مكتب شكاوى محافظة طرطوس.. وردود شفهية فقط

الوحدة 13-8-2020

في المبنى الجميل لمحافظة طرطوس يقع مركز خدمة المواطن، وفيه مكتب جميل آخر كتب عليه (مكتب الشكاوى)، الكثيرون يشهدون بحداثة وتقنية المركز بدءاً من تنظيم الدور عبر الحاسب الآلي حتى تعامل الموظفين والذي في الغالب تكون نسبة الإيجابية فيه عالية إذا ما قورنت ببقية المؤسسات الخدمية العامة بذاك التسلط المرعب لموظفيها، ولا ننكر أبداً عصبية وفجاجة بعض المراجعين أحياناً مما يجبر الموظف على ردات فعل ليحصل ما يخبره جميعنا.

لن نستفيض هنا في دراسة تلك المشكلة المستعصية بين المراجع والموظف، ولن نشرح تفاصيلها وأسبابها وظروفها وفيمن يملك الحق من عدمه، سنخرج من كل هذا لطرح مشكلة أخرى تبدو في غرابتها مثيرة للدهشة، وصودف أنها تحدث في ذات مكتب الشكاوى هذا، ولكن الغريب في الأمر أنها مشكلة (مقوننة) بمعنى – قانونية- لأن سيادة المحافظ قد أصدر أمراً بذلك، فما هي؟

موظف ما يشتكي على مديره المتسلط والذي قد يكون خالف القانون، رئيس بلدية معين تفوح روائح القمامة في بلديته، وألف خطأ من هذا القبيل قد يضطر المواطن أن يقصد مكتب الشكاوى آملاً في استرداد حقه، أو حتى في تفعيل قانون أغفله بعض المتنفذين لمصالحهم الشخصية، الموظفون سيتعاونون بلطافة ملحوظة، وسيأخذون الشكوى بوثائقها ودستة أوراقها بعد دفع الرسوم المترتبة على ذلك، بحدود 1200 ليرة ، ثم يعطى ورقة صغيرة مختومة بشكل قانوني عليها رقم وتاريخ الشكوى، ولكن ما الذي سيحصل لاحقا؟! .. لا نعرف.

سيفاجأ الشاكي بأن محافظ طرطوس قد اصدر أمراً وعلقه على جدران المركز (القرار رقم 11/10/120 ص. د، كتب فيه حرفياً: عدم تسليم الإخوة المواطنين نتيجة الشكوى …… إلخ)، سيتبادر إلى الذهن وبشكل سريع كلمة.. لماذا؟ وسيحاول المواطن الشاكي أن يحلل ويركب ليفهم هذا القرار (هو عصي على الفهم بطبيعة الحال)، ثم سيسأل نفسه عن فائدة الشكوى إن كان لن يأخذ أو يعرف نتيجتها التي من المفروض أنه قدمها لتعيد له حقاً ضائعاً أو تنفذ قانوناً نائماً، لا بل أنه سيفاجأ بأن الشكوى التي قدمها ضد مديره قد حولت له – كما حصل مع الموظف سامر جرجس إبراهيم، ولكن إن صادفه الحظ وكان من الذين (أمهم داعيتلهم) فإن الشكوى ستحول لأحد المكاتب التنفيذية لأخذ الرأي والذي سيتخذ قراراً بعد أشهر بتشكيل لجنة للكشف على أرض الواقع وسيتكلف الشاكي بدفع أجور تنقلها التي تصل إلى 20،000 ليرة، وإلى حين إعداد تقريرها بعد تشكيل لجان فنية أخرى منبثقة عنها لرفع التوصيات تكون السنة قد قاربت على النهاية ويأس من المراجعة فسلم أمره للأقدار مقتنعاً بنصيبه في هذه الدنيا – حصل ذلك مع المواطن محمد ماضي والذي أصر على تقديم خمس شكاوى لاحقة في نفس الموضوع – والأعجب أن البعض ورده اتصال من أحد ما في المحافظة ليتلو عليه القرار الذي اتخذه المحافظ بناء على شكواه مع تعليمات صارمة بعدم إعطائه نسخة عن هذا القرار – المواطنة هلا قلعة جي – ، وعليه أن يخمن ويضرب المندل ليعرف كيف ومتى سينفذ هذا القرار إن نفذ أساسا ولم يوضع على الرف.

المحافظ يرى في هذا القرار بأن النتيجة تؤخذ عن طريق هيئة الرقابة والتفتيش والتي يعلم الجميع أنها لا تعطي النتائج للمواطن بطبيعة عملها وإنما تقدم نتائجها للجهات الاعتبارية ذات الاختصاص فقط ، ثم تكمل سيادته القرار الميمون بأن النتائج تعطى أيضاً عن طريق القضاء، وهنا (بعد إذن سيادته) لا تحتاج شكوى يقدمها مواطن تشير إلى التقصير في تطبيق القانون أن تحول للقضاء، فالقضية ليست نزاعاً شخصياً وإلا كان لجأ إلى القضاء بنفسه، إنما الشكوى المقدمة  هي لتفادي التقاعس في تطبيق القانون النافذ الذي يعتبره ضامناً لحسن سيره بحكم منصبه.

في النهاية يحق لنا أن نتساءل عن جدوى هذا القرار (ولن نسأل عن قانونيته) وما الداعي لهذا المنع بما يشبه الإخفاء لنتيجة شكوى قدمها مواطن ما للحصول على حق ضائع، مع العلم أن  المراسيم الرئاسية والقرارات الوزارية المتعلقة بقضايا المواطنين تصدر علنا وتنشر في الصحف الرسمية.

كنان وقّاف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار