تجارة الأرصفة تفرض نفسها كواقع والبسطات تسبب اختناقات تعيق حركة السير والمشاة

الوحدة: 30-8-2020

 


 

 

يتهامس أصحاب البسطات بصوت خافت بين بعضهم البعض معلنين حالة الطوارئ، لتدارك الأمر، يركضون محاولين لملمة بضاعتهم قدر المستطاع لإخفائها في مكان قريب لمعاودة فرشها من جديد، خوفاً من مصادرتها، لتكون حالتهم كموج البحر ما بين مدّ وجزر، لا تكاد تتم إزالتها حتى تعود مرة ثانية للظهور من جديد، فالبسطات أضحت واقعاً ملموساً فرض نفسه على الوسط التجاري بشكل قسري، وفي الآونة الأخيرة فقد انتشرت تلك الظاهرة بشكل أوسع في ظل الظروف الحالية التي نعيشها.

وخلال جولتنا على الأسواق رأينا أصحاب البسطات يفرشون بضاعتهم المتنوعة على الأرصفة وممرات المشاة  في معظم شوارع وأسواق مدينة اللاذقية، مليئة بالمواد الغذائية والاستهلاكية والألبسة القديمة (البالة)، والعطورات ومستحضرات التجميل والأدوات المنزلية والإكسسوارات وطرود المحارم وغيرها من المواد التي تشغل الأرصفة، ولا تترك مجالاً لمرور المواطنين الذين يضطرون للسير في وسط الشارع، مما يسبب اختناقات مرورية تعيق حركة للسير والمشاة، حيث يضطر المواطن للمشي بصعوبة وبشكل متعرج للوصول إلى مقصده.  

وبين هذا وذاك  فلا شك أن هذه البسطات تشكل مصدر الرزق الوحيد لأصحابها الذين يعيلون أسرهم، ويكسبون من خلالها مصدر رزقهم الذي يستطيعون عبره تأمين لقمة العيش وأجرة السكن واحتياجاتهم الضرورية.

للاطلاع على هموم وأشجان أصحاب البسطات ومعاناتهم فقد رصدنا الآتي:

أبو عدنان صاحب بسطة قال: لدي ستة أطفال وأعيل والدتي المريضة، وليس لدي سكن وأعيش بالإيجار، فقد هجرنا من منازلنا بسبب الحرب الظالمة التي اجتاحت كل ممتلكاتنا، ولا خيار لدينا سوى العمل  في هذه المهنة لتأمين لقمة العيش.

وعلى طرف زاوية أحد الشوارع شاهدنا شاباً في مقتبل العمر يبيع أدوات منزلية قال بحسرة وألم: أكملت دراستي الجامعية، ولم تتح لي أي فرصة عمل، رغم أنني تقدمت إلى مسابقات عديدة، وكما يبدو الوظائف ليست للفقراء بل أصبحت حكراً على أصحاب الأموال.

 ولفتت نظرنا امرأة تجلس على كرسي صغير عمرها تجاوز الستين عاماً تبيع الخضار وبعض الأعشاب الطبية قالت: أسترزق والرزق على رب العالمين لكي أؤمن لقمة العيش لعائلتي وأعلم أولادي الذين يدرسون  في الجامعة، ولقمة العيش أصبحت مرة كالعلقم.

وحول ظاهرة إشغال الأملاك العامة كالطرق والأرصفة وغيرها، والتدابير والإجراءات المتخذة حيال هذا الموضوع،  وكيفية التعامل معها، وهل هناك حلول أو بدائل لتلك الظاهرة، أجابنا على تلك التساؤلات المهندس ذو الفقار مظلوم رئيس دائرة ومراقبة الأملاك العامة في مجلس مدينة اللاذقية الذي أكد أن شعبة مراقبة الأملاك العامة تتابع عملها بشكل مستمر، وهي مؤلفة من شعبتين الأولى: شعبة مراقبة الإشغالات على الملك العام وتختص بمراقبة جميع الإشغالات على الأملاك العامة (أرصفة- ممرات المشاة – أسواق- جميع المحلات التجارية- حدائق عامة- شوارع رئيسية وفرعية- مسطحات خضراء …) لقمعها وإزالة  المخالف منها للتراخيص الممنوحة لها سواء من حيث الموقع أو من حيث التجاوز على المساحة المرخص إشغالها، وتنظيم الضبوط اللازمة بحق المصادرات وإيداعها إلى المستودع أصولاً مثل: الألبسة والكراسي والطاولات وغيرها، حيث لا يتم الإفراج عنها إلا بعد تقديم طلب وبراءة الذمة للمخالف، والترخيص الإداري أمام المحل.

أما بالنسبة للمواد الغذائية المصادرة  (خضار- فواكه- حبوب- أسماك) فيتم تسليمها إلى الجمعيات الخيرية بموجب إيصالات تسليم رسمية بين المجلس والجمعية.

بينما الشعبة الثانية هي الرسوم والرخص التي تختص بما يلي:

– منح التراخيص المقدمة للأكشاك والبسطات في أنحاء المدينة المتفرقة والأولوية في هذا البند لذوي الشهداء ومصابي الحرب.

– أما بالنسبة للمقاهي والمطاعم الطاولات والكراسي فتكون حسب عرض الرصيف والشارع، وبما لا يعيق المرور والمارة وعلى واجهة المحل وبأكثر عرض هو ثلثي عرض الرصيف وبحيث أن يكون مكان المرور لائقاً .

 – المولدات وذلك حسب عرض الرصيف والشارع، وبما لا يعيق المرور والمارة.

أما ما يتعلق بالضبوط فقد تم تنظيم ٥٠٠ ضبط من بداية العام الجاري حتى الشهر الثامن الحالي.

وشعبة مراقبة الإشعارات تقوم  بمهمة تسيير حملات دائمة على مدار اليوم وخلال ٢٤ ساعة بمؤازرة شرطة مجلس المدينة لمكافحة تلك الظاهرة.

في نهاية المطاف ليس هدفنا هو قطع الأرزاق، وإنما العمل على إيجاد حلول وبدائل لهم من خلال منحهم تراخيص، أو إيجاد أسواق تنظم عملهم.

مريم صالحة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار