ماذا لو كانت حياتنا في الأعماق؟

الوحدة: 27- 7- 2020

 

كيف سيكون عليه الحال لو كانت البشرية تحيا في الماء بدلاً من اليابسة هل يا ترى ستكون حياتنا فيه لها كل هذا الحجم من التناقضات؟

وما طبيعة المشاعر التي سنكون لدينا من حب وكراهية ورضى وحزن؟

فالدموع مثلاً تلك القطرات الساخنة المندفعة (من دون كنترول) لن يكون لها وجود في الحياة البحرية وربما تكون للبشرية زعانف وحتى لو تنفست الصعداء فستكون على شاكلة الحيتان والدلافين وستنشأ دول كبرى تحت الماء تتحارب وتتطاحن وتحيل هدوء المحيطات إلى زمجرة آلات وغواصات ولو أن ذلك حاصل الآن من دون هذه الواسطة.

وستكون هناك متاحف بحرية ومدن أعماق وحدود تفصل بين تلك الدول وربما تكون حدوداً مرجانية.

لأن أسلاك الحديد التي تصدأ وتهترئ لن تكون البيئة البحرية مناسبة لها، وستنشأ علاقات وصداقات أعمق بين الإنسان والأسماك حيث سيكون عالم الأسماك والبحريات هو العالم البديل للحيوانات الأرضية ولن تصبح حكايات الحوريات البحرية ضرباً من الخيال بل عندها ستكون حوريات اليابسة هي الميدان الخصب لذلك الخيال الموغل في القدم وستكون اليابسة هي المجهول وستعاني الأرض كالعادة أهوال الإنسان البحري وتعديه عليها والأعماق السحيقة ستمثل البديل الطبيعي عن الغابات المظلمة ولكن كلما زادت الأعماق ظلاماً هرب البشر إليها.

ووحوش الأعماق ستكون الخطر الداهم الذي يهدد البشرية وسوف يلجأ إلى تلك الأعماق الهاربون من القانون واللصوص وقطاع الطرق وقد يتعذر وجود الصحافة المكتوبة واللغة بشكلها الأرضي ويستبدل بها ما يشبه لغة الدلافين التي ميز البحث العلمي منها حتى هذه اللحظة خمسين مفردة تتفاهم بها الدلافين فيما بينها وطبعاً بما أن الإنسان مخلوق متطور، فإن قاموسه اللغوي سيكون أضعاف ذلك ولكن المفضلة ستكون في الكتابة والتدوين لتعذر وجودها في البيئة البحرية ولا ندري كيف ستكون المدارس والجامعات والمراكز التجارية وأية بضائع ستعرض وهل سيستخدم الإنسان البحري الكهرباء، أما الماء فإنه سيكون بـ رخص التراب ولن تحدث أية صراعات عليه  وربما سيكون الصراع على أشياء أخرى ولن يكون الأمر بسبب ندرته بل بسبب طبيعة البشر التي تبحث دائماً وأبداً عن شيء تتصارع عليه حين تتصارع في بيئتها الأرضية على عدة كيلومترات ضيقة بينما أرض الله الواسعة لا تجد من يعمرها..

ولعل شيئاً واحداً نستطيع التأكد منه عندما تعيش البشرية في البحر هو أنها ستبني حضارة إنسانية من أنظف الحضارات التي عرفها العالم.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار