بين أهمية رياض الأطفال وارتفاع التكاليف (استعدوا).. حل يسير للآباء..

الوحدة 27-8-2020  

 

تعتبر مرحلة إلحاق الطفل بالروضة من قبل الأهل من أهم المراحل العمرية وأكثرها حساسية لأنها تمثل فترة انفصال شبه جزئي عن الوالدين أو الأسرة ولو لساعات معدودة، فالطفل الذي اعتاد البقاء طوال اليوم بين أحضان والديه سيجد نفسه بين أحضان العالم الخارجي من أساتذة ومشرفين أو أصدقاء وأطفال من نفس السوية العمرية وربما أقل، إذ لا يمكن أن ننكر مدى صعوبة غياب الطفل عن والديه في البداية إلا أنه بالمقابل لابد من التأكيد على أهمية وإيجابية  انخراطه وسط الروضات وفق برامج وأنشطة وألعاب ترفيهية مع بقية الأطفال وبإشراف أساتذة مختصين، وهذا ما سيجعل منه شخصية قادرة على استيعاب العالم الخارجي وفهم الأشياء وبالتالي تمكينه وتحسين قدراته ومواهبه واهتماماته بشكل يصبح قادرٱ على اختيار ما يفضله ويحبه بنفسه لبناء شخصيته واعتماده على ذاته في  المراحل القادمة.

وتختلف برامج وأنشطة حضانات الأطفال من واحدة إلى أخرى وهذا ما جعل بعض الآباء ذوي الأوضاع المادية الميسورة يبحثون عن الروضات الأنسب والأفضل حرصاً على أطفالهم بفترة غيابهم فالبعض منهم يقوم بدفع مبالغ باهظة يتم توزيعها على أقساط محددة من قبل إدارة الروضة والهدف هو الحرص على راحة أطفالهم، ولكن ماذا عن الأسر محدودة الدخل غير القادرة على دفع تلك المبالغ لضمان سلامة أطفالهم لحين عودتهم من وظائفهم وأعمالهم؟!

إضافة لذلك ماذا عن العائلات الفقيرة ذات الوضع المتدني والتي ترغب بتحقيق كل ما من شأنه ينمي ويطور قدرات و مواهب أطفالها ولكن ظروفها المادية والمعيشية السيئة تقف عائقاً أمام تطلعاتها و أمنيات صغارها؟!

هذا ما لحظناه بعد لقاءات متنوعة مع عدد من الأسر التي اتجهت نحو البحث عن روضات تتوافق مع إمكانياتها المادية فسردت لنا معاناتها والتي محورناها وسط سطور اهتماماتنا بأسئلة موجهة للمعنيين بالقضية المطروحة ليتحفونا بمعلومات وأجوبة تعتبر  بمثابة حلاً ميسراً لدى الكثير من الآباء.

راما سيدة  ٣٢ سنة لديها طفلة بعمر خمس سنوات تقول: لقد قمت بتسجيل ابنتي العام الماضي بإحدى الروضات الخاصة علماً أنني غير موظفة ولكن هدفي تمكين ابنتي تعليمياً كبقية الأطفال المسجلين بنفس الروضة وعندما لمست حب ابنتي للذهاب للروضة كبقية الأطفال كلفني تسجيلها  ٧٠ آلف ليرة موزعة على أقساط خلال فترات زمنية.

ورغم أن دفع المبلغ  قد أرخى عدة أعباء على والدها كون أوضاعنا المادية ليست بالمستوى المطلوب لتسجيلها بروضة خاصة إلا أن اختياري لهذه الروضة  كان بسبب الاهتمام الجيد الذي لحظته من قبل إدارة ومشرفي الروضة بالأطفال وفعالية برامجهم  كتعليمهم أداب السلوك والتعامل مع الآخرين و أساسيات اللغتين العربية والإنجليزية إضافة لبقية المواد كالحساب والرسم وغيره ناهيك عن الأنشطة والألعاب الترفيهية والتشجيعية وهذا ما حسّن أداء وسلوك ابنتي للأفضل طبعاً مع متابعتي لها في المنزل وبالتعاون مع والدها.

أيهم مريم المشرف المسؤول عن حضانة أطفال العاملين في مشفى تشرين الجامعي بيّن لنا أن افتتاح الحضانة كان في عام ٢٠١٧ وبإشراف إدارة مشفى تشرين الجامعي وهو حل موفق للموظفين العاملين ضمن المشفى لإلحاق أطفالهم بالروضة أثناء التزامهم بعملهم.

وبالنسبة لآلية تسجيل الأطفال بالروضة يكون عن طريق تقديم طلب خطي لإدارة المشفى تتم الموافقة عليه لاحقاً ومن ثم تستكمل بقية الأوراق لتجهيز إضبارة خاصة بالطفل.

