الوحدة: 15- 7- 2020
امتلك أدوات الأدب، كتب فلخص، عبّر فأفصح، وفي بوحه البيان، آمن بأن الشعر هو ضرورة روحية و حاجة معنوية، ولا سيما في زمننا المنكوب الذي نعيشه الآن لدوره البالغ في تهذيب النفس وتشذيبها و تطهير الروح، إنه الشاب إياد راضي، سألناه من أنت في سطور؟ فقال: شاب في التاسعة عشر من عمري، أدرس في جامعة تشرين في قسم الهندسة الطبية، أما إن أردت توصيفاً أكثر دقة عن كينونتي، فيمكن القول بأنني مجرد حالم عابر.
– عرفناك شاعراً وأديباً، متى كانت البداية؟
لقد كان الشعر والأدب منسابين ومتدفقين من ذاتي وإليها منذ طفولتي، فالبداية كانت منذ أن بدأت أعي تفاصيل الحياة رغم بساطة مفاهيمها، لقد كانت بداياتي متواضعة تنحصر ضمن بضع أبيات من الشعر الرقيع الذي يفتقر إلى الخبرة والسلاسة وبضع من القصص البسيطة والمتواضعة وذلك في بداية فترة المراهقة، إن صحّ التعبير، ما بين السادسة عشر والسابعة عشر من عمري، ولكن على الرغم من بساطتها إلا أنني كنت أجد استحساناً ملحوظاً من قبل أساتذة اللغة العربية في المدرسة وبضعاً من القراء المخضرمين..
– هل شاركت في أمسيات أدبية وشعرية؟
بصراحة، لم تكن لي أية مشاركات أدبية أو شعرية ضمن أية فعالية ثقافية شعرية وذلك لعدة أسباب، أذكر أولها وهو إيماني القاطع بأن الشعر قد فقد بريقه بعد هذا التردي الفظيع في الذائقة الفنية الجمعية، كما أنني لا أجرؤ على أن أسمي نفسي شاعراً وأن أتجشم عظمة هذا اللقب حالياً، فالشعر ليس بضعاً من الكلمات المنمقة والجزيلة، إنما هو فلسفة عميقة تحمل صاحبها إلى قولبته إياها ضمن أطر لغوية وفنية متقنة وإن كل محاولاتي الشعرية ما هي إلا محاولات فردية متواضعة وبسيطة، وإن استحسنها البعض، فهي تحتاج إلى النقد من قبل المختصين أولاً وإلى سجية حاضرة ومشتعلة على مر عدة من السنين.
الشعر العربي هو أعظم ما أبدعت اللغة العربية عبر التاريخ، وهو مسؤولية عظيمة لمن يدعي ربوبيتها.
– كيف ترى الشعر في زمن الحرب وهل طغى على كتاباتك ما مر على سورية من حرب وما الذي يقدمه الشعر للوطن وكم نحن بحاجة إليه؟
الشعر هو ضرورة روحية وحاجة معنوية ولا سيما في زمننا المنكوب الذي نعيشه الآن لدوره البالغ في تهذيب النفس وتشذيبها وتطهير الروح من سوء أدرانها، إننا وفي هذا الوقت لفي أشد الحاجة إلى وسيلة ترتقي بنا من عهر شهواتنا وطغيان خطايانا وقذارة أحقادنا، لتكشح لنا ظلمات أفكارنا وانحطاط أهدافنا واهتماماتنا وإن الفن والشعر والأدب لمن أوفى الملبين عند صدق ندائنا، أما بالنسبة إلى تأثر كتاباتي بالحرب فهذا أكيد، فالإنسان أولاً أم آخراً هو عبارة عن كتلة من الأفكار المرفقة بالمشاعر والأحاسيس والتي تؤثر بدورها كما تتأثر في المحيط الاجتماعي القائم، والعلاقة ما بين الإنسان ومجتمعه علاقة تفاعلية ومتكاملة تتداخل فيما بينها عبر السبب والنتيجة ضمن حلقة حيوية مستمرة، فنحن نعيش الواقع ليكون السبب في تكوين النتيجة الفكرية والشعورية لدينا، فنقوم بتصييرها لتكون سبباً بدورها لتغيير الواقع لما نصبو إليه، فنرى أن الشعر أو الأدب هو نتيجة وسبب في آن معاً وهذا بحد ذاته ما يشكل أهمية بالغة في ديمومة الدفع و التنوير الفكري والروحي الذي يحققانه سواء للوطن أم للعالم.
– كيف بالإمكان الارتقاء بالكتابة الأدبية سواء بالشعر أو النثر في زمن قل فيه الأدب وكثر فيه الأدباء؟
برأيي، أن يعود الإنسان إلى نفسه أولاً وأن يقرأ وأن يقرأ كثيراً، فالقراءة هي السبيل الأوحد لإيساع مساحات الوعي والفهم لدى الإنسان وإنارة مشاعل الإدراك لديه، وهي التي ترتقي به إلى الترفع عن هذا الهذر اللغوي والرقاعة الفنية وأن يتساءل دائماً: هل أنا شاعر حقاً؟
– ما هي إصدارتك وما هي أعمالك القادمة وهل لديك جوائز نلتها؟
لدي عدة أعمال ما زالت محصورة في حوجلة الأفكار، تنتظر ميعاد خروجها عندما يحين وقتها، تشابه فكرة الكتاب الذي قمت بتأليفه (لم لا ؟!) أما حالياً فأعمل على استكمال السلسلة الروائية التي أطلقتها عبر رواية (سلام) من خلال رواية جديدة بعنوان (العقرب) والتي أسعى جاهداً لأن أترجمها إلى عمل فني سينمائي أو درامي. لا توجد جوائز حتى الآن لأنني وبكل بساطة لم أقم بنشر أي منها، وذلك لثقل أعبائها المادية في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة إلا أنني أعمل على طرح جميع الأعمال الروائية التي قمت بعملها والتي سأقوم بعملها لاحقاً عبر الصناعة الفنية الدرامية وذلك عن طريق تبني الشركات المسؤولة عن الإنتاج الفني لها لأنني أرى أن العروض السينمائية والدرامية تؤمن مساحة أقوى للتعبير عن فن الرواية والأدب في عصرنا الحاضر، فنرى اليوم أنه يتم العمل على إنتاج مسلسل هوليودي ضخم يعود إلى رواية العظيم دوستويفسكي، الإخوة كارامازوف.
كلمة أخيرة
أتمنى من الجهات الراعية والمسؤولة ومنها شركات الإنتاج الفني أن تمد يد العون للشباب، وأن تكون عوناً لهم لا عائقاً، فإن بلدنا يحوي كماً هائلاًمن الإبداع والطاقات والتي تتنظر أن تتحرر في ربوع مجالاتها..
نور محمد حاتم