العمل الإضافي … غربة قسرية عن البيت والأولاد

الوحدة: 15- 7- 2020

 

العمل الإضافي حاجة ملحة لمواجهة أعباء الحياة الثقيلة وخّيار مُرّ يلجأ إليه الكثيرون في ظل راتب يتآكل متسارعاً لتلبية حاجات دائمة ومتجددة بشكل يومي في ظل غلاء معيشي داهم كل شيء وأصبحت الأسعار في واد ومتطلبات الحياة في وادِ آخر.

أشياء كثيرة في حياتنا فرضت على أصحاب الدخل البحث عن سبل ومنافذ جديدة انطلاقاً من موقع المسؤولية حتى ولو كلفهم ذلك العمل ليل نهار والكثير من الآباء يخرجون من منازلهم قبل استيقاظ أبنائهم، همهم تأمين لقمة العيش والحرص على عدم حرمانهم وزرع البسمة على وجوههم وإدخال البهجة إلى قلوبهم ومنع الوقوع في براثن الحاجة والعوز والدين الذي ينغص العيش ويولد المشاكل داخل الأسرة.

بالعمل الإضافي يصبح رب الأسرة كالآلة التي تعمل على مدار الوقت مما يحرمه من تذوق معنى الحياة وقيمتها، وبمرور الوقت يتحول العمل الثاني إلى عادة وإدمان ومن وسيلة للحياة الكريمة التي يسعى لتحقيقها إلى غاية وعادة قسرية ملازمة.

العمل الإضافي يوقع الأسرة في خواء روحي ومعنوي وفراغ عاطفي ونفسي مصحوب بالقلق وانعدام الشعور بالأمان، آباء وأزواج يحضرون بأجسادهم ويغيبون بأرواحهم، مشغولون عن أسرهم ويكاد حضورهم وهمياً للطعام والنوم بينما الجوع العاطفي ينهش حياة الزوجة والأولاد وتزداد معاناتها إن كانت عاملة أو موظفة، حيث يتواجد الأب مهدود الحيل والقوى فاتر الهمة والعزيمة يتملكه اليأس ولا يشيع مناخاً نفسياً ملائماً ودفئاً حميماً.

مهما كانت ظروف المعيشة قاسية يجب على الأب الحضور المعنوي في المنزل وقضاء أكبر وقت مع الأولاد والتفاعل معهم وتأمين متطلباتهم وحاجياتهم واحترام مشاعرهم ومداراة قلقهم والتخفيف ما أمكن من وقع وأثر الغياب الطويل بتوجيه الكلمات الجميلة والحنونة وقضاء بعض الوقت معهم  التوادد والتعاطف والظهور بمظهر الأب المحب والحنون وذي السلطة العليا في المنزل ومجالستهم وتقدير مشاعرهم والاستماع إليهم ومبادلتهم الأحاديث والهموم ليكونوا ناجحين وفاعلين ومنتجين لأسرهم ومجتمعهم ويجب عدم الانشغال عنهم لما له أثر سلبي على حياتهم ونموهم ومستقبلهم الدراسي وعدم تركهم كسفينة تائهة يقودها الموج حيث يشاء.

 معينة أحمد جرعة

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار