الخميس: 8 تموز 2020
أقام المركز الثقافي العربي في بانياس محاضرة بعنوان مواسم الحصاد ألقاها الأستاذ حسن إسماعيل وقال فيها: التراث هوية الشعوب وجذورها الممتدة عبر التاريخ بالإضافة إلى أنها عنصر أساسي من عناصر الثقافة الإنسانية وما نعيشه اليوم هو تراث الغد، والتراث متعدد الوجوه بتعدد أعمال الناس وحركاتهم وعلاقاتهم إذ أن لكل حركة تراثها فهناك التراث الفني الذي يبحث في الأغاني والدبكات والاحتفالات بكل المناسبات وكذلك يبحث في أدوات الزينة واللباس والتطريز والرسم وغيرها، وهناك التراث العمراني الذي يتحدث عن بدء العمارة وبناء المساكن والقلاع والحصون وأماكن العبادة وغيرها، وأيضاً هناك التراث الاجتماعي كالعادات والتقاليد والزواج بالمقايضة واحترام الضيف وكل المقولات التي تكسب الإنسان الصفات الجيدة، أما التراث الغذائي فيحكي لنا قصص عن صناعة المأكولات الشعبية والمواسم التي يزرعها أبناء الريف، والتراث الصناعي الذي يتحدث عن الحرف اليدوية، وكذلك التراث الدوائي الذي كان مصدره النباتات التي تعيش في جبالنا ومازال الطب الحديث يعتمد عليها، والحديث يطول عن التراث وما يميزه أن كل عمل له أغانٍ خاصة به يحفظها الكبار والصغار ويرددونها أثناء أداء العمل سواء في مواسم الفلاحة والزراعة أو الحصاد وجني ثمار الزيتون والتين ودراسة القمح على البيادر، وبما أننا اليوم في نهاية موسم الحصاد فاخترنا الحديث عنه حيث كانت القرية تبدأ موسم الحصاد بيوم واحد وتنتهي أيضاً بيوم واحد حيث كان يجتمع حواصيد القرية مع آخر شخص لم ينتهي من الحصاد وكان عليه أن يقدم وجبة غذاء لكل الموجودين وكان يسمى (الخلوص)، وكان هذا الموسم محبباً لدى الشباب والصبايا لأنه موعد التلاقي بينهم بالإضافة إلى أن الأعراس كانت تقام بعد انتهاء الصيف حيث كان من شروط الزواج هو إقامة العرس بعد انتهاء الموسم فيقول الأب للعريس (نعطيك ياها بعد أن ناكل كتفها) أي بعد أن تساعدنا في جميع المواسم حتى انتهاء الصيف، وكانوا يرددون الفروقات (الأغاني) في هذا الموسم وإن كانت تختلف من بلد لآخر أو من زمن لآخر إلا أنها كانت تحكي حكاية الحصاد وبعض تفاصيله ومنها أغنية (يا مشمل) وهي أغنية الحواصيد الصبايا اللواتي يشمّلن الزرع خلف الحواصيد وأغنية الدعوة للحصيدة والتي تقول(عالحصيدة ياحاصود جيب الرعدان والطارود) والطارود هو الشخص الأول في الحصيدة ويكون أقوى الموجودين ويكون عددهم من 7-8 أشخاص ويليه الرعدان وهم الأساسيون في الحصاد، ومن المعروف أن فريق الحصاد يتألف من الحواصيد الرجال والغمّارات (النساء) اللواتي يقمن بجمع أغمار القمح خلف الحواصيد، أيضاً هناك السنبالون (أطفال) يجمعون ما سقط من السنابل بعد ربط الشميلات وبعد ذلك يقوم الجميع بنقل الحصاد إلى البيادر وفيها يرددون أغنية يا مشمل، كما كانوا يردد الحواصيد أغنية النخوة التي تشحذ الهمم وخاصة أخر النهار كي ينسوا التعب ويستمتعوا بأدائها، وفي الختام أدى الأستاذ حسن بعض هذه الأغاني مع العزف على العود.
رنا ياسين غانم