الوحدة 22-7-2020
لم تعد الوجبات الغذائية الطبيعية والمنزلية التي نحرص على تقديمها لأطفالنا مصدراً لتأمين الاحتياجات الصحية لهم فحسب، بل باتت ضرورة ملحة علينا التمسك بها كخيارٍ وحيد ضامن لسلامتهم وصحتهم في ظل ظروف صحية تسدل بخطورتها على العالم بأسره مع خطر الإصابة بفيروس كورونا، فالعالم كله يقع في دائرة الخطر خاصة عندما تتوافر وسائل العدوى والانتشار السريع كالوجبات الجاهزة وطعام الشارع والأغذية السكرية التي تدغدغ حواس أطفالنا بألوانها وأشكالها الجذابة وتكاد تخلو من أي قيمة غذائية مفيدة لتقوية مناعتهم وحمايتهم، فما الحل؟ يقول خبراء التغذية: (يعاني العديد من الآهل من مشكلة تغذية أطفالهم، إذ يمتنع الأطفال عن أكل الكثير من الأطعمة الصحية والمفيدة لنموهم، فيتحول تناول الطعام إلى صراع يومي على المائدة، إذ يرفض الأطفال تناول الغذاء المفيد من الخضروات مثلاً ويكتفون بأكل المعجنات والمعكرونة، ويغضبون من آبائهم عندما يفرضون عليهم تناول طعام مفيد لنموهم، الأمر الذي يحول الأكل الجماعي إلى دراما يومية)، لذلك ينصح العديد من خبراء التغذية الأهل باتخاذ بعض الإجراءات التي تساعد الأطفال على تقبل الأغذية الصحية، فأولاً ينبغي إدماج أغذية جديدة وصحية ابتداء من الطفولة المبكرة، إذ يكون الطفل في هذه المرحلة منفتحاً على كافة الأطعمة، وتركز الدراسات الصحية، ثانياً، على أن الأم والأب يشكلان نموذجاً يُحتذى لأطفالهما، فعاداتهما في الأكل تطبع العادات الغذائية عند الطفل مستقبلاً، لذلك ينبغي للعائلة أن تجتمع على الأكل، وينصح الخبراء بتخلي الآباء عن الهواتف المحمولة ومشاهدة التلفزيون أثناء الأكل، كما أن انتظام أوقات الأكل، يمنح للطفل إدراكاً بوجود نظام معين، لذلك ينبغي تعليم الطفل في وقت مبكر أن يفرق بين وقت اللعب ووقت الأكل، كما تشير نتائج هذه الدراسات الصحية إلى ضرورة إبعاد الطعام عن منطق العقاب أو الجائزة، إذ غالباً ما يعاقب الآباء أطفالهم بحرمانهم من أكل ما يحبونه، أو تقديم طعام معين لهم كنوع من الجائزة على تصرف جيد أو سلوك طيب لكن هل يمكن تطبيق هذه النصائح على أرض الواقع لاسيما وأن البعض لا يجد حتى الوقت الكافي لتناول وجبة الغداء في ظل ضغوط العمل والحياة؟ بل كيف يمكننا إقناع أطفالنا بأن الخضروات والفواكه ألذ من الحلوى والشوكولاته والبطاطا المقلية؟ وهل يمكننا تحويل نظرات أطفالنا عن أماكن الوجبات الجاهزة في مشهدٍ يقارب جمال اللوحات الفنية وبأساليب الترغيب المتنوعة التي تجذبهم إليها؟ والأهم من ذلك كله هل نستطيع التخلي عن كمية التنازلات التي عودنا أطفالنا على تقديمها لهم تعويضاً عن غيابنا عنهم أو تقصيرنا في تأمين وسيلة من وسائل الرفاهية التي نعجز عن توفيرها لهم ولو – في أبسط أشكالها – فنلجأ إلى هذه الأطعمة كملاذٍ – رخيص الثمن نوعاً ما – ينقذنا في الأوقات الحرجة لمتطلباتهم واحتياجاتهم؟ إذاً نستطيع القول إن الأمر في النهاية ليس في المواد التي يجب أن نقدمها لأطفالنا لنؤمن لهم العناصر الغذائية الصحية لنموهم وصحتهم، بل في أنماط الحياة والسلوكيات التي سلبتنا حتى حرية الاختيار في فرض العادات السليمة في تربيتهم جسدياً ونفسياً.. وهذا ما يجب علينا تداركه قبل فوات الأوان وإلا فالعواقب ستكون غير محمودة خاصة عندما تفرض الظروف آثارها السلبية علينا – كما هو واقع الحال في أيامنا هذه – مع الأخطار المحدقة بنا في زمن الكورونا وتبعاتها الصحية والاجتماعية.
فدوى مقوص