الوحدة: 22- 6- 2020
كثيرة هي الأفكار التي تقيدنا وتشدنا إلى أسفل، كما أنها كثيرة هي الأفكار التي تدفعنا إلى الأمام، وتجعلنا في مزاج إيجابي قادر على نقل الجبال.. فما هو السر في كل ذلك وأين نحن من أنفسنا وهل حقاً أن الإنسان هو صانع مصيره أم أن يد الأقدار الخفية هي فقط التي تحرك كل شيء، وما نحن إلا المظهر الخارجي الخادع للذات..؟
إنها أسئلة ليست جديدة على الإنسان بل إنها إحدى نقاط الخلاف بين المفكرين والفلاسفة منذ أمد بعيد. ولكن للحق فإن للإنسان دوراً في صناعة قدره ولا يعقل أن يكون الإنسان مخبراً ثم تفرض عليه قوة جبرية إجمال ما يصنعه وإفراد ما يأتيه.
فالمنطق الصحيح لا يقبل التخيير ثم يرى أن أي شيء عابر في حياتنا هو قدر لا مناص منه ولا مقر ولا منجى!
وقد كرّست البحوث العلمية الكثير من الوقت والجهد للإجابة عن العديد من التساؤلات التي لا تعترف إلا بالمقياس العلمي والمنهج المادي الملموس واعتبر علماء النفس العقل الباطن إحدى ركائز ذلك المنهج لتأثيره فينا وفي سلوكنا ومستقبلنا ومدى نفاذية تأثيره في أعماق النفس البشرية شديدة التعقيد وخلص العديد من تلك الدراسات إلى تأكيد ما للعقل الباطن من تأثير قوي في سلوكياتنا فهو الذي يتبنى الأفكار ثم يعمل على جعلها الشغل الشاغل في لحظات اللاشعور الطويلة التي يعمل هو فيها في صمت لينجز ما عجز العقل الواعي عن إنجازه.
ولهذا فإن العديد من أولئك الدارسين يطالبون بأن نكف عن تبني الأفكار السلبية والمحبطة عن أنفسنا.
وفي رأيهم أن العقل الباطن يعمل على إنجاز ما نؤمن به ونعتقده عن أنفسنا من أفكار بغض النظر أكانت تلك الأفكار سلبية أم إيجابية ودوره هو تحويل الأفكار إلى أحداث ووقائع ونمط حياة من خلال نشاطه الذي يدفعنا إلى القيام به.
وأن مقر العقل الباطن ليس مع العقل الواعي بل إنهم يعتقدون أن مركزه هو الأحشاء ويدللون على ذلك بأننا عندما نكون محبطين فإن ذلك يؤثر به فنشعر بعدم الرغبة في الطعام أو بالغثيان أو بالاضطرابات المعوية تبعاً لحالتنا النفسية السيئة التي نكون عليها.
ويرى الدارسون أن الاهتمام بعقلنا الباطن والعناية به يجب أن تكون من خلال ما نكونه من أفكار ورغبات وطموحات عن أنفسنا وبقدر ما تكون تلك الأفكار الإيجابية نجد السعادة في حياتنا اليومية ولهذا فإن تجنب الأفكار السلبية وترك الوساوس وللتخلي عن الإحباط يرفع من وتيرة النشاط الإيجابي لدى عقل الإنسان الباطن ويجعله يدير حياته بشكل فاعل وعلى العكس تماماً فإن من يعتقد ويشعر بأنه فاشل فإن عقله الباطن لن يكذبه بل سيعمل على جعله فاشلاً وعلى كل إنسان أن يأخذ الحذر الشديد من نقل الصور السلبية عن نفسه إلى عقله الباطن وإذا فعل ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه.
لمي معروف