وعن تكاليف تسجيل الطفل في الحضانة ذكر مريم أنه يتم اقتطاع مبلغ ٥٠٠ ليرة بالشهر من راتب الموظف العامل ضمن مشفى تشرين الجامعي إذ يتم استقبال الأطفال من عمر ستة أشهر لعمر أربع سنوات ويتم تقسيم الأطفال لأربع مجموعات كالتالي: مجموعة أولى ما دون السنة، ومجموعة ثانية ما دون السنتين، ومجموعة ثالثة ما دون الثلاث سنوات، إضافة لمجموعة رابعة ما دون أربع سنوات.

وبالنسبة لنظام الإشراف على الأطفال توجد ضمن الروضة غرف صفية وضمن كل غرفة تتواجد مشرفة وعاملو خدمة مهمتهم تقديم الخدمات للأطفال ومتابعة وجباتهم وإعطاؤهم الأدوية في حال تواجد أي عارض صحي لديهم مع زيارات دورية لأطباء من مشفى تشرين الجامعي وإجراء كشوفات شاملة للأطفال للاطمئنان على صحتهم  وأشار مريم للبرامج والألعاب الترفيهية التي تقوم بها إدارة الروضة وهذا من شأنه يساهم في تقوية شخصية الطفل ويحفز شعوره بالفرح والسعادة بتفاعله مع عدد من الأطفال من نفس سويته العمرية.

أما المدير المساعد للتعليم الأساسي والطلائع في مديرية التربية باللاذقية رشا عبد الله أحمد فقد كشفت لنا عن حلول للأسر المتدنية الدخل وغير القادرة على إلحاق أطفالها بالروضات الخاصة من خلال التعريف ببرنامج (استعدوا ) الذي أطلق في عام ٢٠١٧ بالتنسيق بين منظمة الأمم المتحدة (المركز الإقليمي للطفولة المبكرة الكائن في دمشق) وبين وزارة التربية.

وأضافت أحمد: توجد ١٢ قاعة صفية تعمل وفق برنامج (استعدوا) موزعة بشكل متوازن على جميع مدارس مناطق محافظة اللاذقية وهي (رفعت دحو – سليم عمران- بسام عباس- يوسف كوسا- سمير عمر الزين- ديرين- صلنفة الأولى-السامية- جبلايا- وجيه إسماعيل- فراس دالي)  بهدف إلحاق أطفال الأسر ذات الأوضاع المادية المتدنية وغير القادرة على تحمل عبء وتكاليف التسجيل بالروضات الخاصة مؤكدة أنها مجانية بحتة وبالنسبة لبرامج هذه القاعات الصفية  فهي تضاهي وتعادل برامج وأنشطة الروضات الخاصة منوهة إلى أنه عندما تم اختيار هذه الشعب الصفية كان لابد من الوقوف ومراعاة عدد من الشروط والتي أهمها عدم وجود رياض أطفال تتبع لوزارة التربية في المنطقة المختارة لهذا الغرض مع التأكد من وجود قاعة صفية شاغرة  في المدرسة وأن تكون هذه القاعة مطلة على باحة لإمكانية فتح الباب فيها وتوفر دورات مياه قريبة من هذه القاعات الصفية ويشترط أن تكون المعلمات ممن تحملن إجازة رياض أطفال أو ممن اتبعن دورة أعدت في عام ٢٠١٧ لهذه الغاية وأن يكون عمر الطفل خمس سنوات وهي مرحلة الاستعداد للدخول لمرحلة التعليم الإلزامي والتي تبدأ في سن السادسة.

وبالنسبة لبرنامج هذه الشعب ذكرت الأستاذة رشا أنه برنامج تعليمي تربوي لتدريس الأطفال  القراءة والكتابة من خلال توزيع كتب وكراسات مجانية لمواد مختلفة كالإنكليزية والقراءة والحساب، وغيره إضافة لأنشطة ترفيهية وهذا جميعه يتطلب بيئة مادية مناسبة لعمر الطفل كألوان زاهية ورسومات وأدوات محمية بإطارات  حرصاً على سلامته.

وأشادت أحمد بدور برنامج (استعدوا) وأهميته في تكوين وتمكين شخصية الطفل إضافة لأنه حل يسير لكثير من العوائل غير القادرة على إلحاق أطفالها بالروضات

الخاصة مشيرة إلى أنه يوجد دراسة حول فتح قاعات صفية في مدارس أخرى ضمن محافظة اللاذقية سيتم الإعلان عنها بعد الحصول على الموافقة وتوقيع الطلب.

لنا كلمة

لم تعد الروضات مجرد دور أمان وأماكن يضطر الآباء لوضع أطفالهم بها أثناء غيابهم وانشغالهم بالعمل بل أصبحت غاية وطموح لدى أغلب الأسر التي يتوسطها أطفال صغار والهدف تنمية مواهبهم  وتحسين قدراتهم لتمكينهم مسبقاً وفي سن مبكرة من أجل اعتمادهم على أنفسهم لتزين جباههم عند عودتهم إلى منازلهم عبارات تسعدهم من معلميهم تخبرهم بأنهم فرسان صغار سيصنعون بأياديهم الناعمة دروباً مضيئة نحو المستقبل.

جراح عدره

تصفح المزيد..
آخر الأخبار