الحكام السوريون نحو الهاوية مجدداً

الوحدة 24-6-2020

 

لا يحق لأي شخص أو فئة أن تعاقب طالباً كسولاً لأنه قرر أن يجتهد قبل شهر من الامتحان، ولا يجوز بكل المقاييس أن يفترض واضع النتائج رسوب هذا الطالب لمجرد أنه معروف بقلة الحيلة والكسل أثناء الموسم الدراسي.

هذا هو الدوري السوري عبر التاريخ، ولن يتغير مادام الفكر الحاكم للعمل الكروي يشرب من نفس النبع، ويستقي قراره من حوض المحاباة، و(التطبيق)، وتسييس الواقع لمصالح ضيقة تزعزع أركان الغاية المرجوة من الرياضة.

بكل بساطة، يأتي شخص واحد اسمه حكم المباراة، ليغير النتائج، ويقلب الطاولة على صاحب الحق، فقط لأنه مدفوع بغايات خاصة، أو مدفوع له من أصحاب الغايات أنفسهم، فهذا الشخص يستطيع بصافرة واحدة أن يسلب حلم جماعة كبيرة تقدر بمئات الآلاف، وقد لا يهتز له جفن، لأنه يعرف سلفاً أنه محمي ممن بيدهم الحل والربط، وربما يحفظ التاريخ جيداً، ويدرك أن العقوبة مهما كبُر حجمها، لن تقصيه إلى الأبد من سلك التحكيم، فهو قادر على العودة عند أول عفو رياضي، أو طي جماعي للعقوبات المفروضة.

في الأيام القليلة الماضية علا صوت جماهير نادي جبلة مطالبين بالاقتصاص من (الحكم) مسعود طفيلية إثر قراراته المريبة في لقاء جبلة والفتوة.

الجبلاويون يعتبرون (وهم على حق) أن الحكم المذكور سلبهم فوزاً كان يلوح في الأفق بعدما طرد أهم لاعبي الفريق، وتغاضى عن ضربة جزاء واضحة بحسب محللي التحكيم المنتشرين على شاشات التلفاز، فتسببت قراراته بتعقيد مهمة نادي جبلة في حسابات البقاء، وإهداء منافسهم المباشر نقطة مجانية جعلته يرتاح أكثر على سلم الترتيب.

بغض النظر عن رغبات الجماهير وانحيازهم الطبيعي لفرقهم، لا بد من الوقوف مطولاً عند الأخطاء التحكيمية، ولا بد أن نتساءل إن كانت الأخطاء إنسانية أم شيطانية، لأن بعض القرارات توحي بأن صاحبها استهدف أمراً أبعد من المباراة التي يقودها في حينه.

مسعود طفيلية طرد لاعباً جبلاوياً في وقت كان فيه الفريق يتقدم بهدف، ويبسط سيطرته التامة على اللقاء أداء ونتيجة، قبل أن يتدخل الحكم ويوقف هذا المد بقرار لا ينتمي إلى روح القانون، ويبتعد عن الأخلاق الرياضية لجهة أن اللاعب المطرود كان يحاول إبعاد الكرة لعلاج لاعب الفريق الخصم، والحالة واضحة لا لبس فيها.

إن افترضنا أن الحالة اشتكلت على الحكم، وأن حكم التماس أثر على قراره النهائي، فما هي الفرضية التي يمكننا تبنيها لحالة التغاضي عن ضربة جزاء واضحة لم يحتسبها لنادي جبلة؟.

وإذا افترضنا أن الحالتين من الأخطاء البشرية، كيف لنا أن نضع فرضية مشابهة لرفع بطاقات صفراء متتالية لأهم لاعبي الفريق، مما أدى إلى حرمانهم جميعاً من لقائهم القادم مع تشرين في جبلة؟.

يقيناً، نحن لا نتحدث عن سيناريو خيالي، فما خبرناه من الدوري السوري وحكامه الميامين يجعلنا نحيد الشك لنصل إلى مرحلة اليقين بأنهم أبطال برسم الخرائط في مباراة يقودونها، ومباريات ستحدث لاحقاً.

كل الكلام لن يعيد عقارب الساعة إلى الخلف، ولن يغير نتيجة أي مباراة مهما علت الأصوات وتضخمت الشكوى، ولكن اتحاد الكرة مطالب بتصحيح ما يمكن تصحيحه من قرارات ظالمة، فعندما يُعاقب الحكم لن يستفيد الفريق المتضرر، ولن يستعيد نقاطه المسفوحة، وفي الحالة التي نتحدث عنها، يجب أن يسمع اتحاد الكرة مطلب النادي المتضرر، وأن يعيد له لاعبه المحروم على أقل تقدير، ولن تكون المسألة سابقة كروية، لأنها مشهودة في معظم دوريات العالم ، فالأمر لا يعدو كونه رفعاً جزئيا لظلم تعرض له أحد أبناء الأسرة الكروية، مما قد يعزز الثقة بعمل الاتحاد، ويوجه رسالة إلى الحكام بضرورة تحكيم ضميرهم عند إطلاق صافراتهم.

غيث حسن

تصفح المزيد..
آخر الأخبار