الوحدة 7-7-2020
أيا عمريَ الّذي ما مضى منه لم يمضِ وما سيأتي منه لن يأتي, وكأنّي أرى نفسي بلا زمنٍ, بلا ماضٍ, بلا حاضر, ولا مستقبلِ, وكلّ ما أراه هو أنتِ الّتي جعلتْ زمني بلا زمنٍ, وأيّامي تدور في الرّحى لتطحنها وما درَتْ أنّ أيّامي طحين المواجع, وأنين السّنين ما كان إلاّ مِن عذاباتي وآلامي الّتي قصمت العمر وذرَته أعماراً وبعثرَته أيّاماً بلا أيّام..
أيا غاليتي, وأنتِ أغلى مِن العمر, بل أنتِ العمر كلّه, وأنتِ الزّمان, ما مضى منه وما لم يمضِ, وتبقين أنتِ الّتي تحيين الفؤاد وتبثّين الحياة, وأنتِ غيمة تندّيني, وإشراقة صبحٍ تخبرني بأنّ الضّوء من عينيكِ طالعٌ, وأنّ البدر منذ قليل غادر مقلتيْكِ, فيا غاليتي دعيني أبحث عن نفسي, ودربي ضائعٌ في الدّروب, وخطوتي تسير في تفاصيل الحكايا تتقصّى زمناً لا يشبه الزّمن, وكلّ الأيّام دونك ليست بأيّام ولا زمن, وكيف سافر الزّمن في ليل العاشقين بلا حقائب, بلا وداع, بلا تذاكر, بلا تذكار, وكأنّي أراه قد ضاع في الزّمن, يا لهذا الزّمن الّذي يضيع في الزّمن, ويبحث عن صكوك الأيّام المنسيّة إلاّ من وجهكِ أيّتها الغالية, فأنتِ كلّ الزّمان وكلّ المكان وأنتِ قطار السّفر وأنتِ حنينُ الأسفار وذكرى حبيبٍ يتملّى التّذكار, بعد أنْ يعشّش الصّديد في جرحه الّذي ما زال ينزّ أسًى وآلاماً عِظاماً, وما مِن ضمادٍ لجرحيَ إلاّ أنتِ, أنتِ الّتي تقصّين لي حكايا الحبّ وكيف يكون, وأذكر ما كنتِ تقولين مِن اختناق الأوردة والشّرايين وقد تزاحم الحبّ فيها واستعصى عليه الرّحيل.
وها أنا يا حبيبة عمري أرتمي على سرير العذابات الّتي نصبتُها لنفسي بعد أنْ ضاعت نفسي ورحتُ أمشي غريباً نائياً في عراء الصّحراء الّتي بتُّ فيها مِن ألمي ووجعي أبحثُ عن أحرف الحبّ الّتي ساقتها شفتان مِن المرمر , وأسأل نفسي أمام مرآتي , تراني هل أنا ما زلتُ أنا وقد ضاع زماني في الزّمان فلا المكان بباقٍ ولا الزّمان كما كان, ولا حبيبة عمري بقربي أمشّط جدائلها وأسرح في عينين بتُّ منهما في سكرةٍ مِن العمر, فيا حبّي إنّي أنتظر الرّيح أنْ تهبَّ وتطفئ نار الوجد وقد استعرتْ ناره, وقسا عليَّ زماني حتّى بتُّ بلا زمان, وأظلّ أقول: يا له من زمان ..!
نعيم علي ميّا