السماسرة

الوحدة: 9-9-2020

 

الأزمات صناعة احترافية بامتياز, وحب المال والأنانية وتفضيل المنفعة الحاضرة القريبة على المنفعة الغائبة أو البعيدة سلوكيات موجودة في أغلب المجتمعات وتزداد وتائرها على وقع الأزمات الاقتصادية وقلة فرص النمو وانخفاض الإنتاج وتآكل الدخول الفردية للمواطنين, وقد تحولت الحرب القذرة والحصار الاقتصادي الجائر إلى تجارة رابحة وباب استرزاق لدى الكثير من ضعاف النفوس في الداخل والخارج وصار المواطن وقوت عائلته فريسة سهلة في مصيدة سماسرة الحرب وتجار الأزمات.

الأزمات تخلق ظروفاً قاسية مريرة على جميع الأصعدة وانعكاسات بشعة تترك أثراً سلبياً في أغوار الناس وفي السلوك الاجتماعي لبعض البشر ينم عن جشع وطمع وارتكاب أخطاء تحت مسوغات شتى.. ألا يكفينا تدني مستوى المعيشة والراتب القليل حتى يأتينا الجشعون ليزيدوا منغصات الغاز والمازوت والنقل والخضار والفواكة ورغيف الخبز والمواد المقننة..؟!

السماسرة فئة معتاشة من المنتفعين والمرتزقة وأصحاب المصالح الشخصية النتنة ذات معايير مودرن وبأساليب حديثة جداً يعملون من حيث يدرون الزيت على نار العقوبات والحصار الاقتصادي الذي أطبق على رقبة المواطن والقطاعات الحيوية في الدولة, ولكل شيء ثمن وليس هناك شيء مجاني أو خدمة لوجه الله تعالى , تربطهم علاقات مشبوهة مع بعض الناس الذين هم في مواقع متقدمة, علاقات مادية وسمسرات مادية وتجارية واستغلال صلات القرابة والصداقة وإلى ما هنالك من علاقات متشعبة تفتح لهم الباب واسعاً لتمرير ما يحلو لهم من صفقات وتوصيات مدفوعة الثمن.

ما نشاهده حالياً في أسواقنا من سلوكيات شنيعة يرتكبها السماسرة يوحي بأن الأمور وصلت إلى انهيار حقيقي بالقيم ومنظومة الأخلاق لدى الكثيرين وصارت اللغة السائدة هي العملة والدفع قبل أي شيء, التجار والسماسرة أناس محبون للمال وحب الاستزادة من مباهج الدنيا ونعيمها, خلقة وليس تطبعاً, طبعة مذمومة طغت على سطح الحرب كالحرب تجلدت ضمائرهم أو باعوها بأبخس الأثمان لبلع ما يمكن بلعه, فكل شيء لديه بثمن وقيمة, لتحصيل مكاسب مادية خاصة بهم نظير قيامهم عن سبق إصرار وتصميم وترصد بأعمال وممارسات تجارية غير أخلاقية وغير شرعية أو إنسانية, يستغلون حاجة أرباب الأسر للقوت اليومي وتأمين الدفء للأجساد الغضة أو المريضة أو العاجزة بوسائل مختلفة في وقت ضاقت فيه المعيشة على العباد.

الكثير من الموبقات يتفنن تجار الحروب وصناع الأزمات بابتداعها من خلال أعمالهم الشيطانية لخطف اللقمة من فم المواطن المسكين … السماسرة وجه من أوجه الفساد الإداري والاقتصادي والمجتمعي أبطاله أناس صغار يسرحون ويمرحون هنا وهناك ويستغلون بعض البوابات والثقوب, يكذبون وينهبون من جيوب ولقمة البشر بذريعة تقديم الخدمات لهم…..

علينا البحث عن الحلول بدل نكران المعضلات والمشكلات وتطبيق مبدأ المساءلة والمحاسبة وتطبيق القانون على الجميع وإنزال العقوبات العلنية بالفاسدين لتحقيق العدالة الاجتماعية.

الفقراء وأصحاب الدخل المحدود يسوءهم رؤية هذه الشريحة تسرح وتمرح على مرأى الكثيرين.. وينتظرون بفارغ الصبر عودة أسعار المواد الأساسية والتموينية إلى سابق عهدها.

نعمان إبراهيم حميشة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار