إنما الأمم الأخلاق!

الوحدة 26-8-2020

سخطاً لواقع تُقطع فيه الاتصالات عن كل أرجاء البلاد لأن طالباً قرر الغش في امتحانات الشهادات، وأسفاً على مسؤول غير قادر على اجتراح حلّ إلا بالقطع والبتر، وبئساً لمجتمع يغذي أبناءه على (الزعبرة) كي يصل إلى منصة علمية متقدمة…. إنها مهزلة العصر يا سادة.

تخيلوا معنا كم هو حجم المأزق الأخلاقي الذي نمر به، واحزنوا معنا على مستقبل يحاول الغشاشون بناءه، واذرفوا ما شئتم من الدموع على مشهد حالك الظلام يلوح في أفق الوطن.. هي أزمة أخلاق بلا شك، وقد وصفها قائد البلاد قبل سنوات بذات التوصيف.

قد يموت ميتنا على قارعة الطريق عند الرابعة فجراً، وربما نستيقظ في السابعة (مثلاً)، ونحتسي فنجان قهوة على أنغام السيدة فيروز، ونلحقه بإفطار شهي، أو كأس من المتة، ولا ندري أن لنا شخصاً مسطحاً على سرير الموت في إحدى المستشفيات، لأننا لن نعرف بالخبر حتى الساعة العاشرة حين يُفرج عن شبكة الاتصالات المأسورة بسماعة (بلوتوث) ثانوية أو إعدادية.

قد تصاب بجلطة قلبية في الخامسة صباحاً، وربما تلفظ أنفاسك الأخيرة، لأن هاتفك الجوال معطل، والطبيب المنقذ (افتراضياً) لا يتعامل في الهواتف الأرضية، ولا يعتمد سوى الجوال وسيلة للتواصل مع مرضاه، وكل ذلك، لأن شخصاً ما قرر تربية ابنه المدلل الفاشل على قياس فكره المريض، وقناعته بأن كل شيء يُشترى، حتى بناة الأجيال!.

نعرف جيداً أن هذه الكلمات تصيب مقتلاً في شريحة لابأس بها، ونعلم أننا سنشتم عندما يطلع كثيرون على ما جاء أعلاه، ولكن يجب ألا نبالي حتى لو كان المعني أحد أفراد أسرتنا، فالأمر ليس آني التأثير، ولا لعبة نتسلى بها في شهر الامتحان، هي مستقبل أجيال، ووطن مجروح، مازال بعضنا يسأل كيف خرج منه هذا الكم من الوحوش البشرية.

في يوم ما ستنتهي هذه الحرب، وستعود مقومات الحياة المادية، وستأتي الكهرباء ومعها الماء طيلة ساعات اليوم، ولن نقف على الأفران وصالات السورية، فكل ذلك من الممكنات لأن دوام الحال من المحال، وحينها سنستورد كل ما نحتاجه من كماليات، ولزوم (البهورة)، ولكننا لن نستطيع استيراد حاويات أخلاق مهما دفعنا بالعملة الصعبة، فهذا المنتج لا يصنع إلا محلياً، ولا يخرج إلا من بيتونا ومجتمعنا، فهبوا قياماً إلى ما يعمر الإنسان، ويبني أسس حياة كريمة، وناضلوا كي ننعم بشبكة اتصالات لا تنقطع عند مفارق المراكز الامتحانية.

غيث حسن

تصفح المزيد..
آخر الأخبار