظات تتآكل، واشتدت الأزمة أكثر، مما يدلل على أن كلام السيد حصوية منفصل عن الواقع، والمادة مأزومة على عكس ما قال، ولا نلام على هذا الاستنتاج لأن المشهد واضح، والشمس لا تحجب بغربال.

كتبنا هنا قبل أيام عن هذا الشأن، وقلنا حينها أن مسؤولي سادكوب صادقين في ادعائهم بعدم تغيير الكميات الواردة إلى المحافظات، وقدمنا طرحاً مقتضباً لكيفية تجاوز الأزمة، والالتفاف على المهربين الناشطين بقوة في هذه الأيام، ولكن ما حصل بعدها أن الكميات بدأت تنخفض، والطلبات بدأت تتأخر حتى المساء بقصد الالتفاف على الأزمة، ناهيكم عن القرارات غير المدروسة التي اتخذت بخصوص المادة من قبل سادكوب، وسنشرحها بالتفصيل فيما يلي.

أولاً: يجب الاعتراف بأننا نعاني من أزمة بنزين، وبأن الكميات قد انخفضت، وهذا الأمر طبيعي في ظل الحصار الجائر، والاعتراف به فضيلة.

ثانياً: إن التأخير الحاصل في وصول طلبات البنزين غير مبرر، فالناس ينتظرون طيلة ساعات النهار، ويصلون الليل به (النهار) للحصول على كمية وثيرة من البنزين، وعلينا أن نحترم كرامات هؤلاء المنتظرين، وأن نقدس ساعاتهم المهدورة على محطة الوقود، فالتأخير(برأينا) متعمد، لأجل اختصار الطلبات في اليوم التالي، وعندما نسأل عن المحطات التي يتوفر فيها البنزين، سيعدون طلبات الأمس واليوم، وسيقولون أن البنزين متواجد في العديد من المحطات.

ثالثاً: اتخذت إدارة (سادكوب) قراراً بتقليص البنزين المتاح على البطاقة، وأجرت تخفيضين متتالين إلى أن وصلنا إلى عتبة المائتي ليتر لكل بطاقة، وهذا قرار جيد، وكنا من المطالبين به، وعللنا طرحنا بأن الحاجة الفعلية ليست كما كانت متاحة على البطاقة(أي ٤٤٠ ليتر)، وقلنا أن هذه الكمية تغري المهربين، وتعمق من الأزمة.

الشق الثاني من القرار كان تحديد أيام التعبئة بأربعة أيام بدلاً من خمسة، وتعديل الكمية المتاحة من ٤٠ ليتراً إلى ٣٠ ليتراً، وهنا حدثت الثغرة، وضُرب جوهر القرار، وفقد قيمته في الحد من الأزمة.

السؤال المحير: لماذا سمحتم للبطاقة أن تفتح في نفس اليوم ل٣٠ ليتراً مدعوماً، و٣٠ ليتراً حراً؟.

وسؤال آخر، لماذا قصرتم فترة الحصول على المادة من خمسة أيام إلى أربعة وجعلتموها ٣٠ ليتراً بدلاً من ٤٠؟.

احسبوها جيداً (يا جماعة الخير)، كان باستطاعة الشخص سحب مخصصاته من البنزين المدعوم (١٠٠ ليتر) خلال ١٥ يوماً عند توفر البنزين، وبعد قراركم غير المدروس، بات يستطيع سحب ١٨٠ ليتراً من البنزين (مدعوم وحر) خلال ١٢ يوماً فقط؟؟؟!!!!، بينما كان القرار الصحيح هو توسيع فترة السماح، وتخفيض كمية الحر (كما فعلتم في الشق الصحيح من القرار)، وعندها كنتم ستستطيعون وقف هذا الهيجان على أبواب المحطات، لأن شريحة كبيرة باتت تتاجر بالبنزين، وتدخل إلى المحطة لتعبئة حصتها من المدعوم، لتعود بعد إفراغ خزاناتها والوقوف على الدور لتعبئة المتاح لها من البنزين الحر.

رابعاً: هناك حلقة مفقودة في الحل، وهي الدراجات النارية غير المرخصة، فهؤلاء يحق لهم أن يحصلوا على البنزين، وهو متاح لهم عبر بطاقة (الماستر)، ولكن الضابط لهذه العملية معدوم، ولا يوجد أي قانون يحكمه، فمن يستطيع أن يقيد صاحب دراجة قرر أن يملأ خزانه مرات ومرات كل يوم، ويبيع ما قام بتعبئته في السوق السوداء؟، وهل يستطيع صاحب المحطة أن يتجاهله إذا كان رصيد البطاقة (الماستر) جارياً؟، بالطبع لا.

إذاً، لا بد من إيجاد حل لهذه الجزئية، ولا بد أن نضع ضوابطاً لضعفاء النفوس ممن يتربعون على عرش افتعال الأزمة.

أخيراً وليس آخراً، يجب أن نعترف جميعاً بأن تهريب المادة من مناطق سيطرة الدولة إلى مناطق سيطرة الإرهابيين يجري على قدم وساق، وعلينا الضرب بيد من حديد على أيادي من يعبثون بكل مقدراتنا، ويزيدون من همومنا في كل ثانية.

غيث حسن

تصفح المزيد..
آخر الأخبار